عـدة تـقـارير وآراء كـتبت عـن الجانب ( القانوني ) وما جاء في مسودة مشروع القواعد المنظمة لإستثمار المؤسسات الأجنبية في سوق الأسهم السعودية، إذ كان تسليط الضوء على الجوانب التشريعية بشكل كبير جدا ، ما أدى إلى إغفال النظر من بعض المتابعين والمحللين لتلك المواد والشروط والأحكام ليعطى المجال لمن هم ( قانونين )، ومطلعين للوائح والأحكام الصادرة عن هيئات أسواق المال في البحث والتعليق عما جاء في تلك المسودة.
كما أن عـدد من التقارير والآراء التي صدرت عن عدد من الشركات المرخص لها من قبل هيئة السوق المالية سلطت الضوء على تلك الجوانب القانونية في معرض تعليقها ، مع إضافة بعض المقارنات لما حدث في أسواق قريبة حين تمت الموافقة على فتح باب الاستثمار الأجنبي ، والتعليق عما إذا كان مؤشر السوق سيرتفع لقمم وبالتالي تسجيل أسعار غير عادلة للشركات المدرجة كنوع من التخوف من تكرار انزلاق المؤشر ومكوناته.
كل تلك الآراء والتقارير هي ذات أهمية ، وهي مؤشر على وعي تلك الشركات وإدارات الأبحاث والمشورة لديها، لا سيما المتعاملين من مدراء صناديق ومحافظ استثمارية.
لكن، هناك جانب أساسي وجـوهري لم أقرأ لأحد قد تعرض له ، وهو الجانب الفني ، أعني ( التداول ) ، اليوم ما يهم اللاعبيين الجدد هو ممارسة عمليات التعامل في سوق الأسهم السعودية بذات الأدوات والفنيات التي هي متوفرة في أسواق العالم.
فهل أستعدت هيئة السوق المالية لتوفير تلك الأدوات؟ هل بحثت عن الجانب المكمل للجوانب القانونية والتي لا تقل أهمية عن بقية العوامل المؤثرة في دخول المستثمر الأجنبي؟، في فبراير الماضي قامت هيئة السوق المالية بإرسال استبيان إلى جميع الأشخاص المرخص لهم، تتسائل فيه عن أهمية وجود أدوات استثمارية مكملة في سوق الأسهم، وطلبت أن يتم إرسال ذلك الاستبيان مع وجود ترتيب لتلك الأدوات من حيث الأولولية والأهمية، من تلك الأدوات التي كانت ضمن استبيان الهيئة: البيع على المكشوف، عقود الخيارات شراء أسهم الخزانة، أدوات الدين القابلة للتحول، وعـدد آخر من تلك الأدوات التي تتواجد كجزء رئيسي في تعاملات أسواق العالم.
المستثمر الجديد والذي كان يمارس ( لعبة ) التعامل في أسواق الأسهم العالمية، لديه استراتيجيات وتكتيكات فنية ، وبيئة من الأدوات الاستثمارية لا يمكن لذلك ( اللاعب ) أن يستغني عنها مهما وجد، ومهما كانت متانة الجوانب التشريعية، وقوة الاقتصاد، وارتفاع قيم السيولة، إذ أن لأولئك المتعاملين طقوس تمارس في بيئة متكاملة كالتي هي متوفرة في أسواق العالم، وهنا السؤال : ما الذي سيدعوا اللاعب الجديد للدخول في سوق يعاني من عدم وجود أدوات استثمارية ؟
نعـم ، سوق الأسهم السعودية هو إنعكاس لمتانة الاقتصاد السعودي ومستويات الإنفاق الحكومي المتنامية، والمستثمر الواعد سينظر إلى تلك العوامل بعين واعية، لكن المستثمر وتحديدا بعد أزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة الأمريكية عام 2007 لم يعـد هو المستثمر ذاته قبل ذلك التاريخ.
أعتقد ، أنه من الضروري قبل الشروع والإقدام على فتح باب الاستثمار الأجنبي، أن تنظر هيئة السوق المالية وبالتعاون مع شركة السوق ( تداول ) في مدى سرعة توفير الأدوات الاستثمارية الأساسية في سوق الأسهم السعودية، وأخص بالذكر: البيع على المكشوف Short Sell، وشراء الشركات المدرجة أسهم الخزانة Stock BuyBack، وعقود الخيارات Option، مع إمكانية فتح المجال لإدراج شركات غير سعودية ضمن قطاع جديد يدعى Non Saudi Sector.
مع وجود تلك الأدوات، ستختلف تركيبة المتعاملين، وستظهر خبرات جديدة ستعمل في سوق عملاق، وسنقرأ عن رخص لصناديق جديدة لا وجود لها اليوم كصناديق التحوط Hedge Fund ، كذلك عدم إمكانية إنزلاق المؤشرات والأسهم بشكل حاد بسبب وجود أدوات ستعمل على موازنة إيقاع وحركة السوق من إرتفاع وإنخفاض.