قبل عدة سنوات وهي ليست ببعيدة، أصبح التطوير العقاري هاجسا لدى العقاريين تحديدا، وأصحاب رؤوس الأموال عامة للخوض في تجارب حقل مشاريع التطوير العقاري، والعمل على التخلص التدريجي من عباءة التجارة في الاراضي البيضاء، خاصة مع محفزات العرض والطلب، وزيادة الاحتياج من الوحدات السكنية في غالبية مناطق المملكة، ومما لا شك فيه أن كثيرا من العقاريين وأصحاب رؤوس الأموال منهم من فكر ومنهم من حاول ومنهم من نفذ مشروعا أو عدة مشاريع محدودة مما كان مأمولا قبل عدة سنوات، والسؤال المطروح في هذه اللحظة (هل نجحنا في مشاريع التطوير العقاري أم لم ننجح وما هي الأسباب؟).
شخصيا كان يحدوني التفاؤل بشكل كبير ان مشاريع التطوير العقاري سيكون لها شأن كبير في سوق المملكة حيث تعدد مدنها الرئيسية والحاجة إلى تطوير العديد من المشاريع التي تخدم هذه المدن وسكانها في ظل الطلب المتزايد على الوحدات السكنية، وبالفعل كانت وما زالت هناك مبادرات أشبه بما تكون مبادرات فردية وبعدد محدود من المشاريع، اضافة إلى أن نسبة نجاح هذه المشاريع من زاوية العوائد الاقتصادية لم تكن مرضية بشكل كبير في ظل حجم الاستثمار المدفوع والمخاطر المترتبة عليه، فأصبحت المشاريع القليلة أيضاً في انحسار، خاصة في الآونة الاخيرة مع تخوف الكثيرين بان مشاريع وزارة الإسكان المنتشرة في غالبية مناطق المملكة ستؤثر تأثيرا كبيرا على مستوى الطلب على هذه المشاريع والربحية المتوقعة منها.
غالبية المهتمين بشأن التطوير العقاري كانوا يتوقعون وبشكل كبير إصدار وإقرار مجموعة من الأنظمة التي ستساعد على تنظيم مشاريع التطوير بشكل قانوني ومؤسساتي والذي من شأنه سيساهم إلى حد بعيد من تغيير في المفهوم وتدفق كبير في حجم رؤوس الأموال المستثمرة، والاستفادة من الدول التي سبقتنا في هذا المجال لنقل التجارب الناجحة لدعم أحد أهم وأكبر القطاعات الاقتصادية في المملكة، ولكن وإلى هذه اللحظة لا نرى عملا مقنعا في هذا الاتجاه، ولا أعلم ما هو السبب، مما يعزز بشكل كبير ابقاء الوضع على ما هو عليه وتبقى سيادة الاتجار في الاراضي البيضاء هي الحل الوحيد أو الأكثر ممارسة حتى هذه اللحظة، وهذا ما لا نريده.
لا أحد ينكر أو يختلف ان صناديق الاستثمار العقارية التي تؤسس من خلال الشركات الاستثمارية المرخصة من هيئة سوق المال بدأت تساهم بشكل جيد في دعم توجه مشاريع التطوير العقاري، وبأدوات محفزة للعقاريين والمستثمرين، ولكن وحدها الصناديق الاستثمارية لا تكفي في خلق طفرة نوعية لهذا النوع من المشاريع، حيث أهمية وجود رؤية موحدة تقودها الحكومة لخلق هذا الفارق، وأهمها رؤية التخطيط العمراني ومشاريع البنية التحتية والصيانة والتشغيل، إضافة الى نظام مالي متكامل وهيئات تشريعية ورقابية ونظام بنكي واستثماري مما يعزز تواجد الحوافز للاستثمار في مشاريع التطوير العقاري، وهذا هو المأمول.
في وقتنا الحالي يعتبر مشروع مركز الملك عبدالله المالي الذي يقوم بتطوير صندوق التأمينات الاجتماعية الأكبر في المملكة والوحيد تقريبا من حيث المساحة والحجم والمبلغ المستثمر، والأشهر القادمة نحن على عتبات افتتاح هذا المشروع العملاق بعد سنوات من البدء بإنشائه، وكنت أتمنى ومازلت أن يكون هذا المشروع هو أحد مشاريع القطاع الخاص وأن تتكرر مثل هذه المشاريع في جميع مدن المملكة، وإذا رجعنا للوراء أين شركة عقارية الرياض من مشاريع التطوير بعد ما نفذت العديد من المشاريع قبل سنوات بعيدة وغيرها العديد من الشركات التي حاولت، هل لم تحقق العوائد المطلوبة أم يوجد خلل في المنظومة التي من شأنها دعم رؤية التطوير العقاري.
نقلا عن اليوم