أنهى سوق الأسهم السعودية واحداً من أقوى الأسابيع تذبذباً خلال السنوات الخمس الماضية، فبعد أن واصل المؤشر العام سلسلة خسائره ليلامس مستوى 7،252 نقطة بدأت ملامح الارتداد خلال منتصف جلسة الأربعاء الماضي، ثم أكّد ذلك الارتداد بانفجار سعري خلال جلسة الخميس بارتفاع لامس 9% تقريباً ليصل إجمالي التذبذب الأسبوعي للمؤشر العام حوالي 1،168 نقطة، وهذا التذبذب الكبير يعكس مدى حالة عدم الاستقرار التي عاشها السوق خلال الأشهر الثلاثة الماضية والتي فقد خلالها ما يربو على 35% من القيمة السوقية.
وتلك الخسائر الكبيرة قد تعود إلى التأثير النفسي الكبير على المتداولين جرّاء تراجع أسعار النفط إلى نحو النصف تقريباً، بالإضافة إلى اكتتاب البنك الأهلي والمشكلة المالية لشركة موبايلي، لكن في رأيي أن تعميق خسائر السوق بهذا الشكل كان له سببان رئيسيان، الأول وقوف محافظ الدولة موقف المتفرج مما يحصل وكأن التدخل لإيقاف تلك الخسائر والمحافظة على عدم دخول المواطنين في نكسة اقتصادية كالتالي حصلت عام 2006م ليس من صميم الأمن الداخلي للوطن وأن ذلك الأمر لا يعنيها من قريب أو بعيد.
الأمر الثاني هو تسييل الكثير من المحافظ الاستثمارية والتي كانت تحتوي على تسهيلات بنكية، بعضها يصل إلى 200% من قيمة المحفظة وهذا جعل البنوك تتدافع لتسييل تلك المحافظ الاستثمارية للحفاظ على أموال البنوك.
وما حصل في رأيي لا يمكن أن يمر مرور الكرام وإلا أعاد سيناريو 2006م نفسه مرة تلو الأخرى، وهذا الأمر يفقد الثقة في سوق الأسهم السعودي ويجعله سوقا متقلب المزاج غير صالح للاستثمار لا من المستثمر المحلي ولا من المستثمر الأجنبي.
أهم الأحداث العالمية
يبدو أن التطمينات التي وجهتها المملكة لدول العالم حول تماسك أسعار النفط، وتوافق ذلك فنياً مع دعم 58 دولار جعلت علامات الارتداد الصاعد تظهر على أسعار خام برنت حيث حقق الخام ارتفاعات بلغت 4 دولارات بنهاية جلسات الأسبوع الماضي، لذا من المهم مراقبة مقاومة 67.50 دولار خلال هذا الأسبوع، فاختراق ذلك الأخير يعزز من عمليات الارتداد والتي قد تقود الخام حتى مستوى 72 دولارا، والتي هي أصعب مقاومة للخام خلال الفترة القادمة، أما العودة دون الدعم الحالي 58 دولارا فيعني مواصلة الهبوط حتى الدعم الثاني 48 دولارا.
أما خام وست تكساس فقد تماسك عند مستوى 54 دولارا للبرميل، وبدأ بإعطاء ملامح الارتداد لكن قوة ضغط المسار الهابط منعته من تأكيد ذلك الارتداد، لذلك أرى أن العودة فوق مستوى 64 دولارا تؤكد الارتداد الصاعد، أما كسر دعم 54 دولارا فيعني أن الخام سيواصل هبوطه حتى منطقة 50 دولارا.
من جهة أخرى فإن أسعار الذهب أجد أنها بدأت تعطي إشارات قوية على الصعود، ففي حال احترام دعم 1،150 دولارا واختراق 1،270 دولارا فسوف يكون هناك صعود قوي للمعدن النفيس وهبوط لأسعار الدولار الذي صعد بقوة خلال الأشهر الستة الماضية.
أهم الأحداث المحلية
بعد إقرار مجلس إدارة شركة الغاز والتصنيع الأهلية بتوزيع أرباح ربعية عن الربع الرابع من العام الحالي، من المتوقع أن يتم توزيع الأحقية على مالكي السهم بنهاية تداول اليوم الأحد على أن يكون التوزيع يوم الخميس بواقع 0.55 ريال للسهم الواحد.
التحليل الفني
لا شك أن قوة التذبذب وما حصل الأسبوع الماضي كان له أبلغ الأثر في كسر العديد من الدعوم على المؤشر العام مثل 8،200 نقطة و7،500 نقطة، وهذه القوة في التحرك لا بد أن تجعل المتداول أكثر حذراً في اتخاذ قراراته مستقبلاً خاصةً خلال الفترة القادمة وحتى بداية العام الجديد.
فنياً أتوقع أن يكون هناك ارتفاع بسيط خلال بداية هذا الأسبوع تعقبه موجة من جني الأرباح، وتتأكد هذه الفرضيّة إذا ما تم اختراق مستوى 8،400 نقطة صعوداً ثم العودة وكسر مستوى 8،160 هبوطا، وإذا ما حدث ذلك فيعني أن السوق دخل في موجة جني أرباح طبيعية بعد الارتفاعات القوية نهاية الأسبوع المنصرم، لكن في جميع الأحوال لا يجب مطلقاً كسر دعم 7،950 نقطة لأن كسرها يعمّق من مرحلة التصحيح وهذا يفتح المجال أمام سيناريوهات جديدة.
أما من حيث القطاعات فأجد أن قطاع المصارف سيواصل في رأيي مساره الصاعد حتى مقاومة 19،400 نقطة، والتي قد ينتهي عندها الصعود ليدخل القطاع بعد ذلك في موجة جني أرباح تستهدف دعم 18،250 نقطة كهدف أول، لكن حتى لو كان التصحيح أشد وطأة لا بد من المحافظة على دعم 17،500 نقطة على أبعد حد، حتى لا يتحوّل المسار التصحيحي إلى موجة هابطة رئيسية تجعله يكسر أدنى مستوى حققه خلال الأسبوع الماضي وهو 16،400 نقطة.
أما قطاع الصناعات البتروكيماوية فقد كان له الفضل بعد الله في الامساك بزمام الأمور يوم الأربعاء الماضي، حيث كان السوق في أدنى مستوياته على الإطلاق، حيث بادر القطاع بانتشال السوق من القاع بقيادة سهم سابك والذي كان أول الأسهم القيادية ارتداداً خلال تلك الجلسة، مما جعل السوق يقلّص خسائره وربما ذلك بسبب وصول السهم إلى مستويات مغرية مالياً ودخول العديد من المحافظ الكبيرة في هذا السهم منها صناديق الدولة كما أعتقد.
فنياً أجد أن القطاع يستهدف حالياً مقاومة 6،000 نقطة، والتي قد يبدأ القطاع من عندها موجة جني أرباح والتي لا أتمنى أن تمتد تلك الموجة لكسر دعم 5،400 نقطة، أما الثبات فوق مستوى 6،000 نقطة فسيفتح المجال للقطاع بمواصلة الصعود حتى مستوى 6،550 نقطة.
أما من حيث القطاعات الإيجابية، فهي قطاعات التجزئة والطاقة والاتصالات والتأمين والاستثمار المتعدد والاعلام والفنادق.
في المقابل أجد أن القطاعات السلبية هي قطاعات الاسمنت والزراعة والاستثمار الصناعي والتشييد والبناء والتطوير العقاري والنقل.