تضمنت الإستراتيجية بعيدة المدى للاقتصاد الوطني، التي تمثل خطة التنمية الحالية المرحلة الثانية من تنفيذها، وذلك فيما يتصل بقطاع الإسكانً، جملة من السياسات التي وضعت في إطار الرؤية المستقبلية لتلك الإستراتيجية، والأهداف العامة لها، لم ير للأسف عدد منها النور حتى الآن، ومن تلك السياسات التي وردت في وثيقة الخطة، ما نص منها على الدعوة إلى خفض تكاليف مواد البناء، وذلك ًلما تمثله تلك التكاليف من نسبة جوهرية في إجمالي ما ينفق على إنشاء أي وحدة السكنية، بما لا يقل مقداره في الغالب عن ثلث حجم ذلك الإنفاق.
تحقيق تلك السياسة على أرض الواقع، ليس بالضرورة أن يتطلب تكاليف مالية ضخمة لتوفير تلك المواد مباشرة في السوق بأسعار مخفضة، كأن يتم تقديم دعم للمصنعين أو الموردين، أو خفض الرسوم الجمركية على متطلبات الأنشطة التي يمارسونها، وإن كان ذلك من بين البدائل المحتملة في تبني تطبيق تلك السياسة ولكن على الأقل اتخاذ بعض الخطوات التنظيمية، لعملية تصنيع تلك المواد في الداخل، أو إستيرادها من الخارج، والقيام بوضع معايير تصميمية، تساعد على الاقتصاد في استخدام تلك المواد، دون التأثير على الكفاءة الوظيفية للمسكن، ويمكن تبنيها والاسترشاد بها من قبل المكاتب الاستشارية الهندسية، فكما لا يخفى على الجميع أن العديد من العناصر في مكونات المسكن لدينا لا تزال تصنع بشكل إفرادي ولكل مشروع على حده، وليس وفق أسس معيارية، وبمقاييس ومواصفات محددة، تراعي الجودة، وسرعة الإنتاج وكميته، ليتحقق بموجبها خفض التكلفة الإجمالية لما يتم تصنيعه من تلك المواد، محلية كانت أو مستوردة، حيث نجد على سبيل المثال أن معظم أبواب ونوافذ مساكننا يتم تصنيعها أو تجميعها في ورش كل عنصر منها على حدة، بعد أخذ مقاساتها وأبعادها من الموقع، وهو أسلوب ذو تكلفة عالية في الإنتاج وانخفاض في مستوى الجودة، مقارنة بأسلوب تصنيع المكونات المعيارية وإنتاجها بالجملة في المصانع، كما أن اتباع معايير تصميمية، تعمل على الاستخدام الاقتصادي الأمثل لمواد الإنشاء، إضافة إلى مواد الإنهاء (التشطيب) الداخلي والخارجي، وتقليص تمديدات المياه، والصرف الصحي، يساهم بدرجة كبيرة في خفض التكلفة الإجمالية للمسكن.
في إعتقاد البعض، أن هذا الأمر مما يصعب تحقيقه، في ظل غياب وجود مركز وطني لبحوث الإسكان الذي إن رأى النور كذلك، فنأمل ألا يكتفي بدور تقليدي في تفعيل دور البحث العلمي لحل مشاكل بناء المساكن، وإنما التطلع أيضاً لتطبيق التكنولوجيا المتقدمة للنانو التي تحقق أفضل وأحدث أساليب البناء في هذا المجال.
نقلا عن الرياض