تفاجئ كاتب هذه السطور في حواره مع أحد العاملين في إدارة الصناديق بعدم معرفته بصـناديق التداول أو ما يعرف بصناديق المؤشرات المتداولة ، والتي تعد واحدة من أهم الخيارات المتاحة في سوق الأسهم السعودية وتحديدا لمدراء صناديق الاستثمار وعموم المستثمرين ، المفاجأة دعتني أكتب في هذا المجال ، لقناعتي بأهمية الأداة الاستثمارية التي كنت ومازلت أمارس التداول عليها في السوق الأمريكي على المستوى الشخصي ، ولقناعتي بأنها واحدة من الأدوات التي يجب أن يكون لها بالغ الأثر في مكونات ونتائج صناديق الاستثمار بشكل عام.
صناديق المؤشرات المتداولة ETF ، ظهرت لأول مرة في السوق الأمريكية AMEX عام 1993 ، وجاءت فكرة إنشاء هذه الصناديق نتاج التكنولوجيا الحديثة التي تتميز بسرعة نقل المعلومات وتداولها ، إذ ساهمت التكنولوجيا الحديثة في إيصال المعلومات لدى شريحة المستثمرين بشكل لافت ، ولرد الصدى لتلك المعلومات فائقة السرعة ، كان لازما على شركات توظيف الأموال والاستثمار أن توظف تلك التكنولوجيا في إنشاء منتج يتلازم معه سرعة المعطيات من معلومات وأسعار لأولئك المستثمرين.
تختلف صناديق المؤشرات المتداولة ETF ، عن التقليدية في أنها مدرجة ولا تحتوي على سعر تقييم NAV أسبوعي أو شهري، وبإمكان مدير الصندوق أو المستثمر أن يقوم بشراء وبيع وحدات الصندوق المتداول كما لو قام بشراء وبيع أسهم ، ما يميز هذا النوع من المنتجات في أن مدير الصندوق ETF يقوم بشراء عدد محدد من الأسهم بعد دراسة جودتها وتقييم أسعارها في السوق ، ثم يعلن ذلك بشكل يومي عن أهم التغييرات التي طرأت على مكونات الصندوق ، فعلى سبيل المثال : لو قرر مدير صندوق Mutual Fundفي سوق الأسهم السعودية أو مستثمر أن يهتم في قطاع البنوك تحديدا ، وكانت لديهم حيرة في اختيار ثلاثة إلى خمسة بنوك مدرجة ، ولأهمية توزيع أصول المحفظة الاستثمارية أفضل توزيع ، فأن قرار البحث عن صندوق ETF يستثمر في قطاع البنوك وفي تلك الأسهم تحديدا سيكون بديلا عن شراء خمسة بنوك ، هنا المستثمر قرر أن يخفض درجة المخاطر التي قد يتحملها في حال قام بشراء أسهم خمسة بنوك عوضا عن شراءه لسهم واحد وهو صندوق مؤشرات متداولة يستثمر في قطاع البنوك تحديدا.
في عام 2010 ، أي قبل خمسة سنوات ، شرعت هيئة السوق المالية السعودية بالموافقة لشركة فالكم بإدراج أول صندوق في قطاع المؤشرات المتداولة ، وهو صندوق فالكم 30 للأسهم السعودية ، ثم تبع ذلك إدراج صندوق فالكم لقطاع البتروكيماويات ، وصندوق مؤشر HSBC 20 ، ومنذ ذلك التاريخ لم يشهد قطاع صناديق المؤشرات المتداولة أية حركة إيجابية تـذكر من حيث تبادل وحدات تلك الصناديق ، بالإضافة إلى قيم وأسعار تلك الوحدات المدرجة ، لا بل لم أقرأ أن هناك صندوق استثماري Mutual Fund ، كان قد تملك أو كان من ضمن أكبر مكوناته أحد تلك الصناديق المتداولة ، وهنا السؤال : لماذا ؟
ما أود أن أركز إليه في هذه السطور إلى أن أحد أهم تحديات هيئات أسواق المال في كل مكان هو تحقيق الكفاءة لفرضية كفاءة السوق ، فالكفاءة تتطلب أن يتساوى عموم المستثمرين ومدراء الصناديق في حصولهم على المعلومات عن الشركات ، تلك المعلومات التي ستنعكس على أسعار الأسهم ، أعتقد أن صناديق التداول المتداولة ETF ، تعطي ميزة تنافسية للمستثمرين الأفراد في تقليل مخاطرهم بناء على قرارات استثمارهم في تلك الصناديق المتداولة عوضا عن استثمارهم المباشر في الأسهم ، إذ في الأخيرة يتطلب من المستثمر البحث عن المعلومات وتحليل الأسهم تحليلا أساسيا ، أما في الأولى فأن من سيقوم نيابة عن المستثمرين الأفراد بتحليل الأسهم والبحث عن المعلومات الخاصة بالشركات صناع سوق لتلك الصناديق المتداولة ، ومع هذا التباين في المزايا بين المستثمرين الأفراد ومدراء صناديق الاستثمار ، يظل صندوق المؤشرات المتداولة ETF وعاء استثماري مهم لمدراء المحافظ والصناديق الاستثمارية أسوة بالمستثمرين الأفراد ، فمرونة حركة أسعارها ، وسرعة اقتناءها وبيعها ، وتساوي تكلفة شراءها مع الأسهم ، تعد مزايا تساهم في إيقاع نتائج مدراء الصناديق إيجابا أو سلبا ، لاسيما المستثمرين الأفراد.
برغم ذلك ، يظل السؤال قائم : لماذا تفاجئ كاتب هذه السطور كما جاء في السطر الأول من هذا الرأي ؟ سنجيب في المقال القادم.
أشكرك على إثارة هذا الموضوع الهام، وإلى أن نقرأ بقية المقال الأسبوع القادم إليك ببعض المقالات كتبتها عن هذه الصناديق: 1) هل من حل لفشل صناديق المؤشرات المتداولة؟ http://www.aleqt.com/2014/04/08/article_839513.html 2) أسباب فشل أسهم صناديق المؤشرات المتداولة http://www.aleqt.com/2012/09/10/article_691202.html