تم الإعلان عن ميزانية 2015 التي كان يترقبها الكثيرون، حيث أن انخفاض أسعار النفط زاد من أهمية إعلان ميزانية هذه السنة، وذلك لارتباط حجم الميزانية بالنشاط الاقتصادي بشكل عام وعلى رأسه النشاط الاقتصادي بالقطاع الخاص.
جاءت ميزانية 2015 ضمن التوقعات، حيث كانت النفقات المقدرة 860 مليار ريال، أما الإيرادات المتوقعة فكانت 715 مليار ريال.
أي أن سعر النفط المتوقع والذي تم تقدير الإيرادات بناء عليه يتراوح بين 65-75 دولارا، وهو أعلى من أسعار النفط الحالية. رغم أن العادة جرت على أن الميزانية تكون بناء على سعر نفط متحفظ جدا.
وقد يوحي ذلك بأنه هناك قناعة راسخة لدى وزارة المالية بأن أسعار النفط سترتفع خلال السنة القادمة. وكانت تقديرات عجز الميزانية حوالي 145 مليارا. وبذلك يكون سعر النفط المطلوب حتى نتجنب أي عجز هو حوالي 85-90 دولارا.
المفاجأة لم تكن في أرقام ميزانية 2015 وإنما في أرقام ميزانية 2014 الفعلية. حيث أعلنت المالية عن إنفاق أكثر من 1100 مليار ريال خلال 2014، وهو رقم ضخم جدا وغير مسبوق. وأدى هذا الإنفاق الهائل إلى إعلان عجز في ميزانية 2014 بلغ حوالي 50 مليار ريال.
العلاقة بين أرقام 2015 وأرقام 2014 تشكل أهمية كبيرة على الاقتصاد، حيث أن المصروفات المتوقعة لعام 2015 ستكون أقل بحوالي 240 مليار ريال – أي بانخفاض نسبته أكثر من 20% مقارنة بعام 2014، بالنسبة إلى اقتصاد مثل الاقتصاد السعودي، يعتمد بشكل شبه كامل على الإنفاق الحكومي، فإن هذا الانخفاض سيكون له أثر سلبي واضح على الناتج المحلي وعلى القطاع الخاص، لذلك لا أعتقد أن وزارة المالية ستلتزم بأرقام الإنفاق المعلنة لعام 2015، وأرجح أنها ستنفق رقما قريبا من حجم إنفاق عام 2014.
ولكن هذا يعني – في حال استمرت أسعار النفط على مستوياتها الحالية – أن العجز سيكون ضخما جدا.
وسيتجاوز 400 مليار ريال، وسيتم استهلاك هذا المبلغ من الاحتياطيات الحكومية، وهي الاحتياطيات التي قدر صندوق النقد الدولي أنها ستصبح تساوي صفرا إذا انخفض سعر النفط 25 دولارا فقط واستمر مستوى الإنفاق الحكومي دون تخفيض.
جميلة لغة الأرقام حين تقوم بتعرية الفساد وسوء التخطيط بطريقة ناعمة وغير مباشرة. أحسنت