كان الأسبوع المنصرم من أكثر الأسابيع سلبية على الأسواق الخليجية بشكل عام والسوق السعودي بالتحديد وذلك بعد التراجعات الكبيرة على أسواق النفط العالمية جرّاء قرار منظمة أوبك الإبقاء على سقف الإنتاج الحالية عند 30 مليون برميل كما هو، وكانت التوجهات الحكومية في المملكة تضغط بهذا الاتجاه تحديداً لذلك وجدنا انعكاس ذلك على أداء سوق الأسهم السعودية حتى قبل عقد ذلك الاجتماع.
وتراجع المؤشر العام للسوق الأسبوع المنصرم بحوالي 353 نقطة أي بنسبة 3.7% وهذا التراجع اللافت يوحي بمدى طغيان الحالة السلبية لدى المتداولين جرّاء الضغط النفسي بسبب تراجع أسعار النفط بفعل الهالة الإعلامية التي صحبت اجتماع منظمة أوبك الأسبوع الماضي.
وبلغت السيولة الأسبوعية المتداولة حوالي 38.3 مليار ريال أي أكثر بحوالي 900 مليون ريال مقارنةً بالأسبوع الذي قبله، وهذا الارتفاع في السيولة وإن كان طفيفاً فإنه يعكس ارتفاع عمليات البيع نوعاً ما بفعل العامل النفسي الذي تم إيضاحه مسبقا لكن من ناحية أخرى أجد أن الأسعار في العديد من الشركات أصبحت عادلة من الناحية المالية لذلك أتوقع أن تنخفض وتيرة البيع بشكل ملحوظ خاصةً على القطاعات التي لا تتأثر بشكل مباشر بانخفاض أسعار النفط.
أهم الأحداث العالمية
كان اجتماع منظمة أوبك يوم الخميس الماضي من أكثر الاجتماعات حساسية للمنظمة منذ إنشائها فقد كانت منقسمة في بادئ الأمر إلى فريقين، الأول بقيادة المملكة و دول الخليج من خلفها ويستهدف هذا الفريق إبقاء سقف الإنتاج كما هو بدون أي خفض وذلك بهدف وضع منتجي النفط الصخري أمام الأمر الواقع بأن إنتاجهم لن يأتي بسعر التكلفة فضلاً عن أرباح.
أما الفريق الثاني وكان بقيادة فنزويلا وإيران والجزائر وكانوا يريدون خفض سقف الإنتاج عن 30 مليون برميل بهدف الحفاظ على الموازنات المالية لبلادهم لكنهم رضخوا لرغبة الفريق الأول خوفاً من أخذ الدول المنتجة للنفط الصخري حصة سوقية أكبر من التي اكتسبتها خلال الأعوام الخمسة الماضية وذلك على حساب حصة المنظمة.
وكان خام برنت قد تراجع بنحو 10 دولار للبرميل وهو أكبر تراجع سعري للخام منذ أكثر من عام لتصل الأسعار الحالية إلى نفس مستويات العام 2010م، وفي رأيي الشخصي أجد أن الخام إذا لم يعد هذا الأسبوع فوق مستوى 72 دولار على الأقل فهو معرض بشكل كبير للتراجع حتى دعم 58 دولار للبرميل.
أما خام وست تكساس فقد واصل سلسلة تراجعاته لكن هذه المرة بشكل أكبر مما مضى، حيث فقد هو الآخر 10 دولار من قيمته السوقية ليصل لمستوى 66 دولار للبرميل، وفي رأيي أن ما سبق هو مرحلة وما سيحصل ابتداءً من الأسبوع الماضي هو مرحلة أخرى بالنسبة للخام الأمريكي، فالولايات المتحدة كانت تقبل نزول الأسعار على مضض مقابل ضرب اقتصاد روسيا وهي المنافس السياسي لها لكن بدون أن يصل ذلك النزول تحت سعر التكلفة لنفطها الصخري وبما أن ذلك حدث الأسبوع الماضي حيث تراجعت الأسعار تحت 70 دولار للبرميل وهو سعر تكلفة إنتاج النفط الصخري فالولايات المتحدة الآن مجبرة على أخذ إجراءات استثنائية قد يكون من بينها إيقاف عمليات التنقيب والاستكشاف وهذا بلا شك سيلقي بظلال سلبية على شركات القطاع النفطي والتي لها وزن لا يستهان به في أسواق المال الأمريكية.
أهم الأحداث المحلية
وافقت هيئة سوق المال على رفع رساميل خمس شركات تأمين وهي: الشركة السعودية الهندية للتأمين، والشركة العربية السعودية للتأمين، وشركة بروج للتأمين التعاوني، والشركة العالمية للتأمين التعاوني، وشركة أكسا للتأمين التعاوني.
وهذه الموافقات الجماعية في حقيقة الأمر تعكس مدى حرص الهيئة على تقوية حجم الملاءة المالية لتلك الشركات بعد أن رأت أن سوق التأمين في المملكة هو سوق رائج ومهم خاصةً إذا ما تم زيادة حجم الأعمال التجارية والتي تحتاج إلى قطاع التأمين كأهم أحد روافد العمل التجاري التقليدي.
التحليل الفني
من خلال النظر إلى الرسم البياني للمؤشر العام لسوق الأسهم السعودية أجد أنه قد فقد خلال الأسبوع الماضي مستوى دعم مهم جدا وهو 9،200 نقطة و هو من أحد أهم دعوم المؤشر العام خلال المرحلة الحالية لذلك وجدنا أن السوق يهبط بقوة بعد فقدان ذلك المستوى لذا من المتوقع أن يتجه المؤشر العام هذا الأسبوع لملامسة دعم 8،800 نقطة وقد نرى عندها عمليات ارتداد لكن لا أستطيع من الجزم بأن الهبوط قد انتهى فعلياً عند ذلك الدعم المذكور آنفاً ما لم يصعد السوق فوق مستوى 9،200 مرةً أخرى ويثبت فوقها حتى يتأكد لي بأن السوق قد كوّن بالفعل قواعد سعريّة جديدة تشير إلى انتهاء الموجة الهابطة والتي بدأت بداية شهر سبتمبر الماضي، لكن في الوقت نفسه يجب أن أشير بأن السوق لو تم الضغط عليه بقوة و كسر دعم 8،800 نقطة فإنه سيتجه بدون أدنى شك نحو منطقة 8،580 نقطة وهو نفس المستوى الافتتاحي للمؤشر العام بداية العام 2014م بمعنى أن السوق عندها سيمحي جميع أرباح العام الجاري.
أما من حيث القطاعات فأجد أن قطاع المصارف والخدمات المالية في مرحلة صعبة فثباته فوق مستوى 19،600 نقطة تعني إثبات بقائه في مساره الصاعد والذي بدأه منذ نهاية العام الماضي، أما كسر ذلك الدعم والإغلاق دونه فيعني اتجاهه نحو دعوم 17،300 نقطة ثم 15،000 نقطة وهذا الأمر إن حدث يعني أن القطاع سيضغط بكل قوة على أسعار شركاته أولاً والتي ستفقد أكثر من 10% من قيمتها السوقية وعلى المؤشر العام ثانياً والذي هو في مسار تصحيحي في المقام الأول فأي ضغط عليه من هذا النوع لا شك أن آثاره ستظهر على الأداء بشكل واضح.
من جهة أخرى، أجد أن قطاع الصناعات البتروكيماوية قد أخذ قدم السبق في النزول أكثر من سابقه لذلك وجدنا سهما مثل سابك يتراجع من سعر 136 ريالا وحتى 96 ريالا وذلك في غضون شهرين فقط، وفي رأيي أن هذا القطاع القيادي اقترب من منطقة دعوم مهم جداً في الفترة الراهنة وهي ما بين 6،325 نقطة و5،900 نقطة فالارتداد من تلك الدعوم وعدم كسرها يوحي بأن القطاع قد امتص صدمة انخفاض أسعار النفط وأن أسعار شركاته أصبحت مغرية أكثر من ذي قبل وأن هذا القطاع القيادي قد أصبح جاهزاً لأخذ زمام القيادة ودفع السوق للارتفاع أو في أقل الأحوال لخلق موازنة للسوق في حال وقع السيناريو السلبي لقطاع المصارف كما أوضحته سابقاً و هذا بلا شك سيكون أمراً إيجابياً للقطاع وشركاته في حال تم احترام منطقة الدعوم المذكورة آنفا.
أما من حيث القطاع المتوقع أن يكون أداؤها إيجابياً لهذا الأسبوع فهي قطاعات الاتصالات والتأمين والاستثمار المتعدد والاستثمار الصناعي والإعلام.
في المقابل أجد أن قائمة القطاعات السلبية لهذا الأسبوع ستشتمل على قطاعات الاسمنت والتجزئة والطاقة والزراعة والتشييد والبناء والتطوير العقاري والنقل والفنادق والسياحة.
متألق كعادتك