ما الذي تنتظره الأسواق خلال عام 2015؟

01/01/2015 4
خالد أبو شادي

انتهى عام 2014 ورحل بحلوه ومره، لملم أوراقه إلى غير رجعه، واستقبلنا عاما جديدا بدايته اليوم يتطلع فيه الجميع إلى نجاحات ربما مؤجلة أو مستهدفه وأحيانا لا تكون متوقعة، ومثلها الإخفاقات لا يرتب لها ولا يتمناها أحد بالطبع.

لكن ماذا عن الأسواق التي تخذل بعض متداوليها وترفع آخرين؟ هل من المنتظر أن تواصل الأسواق العالمية ارتفاعاتها؟

ونحدد الكلام على وول ستريت التي تعد بمثابة "كوكتيل" مصغر لما يحدث في أسواق العالم، ناهيك عن سوق السندات الضخم، والمشتقات، ولن نقول العملات حيث تتمتع لندن بمكانة لم تهتز في تعاملات سوق الفوركس وتسبق نيويورك بخطوات.

كلمة السر لا تزال كما هي الدولار بلا تغيير، فمع تواصل ارتفاع العملة الأمريكية اهتز سوق النفط وتفاقمت خسائره، ومعه بقية السلع سواء للمعادن الثمينة أو الأساسية،  لكن كيف يمكن تقييم الأمر؟

من المعلوم لدينا أن تحرك العملة الأوروبية الموحدة أمام الدولار يمثل مؤشرا على تحرك العملة الخضراء بنسبة كبيرة فلها نصيب الأسد بين ست عملات تمثل سلة مؤشر "دولار اندكس"  حوالي 57.6%، بالمقارنة مع أقرب منافسيها وهو الين الياباني عند 13.6% فقط.

هذا يعني أن متابعة تحرك اليورو أمام الدولار ليست هامة للوقوف على حالة كلا العملتين فقط، بل لإستحواذها أيضا على الحصة الأكبر في سوق العملات التي بلغ حجم تعاملاتها اليومية 5.3 تريليون دولار في المتوسط خلال أبريل/نيسان عام 2013 كما أشارت احصاءات بنك التسويات الدولية.

كل الشواهد تشير إلى تواصل ارتفاع الدولار أمام اليورو، حيث الإحتمالية الأكبر لرفع الفائدة من قبل المركزي الأمريكي في النصف الثاني عام 2015، بجانب اطلاق برنامج تحفيزي من المركزي الأوروبي لاحقاً هذا الشهر سيزيذ من الضغط على العملة الأوروبية.

لكن هذا لن يتأكد إلا بإختراق الحد السفلي لمنطقة الدعم القوية لتحرك اليورو أمام الدولار عند 1.21، وقد بدأت أولى ارهاصات ذلك بالهبوط أسفل ذلك المستوى أمس مع آخر أيام العام الذي ولى، وضغط ذلك على تحرك خام نايمكس ليحقق أدنى أسعاره خلال العام أيضا عند 52.44 دولار.

تواصل ارتفاع الدولار سيعني مواصلة خسائر النفط مع الذهب وبقية السلع وان كان بنسب متفاوتة، في حين تظل العلاقة "انفصالية" مع سوق الأسهم الذي من الممكن أن يواصل ارتفاعاته القياسية؟ نعم يظل هذا ممكناً لكن ليس بنفس قوة عام 2014، وذلك بالنظر لطبيعة الدورة الرئاسية.

سوق العمل الأمريكي يتحسن ومعدل البطالة يتراجع، على الرغم من نسبة ذلك إلى تراجع نسبة القوى العاملة المشاركة نظرا لتخارج الكثير ممن هم قادرين على العمل قانونياً من سوق البحث عن وظائف، لذا يبقى هاجس التضخم هو المقلق في المعادلة التي يجب على "جانيت يلين" العمل على تعديل اتزانها، وهو ما سيتحسن برفع معدل الفائدة.

تجدر الإشارة إلى ان تحديد مستهدفات بالأرقام بعينها لمتابعة مؤشرات الأسواق لا سيما الداو جونز ربما يكون مفيدا، لكن الأفضل النظر لزخم التحرك "المومنتم" ومتابعة نقاط ضعفه وقوته على الأطر الزمنية الكبيرة بعد تجاوز قمم تاريخية وتحقيق مستويات قياسية جديدة مرات عديدة تجاوزت الثلاثين اغلاقا لمؤشر الداو جونز خلال العام المنصرم.

وهو ما يعني في نظري المتابعة الدقيقة لتغيير محتمل في اتجاه تحرك أى سوق، وعدم التعجل في الحكم انتظارا للتأكيد، وما لم يتغير الإتجاه فلا داعي للقلق.

وتبقى الإشارة إلى تواصل الإضطرابات الجيوسياسية سواء في أوكرانيا أو الشرق الأوسط التي ما عادت تلتفت إليها الأسواق حيث لم يظهر على سبيل المثال أثر انخفاض انتاج ليبيا النفطي على سوق الذهب الأسود، لكن انتقال مسار الصراعات إلى مناطق جديدة سيترك أثرا ولو لفترة.

وفي رأيي فإن وجود مفاجأة أمريكية بتأخير رفع الفائدة إلى ما بعد 2015 مع تواصل اللهجة "الدبلوماسية" التي تنتهجها "جانيت يلين"  سيكون سلاحا ذا حدين، حيث دعم صعود الأسهم بشكل ما رغم أنه لن يكون كبيرا أو مؤثراً لكن في المقابل سيثير قلقاً أكبر تجاه نمو أكبر اقتصاد عالمي، وهو ما سيكون له الغلبة.