بعد ثلاثة أسابيع من التذبذب الأفقي المحير، حقق سوق الأسهم السعودية أكبر خسارة أسبوعية له منذ أكثر من عام، حيث أغلقت تداولات الأسبوع المنصرم على تراجعات بمقدار 297 نقطة أي بنسبة 2.68%، وقد كان السوق من الناحية الفنية البحتة مهيأ منذ عدة أسابيع لذلك النزول، وكانت الدلائل والمؤشرات الفنية تشير إلى وجود تصحيح قادم، ولكن شرارة ذلك التصحيح لم تبدأ حتى ظهر خبران من الأخبار المؤثرة على السوق أولهما داخلي، وهو الإعلان عن موعد الاكتتاب في البنك الأهلي، وسيكون من أكبر الاكتتابات التي سيشهدها السوق في تاريخه، لذلك فسحب العديد من المحافظ والصناديق جزءا من سيولتها النقدية من السوق بغرض المشاركة في ذلك الاكتتاب كان متوقعاً، وهذا ما جعل العديد من الشركات تتراجع في قيمتها السوقية.
أما الخبر الثاني فسياسي، وهو سقوط العاصمة اليمنية صنعاء في يد مليشيات عبدالملك الحوثي، ولما لذلك من أثر سلبي على أمن الحدود الجنوبية للمملكة، وهو ما جعل البعض يشعر بأن ذلك الخبر سيؤثر سلباً على أداء السوق، خاصةً مع دخول السوق أيامه الأخيرة قبل إجازة عيد الأضحى المبارك وما قد يحدث من تطورات غير معروفة أثناء الإجازة.
أما السيولة المتداولة فقد توقفت عند مستوى 36.2 مليار ريال، أي أقل من الأسبوع الذي قبله بحوالي 9.4 مليار ريال، وهذا التراجع في نظري يؤكد ما أميل إليه شخصياً من أن التراجعات الأخيرة هي عبارة عن موجة تصحيحية فرعية ضمن مسار صاعد رئيسي، وأن السوق بصدد بناء قواعد سعرية جديدة تمكنه من مواصلة الصعود لتحقيق أرقام عليا جديدة لم يشهدها السوق منذ عدة سنوات، لكن كل ذلك مرهون ببقاء المؤشر العام فوق دعمه التاريخي عند 10,300 نقطة، وهي أدنى منطقة مقبولة فنياً قد يصلها المؤشر أثناء موجته التصحيحية الحالية.
أهم الأحداث العالمية
لا شك أن التطورات السياسية من سقوط صنعاء في قبضة الحوثيين وابتداء التحالف الدولي بشن هجماته على الأراضي السورية وزيادة المعروض في أسواق النفط قد جعلت أسواق السلع تواصل مسارها الهابط، والذي بدأته منذ أكثر من ثلاثة أشهر، حيث حقق خام برنت خسارة بمقدار 1.5 دولار ليغلق على مستوى 97 دولارا للبرميل، وهو أدنى إغلاق أسبوعي خلال هذا العام، وبقاؤه دون مستوى 98 دولارا للأسبوع القادم يوحي بأن تلك التراجعات ستستمر حتى دعمه التاريخي عند 91 دولارا.
أما خام وست تكساس فلم يكن بأفضل حال من سابقه، حيث أغلقت التداولات الأسبوعية عند مستوى 92,33 دولار للبرميل، وذلك بعد أن لامس دعم 90.40 دولار للأسبوع الثالث على التوالي، وسيكون لزاماً عليه أن يتجاوز منطقة 95.50 دولار حتى تتأكد فرضيّة الارتداد الصاعد، أما لو فقد مستوى الدعم النفسي 90 دولارا فذلك يعني استمرار الهبوط حتى دعمه القادم عند 85 دولارا.
أيضاً واصلت أسعار الذهب تراجعاتها للأسبوع الثاني عشر على التوالي، ليكون إجمالي ما فقده المعدن النفيس خلال تلك الفترة مجتمعة 124 دولار فقط، وهذا التراجع المتواصل والضعيف يوحي بأنه عند الوصول لدعم 1,180 دولار للأوقية ربما يدخل الذهب في موجة ارتداد صاعد قوية بفعل الأزمات السياسية المتوالية وتوقعات العديد من بيوت الخبرة بأن الأسواق العالمية وخاصةً الأمريكية ستدخل في موجة هبوط رئيسية ستجعل العديد من أصحاب رؤوس الأموال تلجأ للذهب كملاذ آمن، ولا يهدد هذا السيناريو بالفشل سوى استمرار الدولار الأمريكي بالارتفاع في سوق العملات والذي بدأ بالفعل من ثلاثة أسابيع.
أهم الأحداث المحلية
أعلنت هيئة السوق المالية صدور قرار مجلس الهيئة المتضمن الموافقة على طرح (500) مليون سهم مملوكة لصندوق الاستثمارات العامة، تمثل (25%) من أسهم البنك الأهلي التجاري «البنك» للاكتتاب. وسيخصص منها (300) مليون سهم من أسهم الاكتتاب للأفراد السعوديين، فيما سيتم تخصيص مئتي مليون (200) مليون سهم للاكتتاب بها من قبل المؤسسة العامة للتقاعد. وستُطرح أسهم الشركة خلال الفترة من 25/12/1435هـ الموافق 19/10/2014م إلى 9/1/1436هـ الموافق 02/11/2014م.
كما أعلنت هيئة السوق المالية عن صدور قرار مجلس الهيئة المتضمن الموافقة على طرح (13,500) مليون سهم للاكتتاب العام من أسهم شركة الصناعات الكهربائية. وسيخصص جزء منها للصناديق الاستثمارية والأشخاص المرخص لهم. وستُطرح أسهم الشركة خلال الفترة من 18/01/1436هـ الموافق 11/11/2014م إلى 24/01/1436هـ الموافق 17/11/2014م.
أيضاً أوصى مجلس إدارة الشركة السعودية لإنتاج الأنابيب الفخارية بتوزيع أرباح نقدية على مساهمي الشركة عن الربع الثالث 2014 بواقع 1.25 ريال عن السهم الواحد، على أن تكون أحقية الأرباح لمساهمي الشركة المسجلين لدى تداول بنهاية تداول يوم 30-09-2014م.
التحليل الفني
من خلال النظر إلى الرسم البياني للمؤشر العام لسوق الأسهم السعودية أجد أنه قد احترم دعم 10,600 نقطة حتى الآن مما يوحي بأن المؤشر بصدد الارتداد حتى مناطق 11,000 نقطة مرةً أخرى، وقد يصعّب من الوصول لتلك النقطة خلال هذا الأسبوع، بتفضيل الكثير من المتداولين إخراج جزء من السيولة النقدية خارج السوق إلى ما بعد إجازة عيد الأضحى المبارك؛ خوفاً من وقوع أية أحداث سياسية أو اقتصادية قد تؤثر بشكل سلبي على السوق، لكن عموماً على المدى المتوسط أرى أنه ليس هناك أي ملامح لموجة هبوط كبيرة قد تطرأ على أداء السوق، فاحترام دعوم 10,500 – 10,300 نقطة كفيل بعودة السوق إلى استئناف الصعود بل وتجاوز القيمة التي حققها السوق مؤخراً وهذا السيناريو الذي أرجحه شخصيا.
أما من حيث القطاعات، فأجد أن قطاع المصارف لا يزال يقف على مستوى دعم 22,500 نقطة، وهو مستوى الدعم الأول له خلال المرحلة الحالية، والذي أتوقع أن يرتد صعوداً حتى مقاومة 23,400 نقطة، والذي بتجاوزها يستمر المسار الصاعد، أما لو عاد تحت الدعم المذكور آنفاً فذلك يزيد من وطأة السلبية حتى الدعم الثاني عند 21,850 نقطة.
من جهة أخرى، أجد أن قطاع الصناعات البتروكيماوية سيكون خلال هذا الأسبوع هو الضاغط الرئيسي على أداء السوق نظراً لاستمرار مسار الهابط حتى الآن والذي يستهدف دعم 8,550 نقطة، والذي قد نرى ارتدادا صاعدا من عند تلك المستويات والتي اتوقع أن يلامسها خلال هذا الأسبوع، لكن لا شك أن كسر تلك النقطة يلغي فرضيّة الارتداد وأن المسار الهابط سيكون هو المهيمن لكني لا أرجح أن يقع ذلك.
أما من حيث القطاعات الإيجابية لهذا الأسبوع فهي قطاعات الاسمنت والتجزئة والزراعة والاتصالات والتأمين والاستثمار المتعدد والاستثمار الصناعي والتشييد والبناء والتطوير العقاري والاعلام والفنادق والسياحة.
في المقابل، أجد أن الأداء السلبي سيكون من نصيب قطاعيّ الطاقة والنقل فقط.