أزمة السكن وسوء التدبير

16/11/2014 0
عبدالرحمن العومي

إن من أهم أهداف الإنسان، هو تأمين منزل مناسب للسكن؛ لما يوفره من الأمان للإنسان وأسرته من غدر الزمان، لكن أن تملك منزلا مناسبا على حسب المواصفات السعودية، هو أمر صعب؛ لعدة أسباب تتعلق باعتقادي بأمور تدبيرية أكثر من شيء آخر، لأننا -ولله الحمد- نملك الموارد الأساسية، ولكن نفتقد أهم شيء وهو إدارة هذه الموارد، فنحن نملك الأراضي الشاسعة، حيث تعتبر السعودية من أكبر البلدان الشرق أوسطية، ونملك المال الذي يجعل السعودية من أغنى الدول الشرق أوسطية، ولكننا نشترك مع البلدان الشرق أوسطية الكبيرة بأزمة السكن الخانقة، وذلك بسبب سوء التخطيط على المستويين الشخصي وعلى مستوى وزارة الإسكان.

أما على الصعيد الشخصي، فإن تأمين مسكن مناسب من أهم المتطلبات لمن قارب عمره الثلاثين، حيث إنه حسب العادات والتقاليد السعودية هذا هو العمر المناسب لتكوين أسرة، وغالباً ما تكون هذه الفئة قد انخرطت في مجال العمل وأصبح لديه دخل ثابت، ولكن المشكلة أن البعض لا يقوم بعمل ميزانية وإدارة للراتب، وغالبا لا يكون هناك بند ادخاري من الراتب، ويكون الإدخار هذا للشراء أو الحصول على منزل، ففي ظل هذا التضخم والأوضاع المالية ونسبة دخل الفرد في المملكة، يتطلب الحصول على منزل تخطيط ما يقارب عشر سنوات، تبدأ بالإدخار أو الحصول على قرض ثم شراء أرض قد لا تكون صالحة للسكن في الوقت الحالي، لكن تكون مهيأة للسكن خلال السنوات العشر القادمة.

وغالبا هذا النوع من الأراضي تكون تكلفته من 15% إلى 20% من قيمة السكن الحالي، كما ان شراء أرض بهذا الوقت يوفر ميزة الالتحاق بطابور الصندوق العقاري الذي يستغرق قرابة السنوات العشر، وهذا القرض يوفر حوالي 50% إلى 70% من قيمة البناء، وبذلك يجد الإنسان نفسه بعد عشر سنوات وقد قارب عمره الأربعين أنه وفر الأرض التي تشكل حوالي 50% من قيمة السكن، يضاف إلى ذلك قرض الإسكان الذي يوفر من 25% إلى 35% من قيمة المسكن، وبالتالي يتبقى عليه حوالي 15% إلى 25%.

أما على صعيد وزارة الإسكان التي تتحمل الجزء الأكبر من توفير السكن، فمن المعلوم أنه في عام 2012 ميلادي أصدر خادم الحرمين الشريفين -أطال الله في عمره- أمرا بدعم رأسمال صندوق التنمية العقاري، بمبلغ إضافي قدره أربعون مليار ريال سعودي؛ ليتمكن من إنهاء الطلبات على القروض والتسريع في عملية الحصول على القرض، يضاف إلى ذلك مبلغ قدره 25 مليار ريال سعودي دُعم بها صندوق التنمية العقاري قبل ذلك، إلا أن المتابع لعملية صرف القروض من صندوق التنمية العقاري يلاحظ انخفاض في تقديم القروض من 82000 مستفيد عام 1432 هجري، إلى 62000 مستفيد عام 1433 هجري، و 56000 مستفيد عام 1434 هجري، وهذا ما يزيد مشكلة الإسكان،

كما تم رصد «مبلغ» من الدولة إلى وزارة الإسكان قدره 250 مليار ريال سعودي، إلا أن هذا المبلغ لم يجد القنوات الصحيحة والبرامج الناجحة لحل مشكلة الإسكان، فقد وضعت الوزارة خيارات محدودة واختارت أن تقوم هي بكل شيء، فهي التي تشتري الأرض وهي التي تصمم وهي التي تبني، وبذلك أخذت الوزارة جميع الأدوار ومارست على المواطن الدور الأبوي، وقضت على فكرة الحرية والاختيار للمستفيد في مكان البناء وتصميم البناء.

ولو وجهت الوزارة جزءا من هذا المبلغ لدعم صندوق التنمية العقاري، وتركت الحرية للمواطن لاختيار ما يرغب به؛ لقضينا على جزء كبير من المشاكل التي وضعت الوزارة نفسها بها، ولاختصرنا الوقت الذي يفاقم مشكلة الإسكان ويزيد هموم المواطن، بامتلاك المنزل المناسب له ولأسرته.

نقلا عن اليوم