إلى أين يا أسبانيا؟

16/02/2010 6
خالد أبو شادي

اعتقد ان المتداولون فى اسبانيا لن ينسوا يوم الرابع من فبراير الحالى سريعا والذى اعاد لاذهانهم تداعيات عام 2008 القاسيه ،حيث سجل المؤشر الاسبانى IBEX35  انخفاضا قاسيا خلال ذلك اليوم بلغ مداه 640 نقطه تقريبا حين افتتح المؤشر تداولاته عند 10882 واغلق عند 10220 ،ولقد اتى ذلك بعدما خسر المؤشر الاسبانى قرابه 19% منذ قمه يناير الماضى عند 12240 الى قاع الخامس من فبراير الحالى عند9916.

وكانت تداعيات الازمه الاسبانيه قد اخذت طابعا دراميا ،حيث من الواضح ان هناك تعمدا ان تبقى الحكومه الاسبانيه تحت الضغط مع اقتصادها وان تظهر دائما فى موقف الضعيف الذى لا يستطيع ان يفعل شيئا ،فبعد يوم واحد من اعلان ئيس الوزراء الاسبانى خوسيه ثاباتيرو ان البلاد توشك ان تترك الركود وتتعافى نجد ان هناك تقاريرا اقتصاديه تقول العكس تماما.

فالاقتصاد الاسبانى كما نشر المعهد الوطنى الاسبانى للاحصاء قد تقلص ناتجه الاجمالى المحلى بنسبه 3.1% على اساس سنوى وان نموه تباطىء بمعدل 0.1% بين الربعين الثالث والرابع من عام 2009.

فى حين بلغ عجز الموازنه العامه 11.4% خلال عام 2009 والذى تريد وزيره الماليه ايلينا سلجادو تقليصه "بنفس طريقه اليونان الحالمه" الى 3% مع بدايه عام 2013.

فكيف سيكون ذلك وبيانات البطاله تستشرف 20% ؟؟ الحكومه من جانبها  تتوقع تخفيض العجز بمقدار 1.6% خلال العام الجارى مستعينه بخطه تقشفيه تتضمن تخفيض النفقات العموميه بمقدار 50 مليار يورو بين عامى 2010 و2013 دون المساس بالنواحى التعليميه والبحث العلمى والخدمات الاجتماعيه وطبقا لهذه الخطه فان العجز فى الموازنه من المنتظر ان يصير 9.8% خلال عام 2010 ثم 7.5% خلال عام 2011 ثم ينخفض الى 5.3% خلال عام 2012 حتى يصل الى 3% فى عام 2013.

الحكومه امام معضله الحفاظ الى الابعاد الاجتماعيه والحد من البطاله التى ارتفعت بشكل مفزع بجانب تخفيض نفقات الموازنه العامه ،لذا فهى بحاجه الى ضغط مستمرعلى اليورو امام الدولار حتى نضمن لها استقرارا فى الاسواق وهذا مالا يستطيع احد ضمانه ،صحيح ان سندات الحكومه الاسبانيه لازالت تتمتع بمصداقيه كبيره رغم اتساع الفارق بينها وبين الالمانيه بما يوازى 100 نقطه اساس والتى لازالت تلقى دعما غير معلن من جانب وكاله التصنيف الائتمانى "موديز"والتى ألمحت الى ان الاقتصاد الاسبانى انتهى من الركود بعد تحرك الناتج الاجمالى المحلى بشكل شبه ثابت خلال الربع الرابع من عام 2009 واضافت موديز ان النمو المتوقع خلال عام 2010 لن يكون كسابقه بين 3.5% الى 4% بل علينا ان ننتظر نموا اقل بين 2% الى 2.5% حيث تظل مساهمه قطاع البناء والتشييد سلبيه على الاقتصاد ككل .

بالطبع "موديز" مع  "فيتش" و"ستاندر اند بورز" كانوا قد قاموا بتخفيض اللتصنيف الائتمانى للسندات اليونانيه دفعه واحده مما ساعد كثيرا فى تعاظم المشكله اليونانيه لكن على ما يبدو –حتى الان- ان "موديز" واخواتها لن تفعل ذلك مع اسبانيا ربما انتظارا لمخرجات الربع الاول من العام الحالى على الرغم من انتقادات "بول كروجمان" –الامريكى الحاصل على نوبل فى الاقتصاد-والكاتب فى صحيفه نيويورك تايمز والذى اضحى غير مرغوبا فيه من جانب الحكومه الاسبانيه نتيجه لهجومه على سياستها واعتبار اسبانيا اشكاليه كبرى داخل الاتحاد الاوروبى معتبرا ارتفاع الاسعار والتكاليف قد خرجا تماما عن الخط الذى تسير عليه  منطقه الاتحاد الاوروبى ولا تستطيع الحكومه فعل شىء بل يظل اقتصادها حبيس "اليورو".

ولم تتوقف الانتقادات الموجهه للحكومه الاسبانيه من الجانب الامريكى فقط  فهناك انتقادات اخرى آتيه من بريطانيا والتى تتشابه الى حد كبير مع اسبانيا فى مشكله ديونها التى تبلغ قرابه 40% من الناتج الاجمالى المحلى لكنها تبقى رغم ذلك بعيده عن "تحكم" اليورو فى اقتصادها ،وعلى الرغم من كون ماتعيشه اسبانيا ليس حاله خاصه الا ان الضغط على الحكومه من جانب الولايات المتحده وبريطانيا قد يكون  لكونها حكومه اشتراكيه التوجه فى الاساس لذا سيكون من الممتع لكروجمان وغيره رشقها بسهام مسمومه  من خلال عموده الصفحى بنيويورك تايمز.

لكن لايبدو الامر كذلك حيث ان حكومه ثاباتيرو تجد معارضه ايضا من الداخل حيث يصفه احد المواطنين بأنه ليس قائدا جيدا فاذا كان يستطيع القياده خلال الطريق الممهده الصالحه فانه لايستطيع ان يكون كذلك اذا واجهته المطبات والمشاكل ،وربما نحترم كلام هذا الرجل اكثر عندما نعلم انه مهندسا وعمره 67 عاما وعاصر ازمات مثل هذه الازمه الا انه يرى الازمه الحاليه مختلفه تماما للشعب وللشركات خصوصا وان الفقاعه العقاريه قد ادت الى اشكاليات كبرى وبطاله على مستوى كبير ايضا حتى بين افراد عائلته .

ويبقى على الحكومه الاسبانيه مواجهه 4 ملايين عاطلا كما تواجه انتقادات رفع سن التقاعد من 65 الى 67 عاما قبل ان تندلع المظاهرات احتجاجا على سياساتها التقشفيه وذلك تخفيضا لعجز موازنتها الكبير تماما كما حدث مع اليونان ،رغم ان اسبانيا لم تطلب مساعده بعد من احد الا انه من الواضح انها ستضطر الى ذلك .

ويبقى ان نلقى نظره سريعه على المؤشر الاسبانى IBEX-35  فى مداه القصير والذى يعيش ارتدادا تصحيحيا الى اعلى بعد فقدان 19% من قيمه ارتفاعه السابق عند قمه يناير الماضى حيث مناطق المقاومه عند  10500 ثم 10800 وهذا الارتداد اراه منطقيا بعد دخول مؤشر الار اس اى لمناطق التشبع البيعى ،لكن فى المقابل يبقى الارتداد ضعيفا وهزيلا ما لم يتجاوز خط ترند الار اس اى باللون الابيض صعودا الى اعلى.

بالطبع هذا ان حدث وارتد المؤشر لاسفل فانها تكون اشاره واضحه بمزيد من الهبوط ولا ننسى دائما ان شمعه بذبذبه يوم الرابع من نوفمبر الكبيره كفيله باضعاف تحرك المؤشر الاسبانى ،لذا فان كثره بقائه خلف ظلالها دون تجاوزها صعودا  يكون ايضا عاملا مساعدا فى تأكيد الضعف وهو الاحتمال الاقرب للترجيح

والله تعالى اعلى واعلم ودمتم بخير