النفط في أسبوع (السياسة البترولية الأميركية)

23/11/2014 0
وليد خدوري

يعتبر بروز صناعة النفط الصخري ونموها في الولايات المتحدة، أحد اهم التطورات في القطاع منذ فترة طويلة. فقد استطاعت واشنطن زيادة انتاجها نحو مليون برميل يومياً عام 2012، ثم زادته مليون برميل اضافية في 2013، ومليوناً أخرى عام 2014.

وكان متوقعاً زيادة مليون أخرى يومياً في 2015، لكن يشير أحدث المعلومات الى ان معدل الزيادة انخفض أخيراً الى نحو 850 ألف برميل يومياً، ما يعزى الى انخفاض معدل السعر نحو 30 في المئة منذ مطلع الصيف الماضي.

تتوسع الصناعة النفطية في أميركا الشمالية قياسياً.

فقد تم استثمار نحو 200 بليون دولار فيها خلال العام الماضي، ما يعادل نحو 50 في المئة من مجمل الاستثمارات البترولية العالمية في هذا المجال.

كما ان هذا المبلغ يزيد كثيراً عما استثمر في كل من روسيا والسعودية في المجال ذاته، وفق دراسة صدرت أخيراً عن مؤسسة «غولدمان ساكس».

تثير صناعة النفط الصخري وصناعة ما يعرف بالنفط المحصور، أسئلة تفتقر الى أجوبة أكيدة حتى الآن، منها: ما هي الأنظمة الواجب اتباعها مع هذه النفوط غير التقليدية التي يصنف معظم انتاجها من النفط الخفيف؟ ما هي أسواقها المحتملة؟

كيف يتوجب على الحكومات والشركات الصناعية التعامل مع هذا النفط الجديد مقارنة بالنفط التقليدي، بخاصة مع الازدياد السريع في معدلات انتاج الأخير؟ ما هي انجع الوسائل لاستخراج النفط والغاز من مسام الصخور؟

وما هي وسائل الاستخراج الممكن استعمالها للحفاظ على البيئة، بخاصة عدم تلويث أحواض المياه؟

هل أدت الاستثمارات الضخمة لانتاج النفط غير التقليدي الى تهميش الاستثمار في بدائل الطاقة المستدامة؟

ما هو معدل زيادة انتاج النفوط غير التقليدية على المديين المتوسط والبعيد، خصوصاً اذا لاحظنا ان نسبة انخفاظ انتاجية حقول النفط غير التقليدية هي نحو 7 في المئة سنوياً؟

انصب معظم النقاش حول النفط غير التقليدي على معدلات انتاجه العالية الحالية.

وفي خضم هذا النقاش جرى التغاضي عن أثره في الأسواق، بخاصة في الطلب على النفط في الولايات المتحدة.

وتزامن انتاجه مع فترة انخفاض ملحوظ في زيادة الطلب على النفط في الولايات المتحدة، ما ادى الى تخمة في السوق الأميركية، ومن ثم الى انخفاض نحو 50 في المئة في ميزان تجارة النفط في الولايات المتحدة خلال السنوات السبع الماضية.

وأدى هذا التغيير غير المسبوق، فيما أدى اليه، الى تغير مهم في صناعة نقل النفط الأميركية، إذ اخذ النقل يحصل في شكل أوسع، من حقول الانتاج الجديدة مباشرة الى المصافي الواقعة على كل من الساحل الجنوبي والساحل الشرقي الأميركي، وحتى الساحل الغربي. وازداد مع هذا التغيير نقل النفط بواسطة السكك الحديد.

استثمرت البلايين من الدولارات لانتاج النفط غير التقليدي في أميركا الشمالية، لكن لم يتم الاستثمار في زيادة الطلب على النفط.

وأدى عدم التوازن هذا في العرض والطلب الى طرح السؤال حول قدرة المصافي الأميركية على استيعاب هذه الامدادات الضخمة من النفط الخفيف، بخاصة لأن كثيراً منها كان معداً لتكرير النفوط المتوسطة والثقيلة.

وبما ان القوانين الأميركية لا تسمح عموماً حتى الآن بتصدير النفط الخام الى الأسواق الدولية، فهناك تخوف من ان تحصل تخمة في السوق الأميركية، لعدم امكان استغلال الكميات المتزايدة من النفط غير التقليدي، ما يؤدي بدوره الى انخفاض أسعار النفط الأميركي الى مستويات متدنية، ويؤثر سلباً في الاستثمار في الاكتشاف والانتاج مستقبلاً.

وبدأت بالفعل أسعار النفط الأميركي تنخفض قياساً الى النفوط العالمية أواخر عام 2013، الا ان الخوف هو من ان يكون الأثر اكثر شدة بين 2016 و2018. من ثم، هناك نقاش واسع ومهم في الولايات المتحدة لتغيير القوانين وفتح المجال امام تصدير النفط الخام، ما يؤدي بدوره الى انخفاض اسعار النفط عالمياً أيضاً.

يدور نقاش في أوساط الدوائر المختصة الأميركية للاستفادة من ثغرات القوانين المحلية والتي تسمح بزيادة بعض صادرات النفط الخام، من خلال تغيير سريع وممكن من قبل السلطة التنفيذية، من دون الحاجة للحصول على موافقة الكونغرس، منها السماح بتوسيع التصدير الى كندا، وتصدير النفط الخام الثقيل المنتج في كاليفورنيا، وزيادة تصدير نفط الاسكا.

ولا شك في ان النقاش حول التوسع في زيادة أفق هذه القوانين يعبر عن وجهات نظر ومصالح مختلفة ومتناقضة، حتى ضمن الصناعة النفطية ذاتها.

سيترتب عن التغييرات في سياسة تصدير النفط الخام الأميركي نتائج مهمة على السوق الأميركية أولاً، لما لها من أثر على الاستثمارات المستقبلية في انتاج النفط غير التقليدي، والطلب على النفط، وعلى المنشآت لنقل النفط داخل الولايات المتحدة ذاتها او الى الخارج. وهناك أيضاً نتائج اقتصادية منها، الأثر على اقتصادات مصافي التكرير الأميركية وهل يتوجب تهجينها لاستقبال انواع مختلفة من النفط الخام.

وطبيعي ان اي قرار حول مستقبل المصافي سيؤثر بدوره على اسعار النفط المستقبلية في الولايات المتحدة ومن ثم على انماط استهلاك النفط في اكبر سوق مستهلكة للنفط في العالم، ما سيترك بصماته على صناعة النفط العالمية.

أخيراً، هناك الانعكاسات الجيوسياسية، والأثر على الأسواق العالمية نظراً الى أهمية حجم الامدادات المصدرة الى الأسواق، وكيف ستؤثر هذه المتغيرات على المفاوضات التجارية العالمية - الأميركية.

كما بدأ الحديث عن قدرة الغاز الصخري الأميركي على التعويض عن امدادات الغاز الروسي للدول الأوروبية، بخاصة على ضوء أزمة اوكرانيا.

ومــن الأسئلة المـــهمة أيضاً، هل توسعت هذه الصناعـــة أميركياً بهذه السرعة فقط بسبب توافر الاحتياط ام أيضاً بسبب توافر البنى التحتية ووسائل التمويل المرنة، الناتجة من التقدم الصناعي الأميركي؟

فهل من الممكن، على سبيل المثال، لدولة مثل الصين، التي تزيد احتياطات النفط الصخري فيها على الولايات المتحدة، ان تتوسع في الاكتشاف والانتاج بالسرعة نفسها؟

نقلا عن الحياة