يبقى تحدي التنمية الاجتماعية هو المرتكز لتحقيق رضا المواطن في أي مجتمع، ويأتي الاهتمام برقي الحال من المواطنين، أفراداً وأُسراً، الأساس لتقليص الفقر، ولتعزيز الاندماج والتجانس المجتمعي. لا يزال السعوديون يتذكرون الزيارة الشهيرة التي قام بها الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز إلى الأحياء الفقيرة، فقد شكلت برامج دعم الأسر منعدمة ومنخفضة الدخل، أحد أبرز برامج التنمية في عهد الملك الراحل؛ حيث تحول الدعم النقدي للأسر المحتاجة إلى دعم شهري مباشر، كما أن الدعم تنوع وزاد، كمًا وكيفًا.
ولعل الأهم كان وضع استراتيجية وطنية لمكافحة الفقر، والمناداة بـ «التنمية المتوازنة». إذ يقدر عدد الأسر المستفيدة من الضمان بما يقل عن مليون أسرة، بإعانات نقدية شهرية تقدر بنحو 1.2 مليار ريال، كما أن أعانةً نقدية شهرية تصرف لنحو نصف مليون مواطنة، أغلبهن من المطلقات والأرمل.
انطلقت رؤية الملك عبدالله لمكافحة الفقر من التركيز على المواطن، صحةً وتعليماً ودخلاً، والعناية بمنخفضي ومعدومي الدخل. وقد اهتم بتحقيق ذلك عبر محورين المتكاملين..
الأول: ضخ مزيد من الأموال في مؤسسات وأجهزة الدعم المباشر للمواطنين، مثل: صندوق التنمية العقارية، والبنك السعودي للتسليف والادخار، ودعم برامج وكالة الضمان الاجتماعي.
والثاني: توفير برامج للسكن، فقد أنشأ هيئة للإسكان تحولت إلى وزارة وخصص لها مبالغ ضخمة لتحقيق الأهداف التي كان يرجوها الملك الراحل. ففي الزيارة الشهيرة للملك الراحل - كان وقتها وليا للعهد - التي قام بها إلى الأحياء الفقرة في عام 2002، وما جسدته تلك الزيارة «من إزالة للقناع عن وجه الفقر بقصد مكافحته دون هوادة، فقد كانت تلك الزيارة وما تلاها من مبادرات قادها الملك عبدالله (رحمه الله) إنجازا يسجل للملك؛ ففي عهده وضعت استراتيجية لمكافحة الفقر، وأنشيء صندوق خيري وطني لدعم هذه الاستراتيجية، ولمنح الأسر المحتاجة موارد مالية، والعناية بأبنائها من ناحية التعليم، وضرورة تأهيلهم وتدريبهم حتى يسهموا في رفع مستوى أسرهم، وكذلك ابتعاثهم.
إضافة إلى البرامج الأخرى، مثل: دعم الأسر المنتجة. فالمبادرات التي أطلقها الملك عبدالله (رحمه الله) في هذا الاتجاه، شكلت في مجملها آليات لتنفيذ استراتيجية وطنية لمكافحة الفقر، عبر رفع مستوى دخل الأسر السعودية منخفضة الدخل، بصور مباشرة وغير مباشرة، بغية إبعادها عن دائرة الفقر.
كما أن الملك عبدالله زار مناطق المملكة، وأكد في خطاباته على تحقيق التنمية المتوازنة، وتم تضمين عبارة (التنمية المتوازنة) للخطة الخمسية التاسعة كهدف تسعى الحكومة لتحقيقه؛ فبعد أن كانت التنمية طوال السنوات الماضية تتركز محور شرق- وسط- غرب، أصبح لزاما العناية بالأطراف والشمال والجنوب، فمن سمات (التنمية المتوازنة) رعاية الأسر المحتاجة في مختلف المناطق، وسيتطلب تنفيذ مبادرة التنمية المتوازنة عدة سنوات؛ لتلافي نشوء بؤر وأحزمة للفقر ومكافحتها، وأن تتابع وكالة الضمان الاجتماعي هذه المواقع وتزيد من التركيز عليها، ولا بد من وجود مبادرات لحل المشكلة من جذورها، ودراسة أسباب نشوء هذه الظاهرة.
والفقر، مرض وحالة اجتماعية، لا بد من علاجها من الجذور؛ فالبلدان الثرية والصناعية الكبرى لديها فقر، ولديها برامج لمكافحته وللتعامل معه كظاهرة اجتماعية تهدد المجتمع. ولا بد من القول أن البرامج المنفذة حالياً في المملكة مهمة ومطلوبة، ولا بد أن تستمر وتغذى بالمبادرات دونما انقطاع، بما في ذلك ضرورة أن يكون لكل أسرة سعودية دخل شهري مستقرّ يتناسب وعدد أفرادها، ففي الفترة الراهنة تستخدم وكالة الضمان الاجتماعي وسائل بسيطة في قياس مدى الحاجة إلى دعم أسرة ما، فقد يكون لدى الأسرة دخل لكنه لا يتناسب وعدد أفرادها، ولا مع الحد الأدنى للنهوض بتكاليف ضرورات الحياة.
نقلا عن اليوم