وصلت بيانات "مؤشر مديري المشتريات" في السعودية والإمارات العربية المتحدة إلى مستويات قياسيّة جديدة خلال شهر أغسطس لتستقر عند 60,7 و58,4 نقطة تباعاً، وتعد هذه المستويات الأعلى خلال أكثر من 3 سنوات. وحظي القطاع الخاص غير النفطي في السعودية بزخم لافت للشهر الثالث على التوالي في أغسطس، فسجلت مستويات الإنتاج والطلبيات الجديدة وطلبيات التصدير صعوداً سريعاً خلال الشهر الماضي بسبب تحسّن ظروف السوق وقوة الطلب المحلي والخارجي. كما تقدم الحكومة السعودية إعانات لمواطنيها الباحثين عن العمل، وتوفّر ظروف عمل أفضل في القطاع الخاص. وسيعود ذلك بالفائدة على القطاعات ذات العمالة الكثيفة مثل التجزئة والاسمنت والإنشاءات لكونها تواجه شحاً في القوى العاملة منذ تطبيق إصلاحات سوق العمل عام 2011.
وتواصل مؤشرات الأسهم الخليجية الرئيسية الحفاظ على زخمها الصعودي علماً أن حركة التداول تدعم هذا الاتجاه. وسجلت الأسهم القطرية – ومنها أسهم "بنك قطر الوطني" و"مصرف قطر الإسلامي" و"شركة صناعات قطر" والتي ارتفع ثقلها في مؤشر "مورجان ستانلي كابيتال إنترناشيونال" للأسواق الناشئة - مستويات قياسية جديدة. وارتفع مؤشر البورصة القطرية بنسبة 4% خلال الأسبوع الماضي، فأغلق قرب الحاجز النفسي ولامس أعلى مستوياته على الإطلاق عند 14,039. كما استحوذ "بنك قطر الوطني" على 12,5% من أسهم بنك "إيكوبنك" الذي يعد أحد البنوك الرائدة في إفريقيا، مما ساهم في زيادة تغطيته للشرق الأوسط وإفريقيا، وتعزيز شراكته الاستراتيجيّة في المنطقة. ونتوقع مزيداً من التعاون مع "إيكوبنك" خصوصاً وأن "بنك قطر الوطني" يواصل تطبيق استراتيجيته الهادفة إلى تحقيق نمو غير عضوي. وفي قطاع الاتصالات الذي كان الأقل أداءً، سجلت شركة "أوريدو" أداءً متفوقاً خلال الأسبوع الماضي. وحالياً يشهد مؤشر السوق القطرية تداولاً فوق المستويات المستهدفة المتوقعة، وهو يحظى بمزيد من الزخم. وسيشكل البت في قضية استضافة نهائيات كأس العالم لكرة القدم في قطر عاملاً جديداً لدعم السوق.
وأعلنت شركة "إعمار العقارية"، التي تمثل نحو 10% من القيمة السوقية للأسهم الإماراتية، إجراء طرح عام أولي على أسهم ذراعها المتخصصة بالتسوق والتجزئة "إعمار مولز"، وستتم عمليات الإدراج في 2 أكتوبر القادم.
وتبوأت الإمارات العربية المتحدة المرتبة 12 من حيث القدرة التنافسيّة عالمياً للعامين 2014-2015 بحسب تقرير "التنافسية العالمية" الصادر عن "المنتدى الاقتصادي العالمي". وسلّط التقرير الضوء أيضاً على جوانب إيجابية شملت انعدام الجريمة المنظّمة وتدني مستويات البيروقراطية ووجود حكومة فعالة. كما حلّت الدولة في المرتبة الثالثة عالمياً من حيث البنية التحتية.
استمرار الاهتمام في سوق الصكوك
رغم أن عوائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات استمدت قوةً خلال الأسبوع نتيجة تدفقات الأنباء المتعلقة بالاقتصاد الكلي، ولكنها لا تزال عالقة عند مستوى أدنى من 2,5%، وكأن المستثمرين لم يحصلوا على تطمينات أكيدة حول نمو الاقتصاد الأمريكي. كما أن المستوى المتدني لعائدات السندات الأمريكية طويلة الأجل لا يعكس بصورة كبيرة التوقعات بتسجيل نمو خافت في الاقتصادي الأمريكي، وإنما يبرهن على القوى الانكماشية في أوروبا التي تؤثر على النظرة المستقبلية للاقتصاد الأمريكي. ومؤخراً، سجلت عائدات السندات الأمريكية طويلة الأجل نمطاً مماثلاً للعوائد في أوروبا بعد ارتدادها عن مستوى العوائد قصيرة الأجل التي ارتفعت في استجابة لتحسّن الاقتصاد الامريكي والتوقعات بارتفاع أسعار الفائدة بحلول عام 2015.
وسيسهم ذلك في دفع "المجلس الاحتياطي الفيدرالي" إلى تقليص إجراءات التيسير الكمي بحلول أكتوبر المقبل بالتوازي مع تسجيل أثر محدود على العوائد بخلاف التوقعات. ونجدد التأكيد على استمرار سندات الخزينة الأمريكية والدولار الأمريكي بتقديم مزيد من القيمة مقارنةً مع السندات الحكومية الأوروبية واليورو، إذ أن بعض السندات السيادية في منطقة اليورو توفر عوائد سلبية في فترات أقصر نتيجة التدابير الاستثنائية التي اتخذها "البنك المركزي الأوروبي".
وتستمر إصدارات الصكوك بقوة في ضوء انخفاض عائدات واهتمام المستثمرين بديون حكومة الشارقة المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية، وتدني المستويات من حيث القيمة المطلقة. ولأول مرّة، تعتزم حكومة الشارقة وجمهورية جنوب إفريقيا وبنك "جولدمان ساكس" وغيرهم إصدار صكوك محتسبة بالدولار الأمريكي خلال شهر سبتمبر. كما يعتزم "بنك الإمارات دبي الوطني" و"بنك برقان" وشركة "الخطوط الجوية التركية" الاستثمار في سوق السندات هذا الشهر.
من ناحية ثانية، تحسّنت أساسيات الأسواق الإقليمية بشكل لافت؛ حيث وصلت أسعار مبادلة مخاطر الائتمان في دبي إلى 155 نقطة أساس مقارنةً مع 220 نقطة في مطلع العام، بينما بلغت أسعار مبادلة مخاطر الائتمان في "بنك الإمارات دبي الوطني" 217 نقطة أساس في يناير الماضي، وهي اليوم تقارب أدنى مستوياتها في 5 سنوات عند 171,75 نقطة أساس. وستتيح هذه العوامل لجهات الإصدار الإقليمية تحديد مستويات تسعير قوية خصوصاً وأن الإصدارات في المنطقة كانت محدودة نسبياً خلال الأشهر الماضية.
الشهية العالمية على المخاطرة ترتفع مدعومة بزيادة سيولة "المركزي الأوروبي"
اتجه "البنك المركزي الأوروبي" بسلاسة نحو مواكبة توقعات السوق؛ حيث أعلن خلال اجتماعه الخاص بالسياسات النقديّة يوم الخميس الفائت عن خفض معدلات الفائدة علماً أن أسعار الفائدة القياسية تحوم قرب مستوى الصفر في منطقة اليورو. وسيتوجب على البنوك حصر السيولة لفترة مؤقتة ضمن البنك المركزي وسط توقعات بإطلاق البرنامج المرتقب لشراء الأصول. ونتيجة تسجيل بيانات ضعيفة، قرر "البنك المركزي الأوروبي" إجراء ما يلزم لإنقاذ الاقتصاد من الانكماش والركود.
والتزم "البنك المركزي الأوروبي" بسياسة الشراء أكثر من اعتماده على الأوراق المالية المدعومة بالأصول (أي القروض المندرجة في إطار السندات) لحفز الائتمان والسيولة وتحقيق النمو. ويعد ذلك بمثابة تدابير استثنائية ستفضي - كما توقعنا سابقاً - إلى إضعاف اليورو الذي تراجع إلى مستوى 1,2950 للمرة الأولى منذ عام 2013 مقابل الدولار الأمريكي، وحفز صعود الأسهم في وقت انتعشت فيه مؤشرات الأسهم بقوّة ولامس مؤشر "ستاندارد آند بورز 500" قمته الجديدة الأعلى على الإطلاق.
وفي أوروبا، من المتوقع أن تستفيد أسهم النمو - مثل قطاعات التكنولوجيا والتمويل - من الخطوة التي أعلنها رئيس "البنك المركزي الأوروبي" ماريو دراجي. وستستفيد البنوك أيضاً من فرص التخلص من القروض، وتوافر السيولة، والبحث عن فرص استثمارية جديدة. وفي سوق العوائد المنخفضة، سيكون المستثمرون الحذرون أكثر انجذاباً إلى الأسهم التي توفر توزيعات أرباح.
وعلى الجانب الآخر، يسجل الاقتصاد الأمريكي مستويات ثابتة؛ حيث يشهد قطاع الخدمات نمواً تخطى التوقعات، فيما كانت بيانات العمالة مخيبة للآمال ولكنها ساعدت على تهدئة المخاوف من ارتفاع أسعار الفائدة مستقبلاً. وسيساهم تحرّك "البنك المركزي الأوروبي" في احتدام الوضع أكثر، ولكن في نفس الوقت ستستفيد الأسهم اليابانية أكثر بمرتين من تسارع دورة الأعمال في الاقتصاد الأمريكي، ومن ضعف الين الذي يواجه انخفاضاً في القيمة لكونه ملاذاً آمناً وسط بيئة استثمارية محاطة بالمخاطر.
سوق السلع لا تزال محصورة ضمن نطاق محدد
ساهمت البيانات الأمريكية المخيبة للرواتب غير الزراعيّة خلال شهر أغسطس – التي بلغت 142,000 مقابل 230,000 - في دعم أسعار الذهب الذي أغلق عند 1268 دولار أمريكي للأونصة بعد ملامسته لمستوى 1258 دولار. ويعتبر ذلك مشكلة ضمن التوجه الكلي الإيجابي للاقتصاد الأمريكي، ونؤكد على نظرتنا السلبية حيال الذهب الذي نتوقع توجهه في نهاية المطاف نحو المستوى 1200 دولار للأونصة. كما كانت رد فعل سوق النفط سلبيّة على خلفية التهدئة بين أوكرانيا والانفصاليين الموالين لروسيا.
وبسبب الأنباء عن احتمال فرض قيود على النيكل من الفلبين، تجاوزت أسعاره مستويات المقاومة ويتم تداوله حالياً عند مستوى 19,599 دولار للطن. وبعد القيود المفروضة من اندونيسيا، برزت الفلبين كأكبر مورّد لهذا المعدن إلى الصين التي تعد بدورها من أكبر مستوردي النيكل لقطاع صناعة الصلب.