حقق سوق الأسهم يوم أمس في أواخر جلسة التداول ارتفاعات جيدة نسبيا حيث ارتفع المؤشر العام بأكثر من 300 نقطة، أي أكثر من 4%، وذلك بعد انهيار في الاسعار استمر منذ أسبوعين، وقد يكون السبب هو أن هناك شعورا عاما بأن الأسعار وصلت مستويات متدنية مغرية للشراء، ولم يعد هناك أي مخاطرة في شراء أسهم شركاتها تصل ربحية سهمها إلى 10 %، وقد يكون ارتفاع موقت ليوم واحد بسبب افتتاح الاسواق الأمريكية على ارتفاع في آخر الجلسة، وهناك ارتباط طردي شبه تام بين الاسواق الأمريكية والسوق السعودي، وقد يكون هناك أسباب أخرى لهذا الارتفاع رغم استمرار نزول أسعار النفط، لا أعلمها ولست بخبير بخبايا سوق الأسهم الذي لا يزال يفتقر إلى كثير من الشفافية.
المؤكد أن هناك عاملا مهما جدا في التأثير على سوق الأسهم، هو تصريحات المسؤولين عن النفط والمال والاقتصاد، وقد يكون سبب ارتفاعات الأمس تصريح معالي وزير المالي الذي أشار فيه إلى أنه بالرغم من أن ميزانية المملكة للعام القادم 2015 - المتوقع إعلانها بعد أسبوعين – (اعدت في ظل ظروف اقتصادية ومالية دولية تتسم بالتحدي إلا أن المملكة ومنذ سنوات طويلة اتبعت سياسة مالية واضحة تسير عكس الدورات الاقتصادية بحيث يستفاد من الفوائض المالية المتحققة من ارتفاع الإيرادات العامة للدولة في بناء احتياطيات مالية وتخفيض الدين العام مما يعطي عمقاً وخطوط دفاع يستفاد منها وقت الحاجة ...).
هذا تصريح جيد لطمأنة السوق، وعلى افتراض أن هناك تنسيقا تاما بين وازارة البترول ووزارة المالية، وأن المالية على علم منذ وقت مبكر باستراتيجيات وزارة البترول، فقد كان يفترض صدوره قبل اجتماع الأوبك التي أكدت فيه المملكة وهي أكبر المصدرين، أنه لن يتم خفض إنتاج النفط، ومن ثم نزوله "المريع" للمتعاملين في سوق الأسهم السعودية، ومن ثم انهيار السوق، ولعله يكون نزولا موقتا، حماية لأموال المواطنين المتعاملين في السوق.
ويبقى الأهم القيام بعدة خطوات نحو بناء اقتصاد وطني متين على أرض الواقع، وسبق ذكر بعض هذه الخطوات في هذه الزاوية ومنها على سبيل المثال: تبني سياسات أكثر فاعلية وأقل تحفظا من مؤسسة النقد في استثمار موجوداتها، حيث إن العوائد الحالية من الودائع البنكية والسندات الأمريكية هي عوائد منخفضة جدا، ويمكن استثمار نسبة منها في استثمارات طويلة الأجل في الداخل والخارج في قطاعات واعدة، بما يضمن عوائد ربحية أعلى، والاسراع والتوسع في إنشاء شركات حكومية مساهمة جديدة، ويمكن دخول صندوق الاستثمارات العامة كصانع لسوق الأسهم المحلية وشراء أسهم الشركات القائمة ذات العوائد المرتفعة ولهذه الخطوة هدفان هما زيادة دخل الصندوق "أي الدولة" وحماية سوق الأسهم من الانهيارات التي تمثل ابرز السلبيات الملموسة المصاحبة لانخفاض اسعار النفط.
ومن تابع وسائل التواصل الاجتماعي والمنتديات، هذا الأسبوع، فقد لاحظ أنه فور انهيار سوق الأسهم وتضرر المواطنين بدأ الحديث "بحرقة" عن واقعنا ومستقبلنا الاقتصادي الذي يحتاج أن يكون أكثر "متانة".
نقلا عن الرياض
وسائل التواصل الاجتماعي اصبحت البرلمان الخفي والصوت الحقيقي وستتحدث عن الفشل الحكومي في كل انهيار