كلف رئيس الجمهورية الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، خلال مجلس وزراء انعقد يوم ثلاثاء هذا الأسبوع، باستكمال مشروع البرنامج الخماسي للاستثمارات العمومية 2015 إلى 2019 قبل نهاية السنة.
ويندرج هذا المخطط ذو قيمة 262 مليار دولار في إطار مواصلة برامج التنمية و الاستثمارات السابقة.
حيث بدأت الجزائر مخططها التنموي، المسممى ببرنامج دعم الإنعاش الاقتصادي، سنة 2001 والذي بلغ حجم استثماراته 200 مليار دولار بين 2005 و2009 بفضل زيادة أسعار النفط. ويليه مخطط ثالث بقيمة 286 مليار دولار للفترة 2010-2014 لاستكمال برامج الخماسي السابق و توفير برامج خاصة لولايات الهضاب العليا والجنوب.
وقد مكن هذا الحجم الكبير للاستثمارات من تعزيز المنشآت القاعدية الضرورية للتنمية الاقتصادية. وتم تسجيل تقدم ملحوظ في انجاز شبكة الطرقات وبناء سدود مائية وتحديث الموانيء وكذا توسيع وتحديث شبكة السكك الحديدية.
لكن الخبراء الاقتصاديين الجزائريين دقّوا ناقوس الخطر لعدة مرّات بالتركيز على خطر الاتكاء الكامل على عائدات النفط في تغطية النفقات العمومية.
فلقد صرفت الحكومات المتعاقبة أكثر من 600 مليار دولار أمريكي منذ عام 2001، في مسعى كان موجها لإعادة بعث حركية الاقتصاد الوطني الذي توقفت عجلة دورانه بسبب تداعيات الأزمة الأمنية العاصفة التي هزت الجزائر في التسعينيات و معالجة آثارها الوخيمة وإنعاش المؤسسات العمومية ومسح ديونها ورفع قدراتها التنافسية ودعم الاستثمار وتوفير مناصب الشغل.
لكن البرامج الإنمائية الثلاثة التي رافقتها دعاية إعلامية وسياسية واسعة، خاصة خلال المحطات الانتخابية والاستحقاقات السياسية الكبرى خلال 15 سنة من حكم الرئيس بوتفليقة، لم تثمر في الواقع في تحريك عجلة الاقتصاد وتحسن الأداء الإنتاجي للاقتصاد الجزائري، حيث ارتفعت واردات الجزائر في كلّ المنتوجات من الغذاء والدواء و السيارات في نفس الفترة.
وعلى العكس مما كان متوقعا، انتهى الوضع إلى ارتفاع قياسي في الاعتماد على صادرات النفط التي ارتفعت من 92 بالمئة، قبل فترة حكم الرئيس بوتفليقة، إلى 98 بالمئة في 2013، حيث لا تصدر الجزائر خارج النفط سوى 2 بالمئة من مجموع صادراتها، خاصة أن الوفرة المالية التي تمتعت بها الخزينة العمومية نتيجة ارتفاع أسعار النفط شجعت على الاستيراد والتوجه إلى اقتصاد الحاويات.
وتبرز هذه الأرقام، حسب الخبراء الجزائريين، الفشل في تحقيق برامج الإنعاش الاقتصادي وعدم جدية السياسات المنتهجة من قبل الحكومات المتعاقبة منذ 1999 وضعف التخطيط والاستشراف، زيادةً الى الفساد الذي مسّ تقريبا كلّ المشاريع الكبرى للبنى التحتية مثل الطريق السريع شرق-غرب.