تواصل أسعار النفط انخفاضها بوتيرة متصاعدة، وتتوافر كل العناصر الأساسية الناظمة للأسعار من دون أمل بتوقف موجة الهبوط، إلا إذا استطاعت منظمة «أوبك» ان تخفض سقف إنتاجها وتعيد العمل بنظام الحصص وتحقق التزاماً مطلقاً بالسقف والحصص.
وهذا لا يبدو ممكناً تحقيقه إلا بعد نهاية العام الحالي، أي بعد ان تنخفض الأسعار وينتهي فصل الشتاء.
ومن المحتمل ان تبقى أسعار النفط متقلبة حتى تصل إلى أدنى مستوى ممكن وتستقر لفترة معينة من الزمن.
عندئذ قد تتدخل دول المنظمة باتخاذ القرارات اللازمة كتحديد سقف الإنتاج والتزام الأعضاء بحصص الإنتاج.
والسبب الرئيس لانخفاض أسعار النفط هو وفرة المعروض من الخام البالغ نحو 97 مليون برميل يومياً، في حين ان الطلب العالمي لا يتجاوز 94 مليوناً، ما يعني توافر فائض بواقع ثلاثة ملايين برميل.
تُضاف إلى هذا الموجودات من النفط في ناقلات عملاقة في المراكز النفطية كلها، ما يعني وجود فائض حقيقي من النفط في أي وقت قد يزيد على 10 ملايين برميل جاهزة للتصدير.
ومن الأسباب الأخرى ضعف نمو الاقتصاد العالمي بسبب ضعف نمو اقتصادات الصين واليابان والهند ومنطقة اليورو، ولا أمل من أي تحسن للأداء الاقتصادي في المدى القريب.
وهناك العنصر الجديد أو «المرعب» وهو ظهور النفط الصخري وتزايد إنتاجه وعدم قدرة منتجي النفط الخفيف منافسة النفط الصخري الخفيف أيضاً في أسواق الولايات المتحدة وتوجههم إلى أسواق الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية حيث طبيعي ان تحتدم المنافسة على حصص في هذه الأسواق النامية.
وقد تشتد المنافسة في منتصف الربع الأول من العام المقبل مع انتهاء فترة الشتاء وحلول فصل الربيع.
وخلال الفترة ذاتها، سيغيب مليون إلى مليوني برميل نفط يومياً عن الأسواق نتيجة لبداية الفترة الدورية لصيانة المصافي في كل أنحاء العالم استعداداً لفصل الصيف.
وهذه هي الفترة التي تكون عادة الأصعب وتنخفض فيها أسعار النفط. فهل سينخفض مؤشر «برنت» العالمي إلى ما دون 75 دولاراً للبرميل ليصل مثلاً إلى 70 دولاراً، وينزل سعر خام النفط الأميركي إلى 65 دولاراً، مثلاً؟
وكيف ستستطيع دول المنظمة ان تتعامل مع هذا المعدل لفترة معينة؟ وهل ستستطيع ضبط الإنتاج؟
أما عن منتجي النفط الصخري فبالهم طويل ومن الممكن ان يتعايشوا حتى مع 65 دولاراً للبرميل لأكثر من سنتين، فهي بنت جدواها الاقتصادية عند هذا المستوى، وهي تستطيع خفض التكاليف التي ستنخفض من تلقاء نفسها مع انخفاض تكاليف المواصلات والكهرباء والغاز بالتوازي مع تراجع أسعار النفط. وحققت الشركات المنتجة خلال السنوات الماضية عائدات مالية مريحة ومربحة.
وإن ارتأت الشركات المنتجة للنفط الصخري الخروج من هذا الاستثمار فالشركات النفطية العالمية العملاقة مستعدة للدخول فيه بأفضل التقنيات، خصوصاً أنها أصبحت على معرفة واسعة بهذا المنتج الجديد، وهي أقدر على منافسة النفوط التقليدية.
وهذا يعني بقاء النفط الصخري في الأسواق لسنوات كـــثيرة مقبـــلة ولــن تتأثر شركاته بهبوط أســـعار النفــط خلال فترات معقولة لأن الجميع سيتأثرون بمن فيـــهم منتـــجو النفط التقليدي، ومع ان تكاليف إنتاج النفط التقليدي وتطويره لا تتجاوز 20 دولاراً لدول «أوبك».
هي فترة حاسمة للمنظمة النفطية مع الكميات الفائضة من النفط الخام، لكنها يجب ان تكون مستعدة وتبدأ بشد الحزام، ولأكثر من ثلاث سنوات متوقع مرورها قبل ان تتحرك العجلة الاقتصادية مرة أخرى ويزيد الطلب على النفط مع تزايد النشاط الاقتصادي العالمي.
ومن المؤكد ان غالبية دول المنظمة عندها من الخبرات ما يكفي للتعامل مع المعطيات الجديدة مع انخفاض أسعار النفط بواقع 30 في المئة أو أكثر. وإن أرادت ان تنجح قد يكون لزاماً عليها الاتفاق على حصص الإنتاج وسقفه.
نقلا عن الحياة