النفط في أسبوع (تراجع أسعار النفط:ردود الفعل والتوقعات)

28/09/2014 0
وليد خدوري

سجل سعر سلة «أوبك» متوسطاً يبلغ 94.31 دولار للبرميل منتصف الأسبوع الماضي، مقارنة بنحو 105.87 دولار لعام 2013 و104.14 دولار هذه السنة، ونحو 105.61 دولار معدلاً لتموز (يوليو) الماضي و96.78 دولار للشهر الجاري، وفق إحصاءات أمانة سر المنظمة.

وواضح أن مسلسل انخفاض الأسعار بدأ واستمر على نار هادئة مند بداية فصل الصيف. ويتضح أن مسلسل ارتفاع الأسعار واستقرارها على نحو 100 دولار قد اهتز بسبب متغيرات السوق التقليدية من عرض وطلب.

وتصحيح المسيرة الجديدة ممكن إذا أحسن التحكم بحجم الإمدادات.

فلماذا هذا التراجع بعد نحو ثلاث سنوات من الاستقرار، بخاصة في فترة صعبة على المنطقة؟

الأجوبة متعددة. أولها زيادة دول «أوبك» إنتاجها منذ مطلع حزيران. فقد ارتفع مجمل إنتاجها من نحو 30.48 مليون برميل يومياً لعام 2013 إلى نحو 30.68 مليون آب (أغسطس) الماضي، على رغم انخفاض الإنتاج من العراق وليبيا خلال الفترة ذاتها.

فعلى سبيل المثال، زادت السعودية إنتاجها من معدله لعام 2013 البالغ نحو 9.634 مليون برميل يومياً، إلى 9.780 مليون في حزيران (يونيو) الماضي.

ومع تدهور الأوضاع السياسية في العراق (احتلال داعش للموصل ومناطق أخرى، منها حصار مصفاة بيجي ووقف العمل فيها ما دفع السلطات البترولية إلى تحويل نحو 150-250 ألف برميل يومياً من صادرات العراق الجنوبية إلى المصافي الأخرى لتعويض النقص في الإمدادات المحلية.

وانخفض معدل الإنتاج العراقي من معدله للنصف الأول من السنة البالغ نحو 3.288 مليون برميل يومياً إلى 3.170 مليون في تموز الماضي)، وفي ليبيا (حيث برزت حكومتان وبرلمانان، ومع استمرار احتلال الحقول والمنشآت النفطية الذي أدى بدوره إلى انخفاض الإنتاج إلى نحو 200 ألف برميل يومياً، ليصعد أخيراً إلى أكثر من 900 ألف برميل يومياً)، رفعت دول «أوبك» مند مطلع الصيف من إنتاجها للتعويض في نقص إنتاج هاتين الدولتين، بخاصة مع عودة مخاوف الأسواق الدولية من انقطاعات متزايدة في الإنتاج من الشرق الأوسط على ضوء امتداد الاضطرابات في المنطقة.

لكن تحسن الوضع تدريجاً في ليبيا وارتفع الإنتاج.

كذلك استطاع العراق تعويض النقص في صادراته تدريجاً. لكن الوضع المتأزم في البلدين سيساهم في استمرار مخاوف الأسواق من احتمال انخفاض الإنتاج مجدداً.

تزامنت هذه التغييرات مع الانخفاض المستمر لواردات أميركا النفطية من معدل 9.783 مليون برميل يومياً عام 2008، إلى 7.255 مليون خلال النصف الأول من السنة.

وانخفضت بدورها وارداتها من نفوط «أوبك»، من نحو 5.415 مليون برميل يومياً عام 2008 إلى نحو 3.198 مليون للنصف الأول من العام الحالي.

ما يعني اضطرار الدول المصدرة للعثور على أسواق جديدة. وعوضت أقطار «أوبك» خسارتها الأميركية، بالاتجاه إلى الأسواق الآسيوية.

فعلى سبيل المثال، توقفت كلياً تقريباً صادرات نيجيريا إلى الولايات المتحدة، واتجهت بدلاً من ذلك إلى الأسواق الآسيوية.

وزادت صادرات دول الخليج إلى الأسواق الآسيوية. وأدت المنافسة الشديدة على السوق الآسيوية إلى اضطرار الدول خفض معادلاتها السعرية للنفوط المتجهة شرقاً.

ورسمت موازنة روسيا على أساس سعر 96 دولاراً للبرميل، وموازنات الدول النفطية الأخرى 100 دولار للبرميل. وبما أن الانخفاض لا يزال بسيطاً نسبياً، إذ لا يتجاوز نحو 10 في المئة عن السعر المنشود، وبما أن الهبوط تدريجي وفي النصف الثاني من السنة، فلا يتوقع أن يترك أثراً ضخماً على اقتصاد الدول النفطية هذه السنة.

تكمن المشكلة في حال استمرار انخفاض الطلب خلال عام 2015، كما هو متوقع من قبل «أوبك» ووكالة الطاقة الدولية، وفي حال عدم صدور بيان مشترك واضح عند اجتماع مجلس وزراء المنظمة نصف السنوي الاعتيادي في فيينا في 27 تشرين الثاني (نوفمبر) عن احتمال أن تخفض أقطار المنظمة سقفها الإنتاجي، وكمية الخفض، والتصريح بوضوح وصدقية عن معدل الخفض في كل دولة.

ويشكل الاتفاق على خفض الإنتاج واحداً من أصعب التحديات في المنظمة، لصعوبة الاتفاق على كمية الخفض الإجمالية ونسبتها لكل دولة، وبخاصة مدى الالتزام بالاتفاق. فعدم التنفيذ والتهرب من الالتزام يعني فقدان الأسواق الثقة في صدقية المنظمة مع محاولة الضغط على الدول الأعضاء فرادى من أجل بيع كميات أكبر من حصتها، أو خفض الأسعار، أو الاثنين معاً.

ويتوقع أن يعتذر بعض الأقطار الأعضاء، كما هي العادة، عن الخفض لأسباب مختلفة.

إذا صحت التوقعات وانخفض الطلب، فذلك يعني أهمية خفض الإنتاج من خلال اتفاق ذات صدقية.

وبما أن من الصعب ضمان الحصول على اتفاق دقيق وصريح، فذلك يعني ضرورة التحفظ في رسم موازنة عام 2015 من خلال اعتماد سعر نفطي متحفظ، ما يستتبع تقليص النفقات.

لكن المشكلة هي أن بند الرواتب ومعاشات التقاعد تشكل غالبية المصاريف في الموازنة، ومن الصعب خفضها بسبب التزامات الحكومات تجاه الموظفين.

من ثم، ستلجأ الحكومات إلى خفض بنود الاستثمارات الرأسمالية أو المخصصة للبنى التحتية الضرورية. طبعاً، هناك بنود المصاريف والالتزامات الداخلية والخارجية من غير معنى أو فائدة، إلا لاستفادة هذا المتنفذ أو ذاك، ومن الممكن تقليصها، لكن ليس بسهولة.

تتأثر شركات النفط العالمية بدورها، بانخفاض الأسعار. فقد استفادت كثيراً خلال السنتين الماضيتين من ارتفاع الأسعار واستقرارها على نحو 100 دولار.

لكن ساهم سعر النفط العالي هذا في زيادة قيمة الاستثمارات وكلفة التشغيل. وبالتالي، على الشركات، في حال استمرار الانخفاض، تقليص هذه النفقات لتحقيق الأرباح اللازمة للمساهمين.

شجع مستوى الأسعار المرتفع، الشركات على الاستثمار في القطب الشمالي أو في مياه البحار والمحيطات العميقة جداً.

فبلغت، على سبيل المثال، مصاريف شركة «شل» الاستكشافية خلال عام 2013، نحو 5.3 بليون دولار، مقارنة بنحو 3.1 بليون لعام 2012.

وخصصت شركة «شفرون» نحو 54 بليون دولار لتشييد مصنع تسييل الغاز في مدينة جورجون الأسترالية، بدلاً من المبلغ التقديري الأولي بنحو 37 بليوناً.

نقلا عن الحياة