تداول حقوق الاكتتاب في أسواق المال

18/09/2014 0
د. عبد القادر ورسمه غالب

يتم تداول الأسهم الخاصة بالشركات المدرجة في أسواق المال بالبيع والشراء وفق اللوائح وتلك الإجراءات التي تنظم هذه العمليات في السوق المعني.

وفي خلال هذه المرحلة يجب أن يتم التأكد من سلامة البيع والشراء وتسليم المبالغ، وكذلك الأسهم في الفترة الزمنية المقررة، وهذا يتم الآن في اليوم نفسه في العديد من الأسواق بينما كان يأخذ عدة أيام مما يسبب عدم الراحة وبعض المضايقات للأطراف والأسواق معا.

وكلما كانت الشركة المدرجة في السوق معروفة في مجال عملها وتحقق أرباحاً وتسجل تطوراً في مجالها، يقبل الجمهور ويتنافس علي شراء أسهمها المعروضة للبيع، ومن مثل هذه الحركات النشطة تتفاعل أسواق المال وتعود الفائدة على الشركات وملاكها وعلى الاقتصاد بصفة عامة بل وحتى على الأسواق نفسها.

وتحرص أسواق المال وهيئاتها، كل الحرص، على وضع الضوابط السليمة التي تمكن من ممارسة بيع وشراء الأسهم بسلاسة ووفق المعايير القانونية المهنية السليمة السائدة.

وهذا يبدأ من مرحلة وضع الضوابط المطلوبة لإدراج الأسهم والأوراق المالية للشركات في السوق وذلك حتى تتمكن من عرض ما لديها من أسهم وخلافه للجمهور مع تبيان الالتزامات المستمرة تجاه هذا الإدراج، وكذلك الضوابط المرتبطة بكيفية البيع والشراء عبر الوسطاء ودور هؤلاء الوسطاء وما لهم أو عليهم من التزامات مهنية وتعاقدية، وقبل كل هذا وضع الضوابط العامة والضمانات المطلوبة لحماية المستثمرين وحقوقهم.

خاصة وأن سوق المال يأخذ زاده وعتاده من نشاط المستثمرون، بأنواعهم المختلفة، والذين يشكلون الأعمدة التي تقوم عليها الأسواق. وكلما توفرت الضمانات أتت الاستثمارات.

من المهام الأساسية التي تقوم بها هيئات وأسواق المال، وتظل تمارسها بصبر، هي ذلك العمل الدؤوب المستمر في ابتكار كل ما يدعو لتحريك الأسواق وفتح النوافذ الاستثمارية الجديدة بغرض تنشيط الأسواق ومضاعفة التداول اليومي.

وكل هذا النشاط في أسواق المال مطلوب لأنه بدوره يعمل على تحريك العمليات التجارية والاقتصادية في البلد.

وفي هذا الخضم، تسعى الأسواق لتقديم الدعم للشركات المدرجة للارتقاء بكافة نشاطاتها الملائمة لتحريك السوق وزيادة فعاليته بشتي السبل. ولذا يتم منح امتيازات خاصة لما يعرف بالشركات «صانعة السوق» أو المنشط له.

وإذا لم توجد مثل هذه الشركات الصانعة للسوق، يجب على إدارة الأسواق العمل خلقها أو «صنعها» لتصنع السوق بدورها وفق الضوابط والامتيازات الممنوحة.

إضافة لهذا تنظر الأسواق في سجل الشركات المدرجة بكل تمعن و«تقلب» كل الأوراق للنظر في كيفية تفعيل الاستفادة القصوى من الأسهم والأوراق المالية للشركات المدرجة والحقوق المرتبطة بها وهذا يشمل، ضمن أشياء أخرى، النظر في رأسمال الشركة ومقدار توفره وهل تم استنفاذه كليا أم جزئيا، وهل هناك أي فرص جديدة لزيادة رأسمال الشركة أو إذا كانت هناك حقوق اكتتاب قديمة أو جديدة… خاصة وأن كل هذا وإذا دعي الحال سيوجد أسهماً جديدةً يمكن الاستفادة منها في تفعيل نشاط السوق عبر فتح الفرص الجديدة للمستثمرين، وبما يعود بالفائدة لأصحاب هذه الأسهم والأوراق المالية وحقوق الاكتتاب المرتبطة بها.

البحث عن تفعيل «حقوق الاكتتاب» للمساهمين في الأسهم الجديدة في الشركة قد يوجد «بضاعة» جديدة أو أسهما جديدة يمكن عرضها في أسواق المال، وقد تكون هذه البضاعة فاتحة شهية للمستثمرين المتعلقين بالاستثمار في هذه الشركة بالذات لأنهم حصدوا ربحاً وفيراً من ريع أسهمها ويتطلعون للمزيد من مثل هذا الاستثمار المعروف والمضمون لهم.

وقبل هؤلاء المستثمرون، بالطبع، يستفيد ملاك حقوق الاكتتاب المرتبطة بهذه الأسهم الجديدة وذلك عبر عرضها للبيع لأي سبب ولمن يرغب، ومن هذا يستفيد هؤلاء الملاك من المساهمين وكذلك يستفيد كل من يرغب ويتحمس للاستثمار في هذه الحقوق.

وبهذا الإجراء الجريء تكون السوق «أخذت أو ذهبت الميل الإضافي» كما يقولون لأنها ساهمت وبكل فعالية في فتح مجالات جديدة للتداول في الأسواق والاستثمار في الأسهم بل حتي في حقوق الاكتتاب المرتبطة بها عند زيادة رأس مال الشركة.

إن فتح هذا النشاط عبر السماح بالتداول في حقوق الاكتتاب الخاصة بالأسهم الجديدة للمساهمين، يوفر فرص استثمار جديدة عبر أسواق المال ولكن هذا النشاط وحتي يتم تفعيله بصورة سليمة فهناك حاجة لوضع التشريعات والضوابط القانونية المطلوبة.

وهنا يأتي دور هيئات أسواق المال وإدارات أسواق المال وعقولهم، إذ عليهم أولاً أخذ المبادرة في النظر لمثل هذه الفرص المتاحة وتفعيلها وفق الممارسات السليمة مع تهيئة الجو المناسب لها.

ولذا يجب تحديد حقوق الاكتتاب ومقدارها وملكيتها وخلوها من كافة الموانع التي تعطل أو تعرقل تداولها والاستثمار فيها.

وأيضاً هناك ضرورة لتحديد كيف يتم التداول والتسويات المرتبطة به والمقابل لهذه الأسهم وتجديد السجلات والبيانات وانتقال الملكية مع تبيان حقوق الملاك والمستثمرين ودور الأسواق في كل هذه المراحل حتي اكتمال تمام العملية لصالح جميع الأطراف.

وهكذا، تكون الأسواق دائرة دون توقف كعقرب الساعة نظراً لإيجادها للفرص الجديدة والمتعددة وتوفير الإمكانيات الضرورية للاستثمارات المالية في إطار استثماري سليم ومتعاف.

وعبر هذه الضوابط القانونية تتاح الفرصة لأي مساهم لا يرغب في الاكتتاب في الأسهم الخاصة بزيادة رأس مال الشركة ولأي سبب من الأسباب، خاصة وأنه يملك هذا الحق القانوني، أن يقوم ببيع حق الاكتتاب والاستفادة من ثمنه، وبهذا الاجراء تتاح الفرصة لاستثمار كافة الحقوق المالية للمساهم.

وتفعيل مثل هذا النشاط تمارسه الآن العديد من أسواق المال بهدف فتح الفرص لكل من يرغب في الاستثمار بالبيع أو بالشراء.

وننتهز السانحة وننصح بقية الأسواق بالقيام بالمثل والاستفادة من تجارب الآخرين الناجحة بغرض توسيع منافذ الاستثمار عبر العديد من البدائل المشروعة.

وبالطبع، كلما كانت البضاعة المعروضة كثيرة ومتنوعة كلما زادت الحركة التجارية والاستثمارية مما يعود بالفائدة على الجميع.

نقلا عن عُمان