«سابتكو» 35 عاماً.. فماذا أنجزت؟

01/12/2014 5
جمال بنون

لا يمكن أن تصدق وأنت تستخدم حافلات النقل الجماعي (سابتكو) أو أن تزور مكاتبها المنتشرة في المدن السعودية ومستوى الخدمة الهزيلة والضعيفة التي تجدها من هذه الشركة. لن تصدق أن عمرها 35 عاماً، وهي تمارس هذا النشاط، ومع ذلك في كل مرة تصعد فيها الحافلة أو تقف في محطة تكتشف أنها لا تزال حديثة عهد بمجال النقل.

في البداية يجب أن نعترف بأن الشركة السعودية للنقل الجماعي لم تستفد من الاحتكار الذي حصلت عليه لمشروع النقل العام قبل عقود وانفردت بتقديم هذه الخدمة بدعم من الدولة، وحصلت على العديد من المزايا والتسهيلات تمثلت في قروض حكومية، وهذا بالطبع كان بداية تأسيس خدمات النقل العام في السعودية، على رغم كل هذا الدلال التي حصلت عليه الشركة، لم ينعكس إيجاباً على أرض الواقع بالنسبة إلى المواطنين المستفيدين من هذه الخدمات، كانت دائماً دون المستوى ولا ترتقي إلى نوعية خدمات النقل العام في دول ومدن مجاورة في الخليج، إذ بقيت خدماتها وأسلوب إدارة التشغيل بطريقة شعبية، يلجأ إليها الطبقة الكادحة من المجتمع وبخاصة العمالة الوافدة.

وبالفعل كرست الشركة منذ تأسيسها هدفاً واحداً، وهو تحقيق أعلى نسبة دخل من دون النظر إلى مستوى الخدمة، مستفيدة من انفرادها بتقديم خدمات النقل وتوقيع الاتفاق بينها وبين وزارة النقل على أن تكون وحدها التي تسير حافلات داخل المدينة.

فوجدت نفسها وحدها في السوق بموجب النظام، إلا أن المشرع أو الجهة التي أسندت تقديم الخدمة للمواطنين لم تراقب أداء هذه الشركة، ومدى رضا الناس عن هذه الخدمات التي تقدمها، فالشركة لا تزال تتوسع أفقياً في خدماتها من حيث توقيع عقود مع جهات حكومية لتقديم خدمات النقل، وربما آخرها التحالف الذي قادته الشركة للفوز بأكبر عقد تشغيل بقيمة 7 بلايين ريال لمشروع الملك عبدالعزيز للنقل بالحافلات في الرياض، استفادت الشركة من خلال الميزة المقدمة لها وتدخل في الكثير من العقود ومناقصات نقل، سواء مع التعليم والجامعات أم غيرها من المؤسسات الحكومية، ولكونها الشركة المد لله لدى الدولة تحظى بجميع العقود وتفوز بها، ولكن حتى الآن غير قادرة جهات رقابية تقييم أداء هذه الشركة على أرض الواقع ومستوى الخدمة، نتحدث عن داخل المدن، أولاً شكل هذه الحافلات من ينظر إليها من الداخل أو الخارج، تسير بطريقة عشوائية وفوضوية في الشارع لا يختلف عن أي حافلة خط بلدة، يتوقف في أي مكان وينزل منها ويصعد إليها الركاب من دون تحديد محطات وقوف، يتوقف حيث يجد الركاب، والدليل على هذا الكتابة التي تعلق خلف الحافلة «توقف متكرر» مقاعدها يرثى لها، عدم وجود حافلات مكيفة بالقدر الكافي الذي يريح الركاب، لا يزال يتعامل مع النساء بطريقة غريبة، يخصص مساحة صغيرة في الخلف، وتستغرب من الشركة نفسها حينما تعمل في الحج، تنقل الرجال والنساء من دون استثناء، ولا تزال تستخدم الأسلوب التقليدي في دفع الرسوم.

رائحة الدخان تغطي الحافلة وتكاد تخنق الركاب. حقيقة بيئة ناقلة للأمراض والأمراض المعدية من طريقة سياسة الشركة في التعامل مع الركاب، وتستغرب كيف أنها غير قادرة على تغطية مساحات كبيرة داخل النطاق العمراني.

الفرص التي حصلت عليها الشركة السعودية للنقل الجماعي، كان يمكن أن تقدم لنا نموذجاً للنقل العام بمستوى عالي الجودة، تملك أكثر من 3 آلاف حافلة، ومع ذلك لم تتمكن من توطين هذه الوظيفة وتشجيع السعوديين للعمل لديها، فنسب التوطين ضعيفة جداً، لديها سائقون يلبسون ملابس رثة ورائحة نتنة والدخان لا يفارقهم، وأسلوب عنجهي في التعامل مع الركاب.

على الخطوط الطويلة بين المدن، تصور بعد هذه السنوات الشركة لم تربط حافلاتها بنظام GPRS أو نظام مراقبة، المسافات بين المدن تستغرق ساعات طويلة تمتد ما بين 12 إلى 14 ساعة، وأقصرها من ساعة إلى أربع ساعات، ما بين مكة جدة والمدينة المنورة، لك أن تتخيل تقضي كل هذه الساعات وأنت جالس في مكانك ولا توجد وسيلة ترفيه واحدة لقطع المسافة من تلفزيون، حتى دورة المياه الموجودة، لك أن تتخيل شكلها، وإذا طلبت أن تقف لقضاء الحاجة، ولاسيما أن الركاب من السيدات والأطفال، يغضب السائق أو يدعي أنه لا يفهم؛ لأنه لا يتحدث العربية، أو تكون الشركة قد تعاقدت مع سائقين من أفريقيا بمرتبات متدنية جداً، حتى المحطات التي تقف عليها حافلات الشركة، وهي محطات ساسكو.

أرجوكم، أخبروني يا من تسافرون على هذه الحافلات، مستوى الخدمة مثل أي محطة أخرى موجودة على الطرقات؟

لم تضع «سابتكو» معايير محددة للمواصفات المطلوبة من نظافة المطاعم والحمامات والخدمات المقدمة، لراحة الركاب. المهم يستفيد السائق من هذه المحطة أنه أنزل ركاباً فيها ويتمتع بالأكل المجاني، بصرف النظر على الخدمة المقدمة للركاب.

أما مكاتب نقل الشركة الموزعة في المدن أطلب منكم زيارتها، وإصدار التقييم، أجبرتني الظروف أن أدخل محطة الشركة في الرياض وفي مكة وجدة والمدينة، وجميعها صورة طبق الأصل للإهمال، وتردي الخدمة، وموظفون أحوالهم يرثى لها، محطة الرياض يجلس رجل على رجل ويصيح على الركاب، وصالات انتظار «أنصحكم أن تشاهدوه بأنفسكم» لا واي فاي ومطاعم تحتكرها شركة واحدة، والتدخين يملأ المكان، وخدمات «أسال الله لكم السلامة» ومع ذلك تجد أن الشركة تفرح بعوائدها المالية المرتفعة، والسبب أنها الوحيدة التي لديها الامتياز، لا بد من أن تفرح.

حققت الشركة خلال السنوات الماضية توسعاً أفقياً، واستفاد القياديون فيها من تحقيق مراتب جيدة والحصول على امتيازات وظيفية وترقيات ممتازة أوصلت بعضهم إلى وزارة النقل، إنما على أرض الواقع تخجل حينما تتحدث أن تصعد لهذه الحافلات، هل يعقل لم تتمكن كل هذه السنوات من إيجاد خدمات إضافية للركاب، بأن تطرح منتجات جديدة بمواصفات ومعايير عالية لنقل النساء؟

أليس من المفروض أن تقف هذه الحافلات في مواقع مخصصة وليس بالطريقة العشوائية والفوضوية؟ هل يعقل تملك أراضي وأحواشاً وغيرها من البنية التحتية التي أعطتها الدولة إياها، وفي الأخير نحصل على خدمات سيئة ورديئة؟

ألم تتمكن من توطين العمل لـ3 آلاف سائق سعودي من 35 عاماً، جميعهم من جنسيات أفريقية وفيليبينية، لتحسين الخدمة فيما يخدم الناس.

على الجهات المعنية أن تعيد النظر في احتكار «سابتكو» وتؤسس في كل مدينة أكثر من شركة نقل وتضع معايير ومواصفات الخدمات، ونوعيتها، ولا يكون همها فقط جمع المال، بقدر ما يكون الراكب هو الأهم في منظومة النقل، وتقسيم كعكة «سابتكو» لجهات عدة فمن غير المعقول أن تتواصل عقود شركة غير ناجحة وتتوسع في العقود والامتيازات على أنها شركة حكومية، وتضيع حقوق فرص التشغيل لشركات أخرى. وعدم الاهتمام بالراكب؟

نقلا عن الحياة