تأثر البتروكيماويات العالمية والمحلية بانخفاض أسعار النفط

30/12/2014 4
د. سليمان الخطاف

يتم انتاج نصف البتروكيماويات الأساسية حول العالم من «لقيم النافثا» والنصف الاخر من سوائل الغاز الطبيعي (ايثان وبروبان وبيوتان).

وتضطر المصانع في اوروبا واسيا حيث لا يتوفر الغاز الطبيعي وسوائله لشراء النافثا لتحويله الى بتروكيماويات واما بالنسبة لدول اوبك وامريكا الشمالية فيتم استخدام سوائل الغاز الطبيعي.

وتنتج 90% من الاولفينات في منطقة الخليج من سوائل الغاز الطبيعي وفي الولايات المتحدة ومع طفرة صناعة الغاز الصخري وصلت النسبة الى 80% بعد ان كانت حوالى 60% قبل 8 سنوات.

ومع ارتفاع اسعار النفط واجه منتجو البتروكيماويات من «لقيم النافثا» تحديات اقتربت من اخراجهم من هذه الصناعة لارتفاع اسعار «لقيم النافثا» ما اضطرهم لشراء الايثان والبروبان من امريكا.

والان هبط سعرخام برنت الى حوالى 60 دولارا للبرميل في اواخر شهر ديسمبر الحالي اى بحوالى 45% عن اسعار منتصف العام الحالي.

وانخفضت على اثرها اسعار النافثا من 1000 دولار للطن الى حوالي 500 دولار للطن. وبذلك اقتربت اسعار النافثا الحالية من اسعار سوائل الغاز في امريكا الشمالية وبدأت تلقي بظلالها على الشركات الامريكية.

ويعتبر انخفاض اسعار النافثا الى هذه المستويات بمثابة طوق النجاة لمنتجي البتروكيماويات في اوروبا واليابان بعد ان اوشكوا على الافلاس. ولذلك قد نشهد تأثيرا سلبيا على منتجي البتروكيماويات من سوائل الغاز الطبيعي.

وعلى الصعيد العالمي، تعتبر «باسف» الالمانية وسينوبك «الصينية» وداو كميكال وسابك وشل واكسون موبيل وليونيدل باسل من اكبر الشركات البتروكيماوية.

ولقد دخلت شركة التصنيع السعودية قائمة اكبر 100 شركة كيميائية عالمية لتحتل المرتبة 89 اذ وصلت قيمة مبيعاتها الى حوالي 4.9 مليار دولار في عام 2013م. ولقد تأثرت جميع الشركات البتروكيماوية بالعالم بصورة ملحوظة بهبوط اسعار النفط.

وترتبط اسعار البتروكيماويات العالمية باسعار لقيم النافثا المشتق مباشرة من النفط الخام.

فاذا ارتفعت اسعار النفط كان ذلك لفائدة اسعار البتروكيماويات وفي هذه الحالة جرت العادة بأن يتحكم منتجو البتروكيماويات بالاسعار، واذا انخفضت اسعار النفط كما يحدث حالياً فيأخذ المستهلكون زمام المبادرة ويحددون بدرجة كبيرة الاسعار ويجبرنوها على النزول.

وتصنع البتروكيماويات في اوروبا واسيا من المشتقات البترولية كالنافثا حيث ينتج حوالى 44% من الايثيلين وحوالي 60 % من البروبيلين في العالم من التكسير الحراري للنافثا.

ولقد انخفضت اسعار البتروكيماويات العالمية مؤخراً بسبب نزول اسعار النفط فعلى سبيل المثال انخفض سعر بلاستيك البولي ايثيلين بحوالي 25% من منتصف هذا العام الى الان.

وانخفضت كذلك اسعار بلاستيك البولي بروبيلين بحوالي 25% لنفس الفترة. وانخفضت اسعار احادي جلايكول الايثيلين وهو من اهم المنتجات السعودية من 1150 دولارا للطن الى 950 دولارا، اى بحوالى 18%.

ويتشابه انتاج البتروكيماويات في المملكة مع تلك في الولايات المتحدة الى حد كبير نظراً لاستخدام لقيم سوائل الغاز الطبيعي بعكس اوروبا وآسيا اللذين يعتمدان كلياً على مشتقات النفط.

فعلى سبيل المثال، في عام 2013م وبفضل طفرة الغاز الصخري اصبح معظم الانتاج الامريكي للبلاستيك مصنوعا من لقائم الايثان (58%) والبروبان والبيوتان (22%).

وفي هذا الاطار تعد شركتا ليونديل باسل وويست لايك من اكثر الشركات المستفيدة من ارتفاع اسعار النفط لانهما من اوائل من استخدم سوائل الغاز الصخري الرخيصة مقارنة بالنافثا الثمينة لاسيما حين كان سعر النفط فوق 100 دولار للبرميل.

واذا قارنا تأثر الشركات العالمية والمحلية بانخفاض اسعار النفط لوجدنا ان هنالك تباينا بحدة الانخفاض بين الشركات العالمية والشركات المحلية في المملكة.

ويعرض الجدول التالي اسعار بعض اسهم الشركات البتروكيماوية المحلية والعالمية قبل هبوط اسعار النفط وخلال الهبوط للفترة من 1 سبتمر2014م الى 16 ديسمبر 2014م.

ويشير الجدول الى ان اسعار اسهم سابك انخفضت بحوالى 46% وينساب بحوالى 48% والتصنيع بحوالى 45 % خلال هذه الفترة وذلك بحسب موقع تداول.

وهذا يدل على ان كبرى الشركات البتروكيماوية في المملكة تفاعلت سلبياً وهو متوقع مع نزول اسعار النفط.

ولكن ان تهبط اسعار أسهمها بأكثر من 45% يبقى شيئا غير مفهوم. والغريب ان نسبة الهبوط هذه تطابق تماماً نسبة الهبوط باسعار النفط.

وللمقارنة فلقد وجد ان قيمة اسهم «باسف» هبطت بحوالى 10% واسهم شركة «داو كميكال» هبطت بحوالي 19%.

وهذا يدل على ان تأثير هبوط النفط على اسهم الشركات العالمية الكبرى مثل «داو وباسف» بقي تحت 20%.

واما ليونيدل باسل ولأن معظم انتاجها هو البلاستيك المرتبط بطريقة غير مباشرة باسعار النفط فلقد انخفض سعر اسهمها بحوالي 37%.

ويجب ان لا يغيب عن البال ان سعر سهم ليونديل باسل كان في 1 سبتمبر 2010م، 20 دولارا، أي انه ارتفع بحوالي ستة اضعاف في اربع سنوات مستفيداً من طفرة الغاز الصخري. ولذلك فان لهبوطه معنى، خاصة بعد الارتفاعات الكبيرة المتتالية.

واما سهم اكسون موبيل فلقد نزل 13% رغم انها معنية بنزول اسعار النفط اكثر من اي شركة اخرى. وانخفضت اسهم شل بحوالى 23% رغم اعتمادها المباشر على انتاج النفط والغاز.

وفي الختام انخفضت اسعار النفط بحوالي 45% وانخفضت على اثرها اسعار اسهم الشركات البتروكيماوية السعودية تقريباً بنفس النسبة.

وانخفضت اسعار البتروكيماويات بالعالم بحوالي 25% وانخفضت على اثرها اسعار اسهم الشركات باوروبا وامريكا بأقل من 25% (باستثناء ليونيديل باسل» بسبب الارتفاعات الكبيرة التي حققتها من وراء الغاز الصخري).

ولذلك من غير المفهوم ان تتفاعل الشركات البتروكيماوية السعودية سلبياً بهذه الحدة رغم ان اسعار سوائل الغاز والغاز الطبيعي في المملكة من الارخص في العالم.

وحالياً يبلغ سعر طن الايثان في امريكا الشمالية وفي اوج طفرة الغاز الصخري اكثر من 200 دولار وفي المملكة لم يتعد 40 دولارا من اكثر من 16 سنة.

ويبلغ سعر طن النافثا العالمي حالياً حوالي 500 دولار وفي المملكة تبلغ سعر سوائل الغاز الطبيعي الشبيهة بالنافثا حوالي 350 دولارا.

ومع كل هذه المميزات التي تتمتع بها صناعة البتروكيماويات في المملكة نجدها أول من يتأثر بهبوط اسعار النفط رغم الدعم السخي من الدولة.

نقلا عن اليوم