الاستثمار الصناعي يجنبنا مخاطر تقلبات النفط

07/01/2015 0
زياد محمد الغامدي

الاستثمار الامثل لعوائدنا النفطية يكون في البنية التحتية التي تؤهلنا في المنافسة الصناعية والخدمية.

والمنطقي ان يكون استثمارنا في البنية التحتية مؤهلا لأن نكون منافسين في مجال الطاقة، وخصوصا اننا احد اهم دول العالم في تصدير الطاقة. والتركيز في الاستثمار الصناعي الموجه للطاقة بداية منطقية لتكوين وتأسيس صناعي عام لمنتجات صناعية اخرى، نحن في مقدمة الدول التي تستوردها.

الانخفاض الأخير في اسعار النفط ذكر الجميع بخطورة اعتمادنا الكلي على النفط اعتمادا نسعد معه و ننعم اذا ارتفع سعره، ونضطرب اذا نزل. البنى التحتية التي تم بناؤها في الأعوام الماضية يجب ان تستمر، فالمدن الصناعية والاقتصادية التي تم انشاؤها وتنظيمها و تقديم التسهيلات لإحلال الاستثمارات بها مهمة كمرتكز ونقطة بداية يجب عدم التوقف عندها.

دخول المستثمر الأجنبي لسوق المال السعودي ومشاركته في مجالس الادارات، مهم هو الآخر في تعميق السوق المالية؛ فتوف الخبرات والعمق الاداري للمستثمر الاجنبي في هذه الحالة سينعكس ايجابيا على اداء الشركات المساهمة المدرجة. فالمستثمر الأجنبي يملك القدرة والخبرة على التعامل مع المتغيرات الاقتصادية، كنتيجة لتعرضه لتجارب دولية متعددة.

فليس من قبيل الصدف ابدا ان تكون المصارف والشركات ذات الشريك الأجنبي ذات مستوى ربحي عال، وذات كفاءة تشغيلية كفؤة، حتى تطبيق الحوكمة في الشركات ذات الشريك الاستراتيجي الأجنبي اعمق و أكفأ، وهذا امر مشاهد وملاحظ. ومن هنا فالتوسع في فتح مجال الاستثمار للمستثمرين الأجانب يساهم ويساعد ويدفع نحو تطوير منظومتنا وبيئتنا الاقتصادية، كما يساهم في تسريع حركة التقدم في التشريعات المنظمة لأسواق المال وللبيئة الاقتصادية ككل.

وخطط الاصلاحات القضائية والتعليمية يجب ان تستمر لنكون الأكثر تميزا و كفاءة في هذين المجالين على مستوى العالم. فلا يمكن بناء بنية تحتية سوية تجذب الرواد والمستثمرين بدون نظام قضائي متقدم يلجأ اليه عند التنازع و الاختلاف. كما لا يمكن بناء اقتصاد بلا نظام تعليمي صارم يكون الانضباط والكفاءة والثقافة والإبداع والتميز احد اهم مخرجاته. فالنظام التعليمي نواة نجاحنا على كافة المستويات سواء اقتصاديا او اجتماعيا او ثقافيا. فصلاح نظامنا التعليمي يؤدي لا محالة الى صلاحنا في الأمور كلها، ويسهل علينا ايضا تقبل التغيير على المستوى الثقافي والاجتماعي والاقتصادي. التعليم السوي يخرج جيلا طموحا يقبل التحدي ويسعى للابتكار و الاضافة، كما ان التعليم السوي يخرج جيلا يرفض الفساد ويمقته ويحاربه و يسعى لتحجيمه وتصغير من يتلوث به، فخير ما يحارب به الفساد العلم والثقافة، فداء الفساد لا يقضي عليه الا الفرد المتعلم المثقف الذي لا يرضى الانغماس في هذه الرذيلة القذرة التي لا تدخل وتتغلغل في مجتمع إلا وتحطمه وتقضي عليه.

ان الانخفاض في اسعار النفط يجب ان يكون دافعا نحو تسريع وتيرة الإصلاحات التي متى اكتملت يكون الطريق امامنا ممهدا للمنافسة الشريفة. فالتجارب الدولية لدول مشابهة لنا في تعداد السكان تؤكد ان بالإمكان منافسة الدول الكبرى اقتصاديا. ولنا في كوريا الجنوبية مثال على ذلك. فهذه الدولة التي لا تملك أي مورد طبيعي والتي يبلغ تعداد سكانها حوالي الأربعين مليون نسمة فقط تنافس الصين ذات المليار نسمة واليابان التي يتجاوز سكانها المائة مليون نسمه والهند بل وحتى الولايات المتحدة. لا بد لنا ان ننافس صناعيا وخدميا ولا بد من تسخير كافة الإمكانات في سبيل ذلك. فالنفط بطبيعته مورد ناضب، وسعره متقلب، ولا يمكن الركون والاعتماد علية للأبد، لا بد ان نتحرك قبل فوات الأوان؛ فعقارب الساعة لا تعود للوراء، وركب التقدم الإنساني ماض للأمام، ولا بد لنا ان نترك بصماتنا بما يضمن لنا ان نكون في طليعة المسيرة الحضارية للإنسانية.

 

نقلا عن اليوم