ما ذكره معالي وزير المالية الدكتور ابراهيم العساف بأن «السياسة المعاكسة للدورات الاقتصادية نجحت في الماضي بتلافي الحد أو التخفيض الكبير في انفاق الحكومة نتيجة لوجود ما سميته خطوط دفاع متمثلة في الدين العام الذى وصل هذا العام الى 44 مليارا وهى نسبة لا تذكر مقارنة بحجم اقتصاد المملكة وكذلك وجود الاحتياطيات الكبيرة» يمثل أعلى درجات التأكيد على صواب السياسة النقدية والنهج الاقتصادي السليم الذي تتبعه بلادنا.
الخيارات المتاحة لسد عجز الموازنة المتوقع لعام 2015 والبالغ 145 مليار ريال، تشمل الاقتراض او السحب من الاحتياطات، وما سيحدد الخيار المتبع لسد العجز هو الحالة والتكلفة وقت السحب كما ذكر معالي الوزير.
ويغلب على الظن اللجوء للاقتراض لسد العجز المتوقع عوضا عن خيار السحب من الاحتياطات خصوصا وأن معدلات الفائدة منخفضة في الوقت الراهن، ولا يوجد بوادر رفعها على المدى المتوسط نظرا لحالة الركود العميقة التي تمر بالاقتصاد الدولي.
فالتكلفة المنخفضة ميزة لا بد من استغلالها، وهذا يعتبر استخداما مثاليا للمتاح دون التعرض للاحتياطات التي تم بناؤها في الأعوام الماضية.
والاقتراض لا يعني اللجوء للخارج في كل الأحوال، على الرغم من ان التمويل بالاقتراض من المصارف الخارجية خيار متاح، الا انه لا يمثل الخيار المتوقع والمثالي، خصوصا وأن الاقتراض الداخلي يحمل مميزات اكثر اغراء واكثر أمانا من الاقتراض الخارجي.
فالاقتراض الداخلي يجنب بلادنا مخاطر عدة، منها على سبيل المثال مخاطر تقلبات اسعار الصرف التي قد تأخذ منحى سلبيا يزيد من تكلفة سداد الدين.
كما ويجنب الاقتراض الداخلي بلادنا مخاطر التعرض لضغوطات دولية (وهذا في اسوأ الظروف) من قبل المقرضين في حالة الانخفاض الحاد في اسعار البترول بطريقة غير متوقعة، يزيد معها مقدار عجز الموازنة.
بالإضافة الى ان الاقتراض الداخلي منشط لقنوات الاستثمار الداخلي وخصوصا للمصارف التي تتمتع بسيولة استثمارية عالية وملاءة ممتازة، ولغيرها من الشركات ذات السيولة النقدية العالية والتي ستستفيد من هذه القناة الاستثمارية ذات المخاطر شبه المعدومة والمهمة.
استخدام خيار الاقتراض الداخلي متوقع لأن نسبة الدين للناتج المحلي اقل من 2%، وهذه نسبة متدنية جدا بالمقارنة مع الوضع الاقتصادي الدولي.
ولا يضر رفع هذه النسبة لإكمال منظومة البنية التحتية التي متى اكتملت ستزيد من قوتنا الاقتصادية وستساهم في بناء قاعدة صلبة تساهم في نشأة اقتصاد يقوم على التنويع، فالبنية التحتية احد اهم قواعد واركان أي اقتصاد يقوم على التنويع.
يجب ان ينظر للاقتراض على انه وسيلة لتحقيق هدف، وليس غاية في حد ذاتها.
وهذه الوسيلة اذا استخدمت بعناية وبحكمة ورشد وتقنين للوصول الى هدف البناء الذي يزيد من صلابتنا وقوتنا الاقتصادية، دون المساس بالاحتياطات التي تم بناؤها، تكون وسيلة مثلى وصائبة بل وواجبة وفق الظروف والتقديرات المصاحبة.
شخصيا لا اشك اننا قادرون على ادارة اوضاعنا المالية بما يحقق الاستخدام الأمثل لكافة الخيارات المتاحة وبما يحقق اعلى درجات الكفاءة في البناء وتحقيق الخطط. ويجب ان نضع نصب اعيننا حقيقة انه لا يمكن بناء اقتصاد مثالي يعتمد على النفط كمصدر اوحد للدخل.
ان وضع اقتصادنا القائم والمعتمد بشكل شبه كلي على النفط يجب ان يكون وضعا مؤقتا، ولا بد من العمل على بناء اقتصاد يقوم على التنويع الصناعي الخدمي، ولا بد من وضع الخطط المحكمة للوصول الى ذلك.
فالنفط يجب ان يكون مصدرا للوقود وللطاقة وليس مصدرا للدخل.
النفط يجب ان يكون أداة لتحريك وتشغيل آلتنا الصناعية التي يجب ان ننافس بها منتجي الأدوات والمنتجات الصناعية في العالم.
كما ويجب احكام الرقابة الصارمة على مصروفاتنا بما يضمن اقل درجات الهدر المالي. تاريخيا نجحت بلادنا في تخطي كافة الصعاب المالية والتقلبات الاقتصادية التي عصفت بالعالم.
والوقت قد حان للانتقال من مصاف الدول التي تعتمد على الموارد الطبيعية الى الدول التي تعتمد على المنتجات الصناعية والخدمية.
نقلا عن اليوم
سنستمع الى سمفونيات الدين العام وشدوا الحزام والدخل المحدود واو
من المتوقع ان يكون للقطاع البنكي من أوائل القطاعات المستفيدة من عجز الميزانية، والمتوقع أن يكون له دورٌ بارزٌ في سد هذه الفجوة، أي أن عملية الإقراض وتمويل هذا العجز من قبل القطاع البنكي كما صرح الدكتور العساف و سيعود بالفائدة على هذا القطاع وبالتالي على القطاع الخاص الى حد ما .....!!