هناك جهود وهناك نتائج، وبذل الجهد أساسي لتحقيق النتيجة، لكن الجهد وحده قد لا يؤدي للنتيجة المتوخاة.
والتخطيط التنموي في بلدنا له رؤية استراتيجية منشورة على موقع وزارة الاقتصاد والتخطيط على الانترنت، وقد تمخض عن خطط خمسية.
وفي الخطط الخمسية أهداف كمية محددة، لكننا لا نتوقف فيما يبدو طويلاً إن لم تتحقق، ففي نهاية كل عام نعلن عما خصص من أموال ولكن لا نعلن عما تحقق نتيجة لرصد الأموال لعامٍ مضى. أدرك -وغيري كثيرون- أن هناك تقارير تفصيلية تُعَدّ، لكني أتحدث هنا عما يُعلن ويُنشر.
وفيما يتعلق بالإعلان والنشر، فجدير بالقول ان الحكومة الموقرة تبنت اسلوباً مبادراً للتعامل مع تبعات الأزمة المالية العالمية، وقد جنت نتائج ذلك بالحفاظ على توازن الاقتصاد السعودي في البداية وأخذه للنمو بعد ذلك.
ورغم تباطؤ عجلة النمو في العام 2013 (1.54بالمائة) مقارنة بالعام 2012 (8.6بالمائة)، إلا أن المملكة تسعى دائماً لتحقيق الاستقرار الاقتصادي دون الاخلال بدفع عجلة التنمية قدماً مستفيدة من تجاربها خلال ربع القرن المنصرم، وذلك من خلال ستة مرتكزات:
سداد الدين: فقد اصرت الحكومة -على الرغم من الجدل الاقتصادي المتنوع- على سداد الدين العام بوتيرة حازمة بما يعزز من جاذبية الاستثمارية والائتمانية للحكومة وخزانتها العامة، حيث انخفض إلى نحو 75 مليارا نهاية العام 2013،
بناء احتياطي: اتخاذ خطوات معلنة لبناء احتياطي للخزانة العامة بما يساهم في تحقيق الاستقرار لإيرادات الخزانة العامة، وبما يبعد شبح العودة للمربع الأول (أي منتصف الثمانينيات من القرن الماضي)، أي الاضطرار للاقتراض لتمويل الانفاق الحكومي،
تعزيز الانفاق العام: الارتقاء بالإنفاق العام لمستويات غير مسبوقة، رغبة في استمرار البرنامج التنموي دونما انقطاع -لاحظوا دون انقطاع- وتحقيقاً للتنمية المتوازنة التي أكدت عليها وثيقة الخطة الخمسية التاسعة.
وتحديداً، استكمال وتحديث وتوسعة البنية التحتية وتعزيز معطيات التنمية الرئيسية من مدارس ومستشفيات ومراكز رعاية صحية أولية، على سبيل المثال لا الحصر. واللجوء للاحتياطي في حال قصور إيرادات النفط.
التنويع الاقتصادي: الحرص على تسريع خطى إنجاز استراتيجية التنويع الاقتصادي بما يحقق آمال الحكومة لإيجاد اقتصاد محلي متعدد المصادر، وذلك من خلال إطلاق عدد من الاستراتيجيات النوعية تتناول الصناعة والتوظيف والنقل، وفي نفس الوقت زيادة رأس مال وإعادة هيكلة وتوسيع دور مؤسسات التمويل الحكومية المتخصصة بمنحها المزيد من المرونة تنفيذاً لأنظمتها وانسجاماً مع تطور متطلبات الاقتصاد والمجتمع، وإعادة طرح برنامج المدن الاقتصادية برؤية جديدة تنطلق من الجدوى الاقتصادية وتحقيق التنمية المتوازنة.
تنمية الموارد البشرية المواطنة من خلال ضبط الاستقدام وتصحيح أوضاعه من جهة ورعاية الباحثين عن عمل من المواطنين والمواطنات، والسعي للارتقاء بقابليتهم للتوظيف عبر منظومة من المبادرات والبرامج، رغبة في خفض معدل البطالة وتحسين انتاجية وتنافسية مواردنا البشرية المواطنة.
الجاذبية الدولية: السعي للعب دور نشط في التجارة العالمية واستقطاب الاستثمارات الأجنبية، وتنامي دورها في الدوائر المالية والاقتصادية الدولية بما يتجاوز الدوائر النفطية وعضوية صندوق النقد الدولي والبنك الدوليين.
وتتضح النقاط الست أعلاه مدمجةً في تصريح وزير المالية، فقد أكد نهج الحكومة الاستراتيجي فيما يتصل بالتنمية بأن تراجع إيرادات النفط في النصف الثاني من العام الحالي (2014) مقارنة بالنصف الأول لن يؤدي لتقليص الانفاق الرأسمالي، كما بين اهتمام الدولة بدفع الاقتصاد لتحقيق نمو إيجابي.
وتجدر الإشارة أن المملكة وللعام الثاني عشر على التوالي تعلن المملكة ميزانية كثيفة في مخصصاتها الرأسمالية، وذلك للإنفاق على المشروعات الجديدة بما يساهم في بناء السعة للاقتصاد السعودي واستكمال ونشر وتعزيز التنمية، ففي العام 2004 كان ما رصد للإنفاق الرأسمالي 37.6 مليار تصاعد حتى بلغ 265 ملياراً في العام 2012، وبلغ أوجه في العام 2013 عندما وصل إلى 285 مليار ريال، وفي العام 2014 خصص 248 مليار ريال.
ولا تجد كل مخصصات المشاريع طريقها للصرف إذ يبدو أن ذلك تحد كبير، فمثلاً مما خصص للعام 2012 لم ينفق إلا أقل من 137 مليارا بما فيها المشاريع الممولة من فوائض الميزانية، أي نحو نصف ما كان مخصصاً.
نقلا عن اليوم