سوق الأسهم هو أحد أهم وسائل الاستثمار في السوق المحلي، ومن خلال الأموال التي ضخت في هذا السوق نشأت العديد من الشركات ووسعت أخرى في أنشطتها. حيث ساعد هذا السوق على تحويل مدخرات العديد من المواطنين من مجرد أرصدة مجمدة إلى سيولة مؤثرة في الحركة الاقتصادية.
وكأي سوق حديث مر سوق الأسهم السعودي بفترات صعبة نتيجة لعدم اكتمال القوانين المنظمة لعمل السوق، أو لضعف قدرات الجهة المسئولة عن السوق.
والأهم من هذا كله كان سلوك وأداء المستثمرين في هذا السوق سواء كانوا أفراداً أو صناديق استثماريه أو بنوك وشركات وساطة.
ويشكل الأفراد الشريحة الأكبر من الفئات المستثمرة في السوق السعودي، حيث يستحوذون على حوالي 92% من قيمة الاسهم المتداولة حسب بيانات شهر يونيو الماضي، لذا فإن سلوك الافراد الاستثماري يعتبر هو الموجه الرئيسي لحركة السوق المحلي.
لكن سلوك الأفراد تحكمه عدة عوامل مختلفة، أهمها حركة وتوجهات اللاعبين الرئيسيين أو المضاربين الكبار (من الأفراد والمؤسسات والصناديق الاستثمارية). حيث يستطيع هؤلاء، والذين يتميز عملهم بالتنظيم والتنسيق والتخطيط السليم، تحريك عدد من المستثمرين الأثرياء معهم ، والذين يجرون بدورهم مستثمرين آخرين وهكذا.
لذا فإن السلوك الجماعي للمستثمرين الأفراد والذي يعتقد البعض أنه سلوك عشوائي، هو في الحقيقة سلوك طبيعي.
لكن الأثر السلبي لهذا السلوك ينشأ من قوة استقطاب من المضاربين الكبار وقلة عددهم، فكلما أتسم هؤلاء بالقوة المالية والقدرة على التنسيق فيما بينهم "احتكار القلة" كلما زادت قدرتهم في تحريك بقية المستثمرين في الاتجاه الذي يرسمونه، بغض النظر عن موافقته للأسس الاستثمارية السليمة.
استثمار المؤسسات المالية الأجنبية في سوق الأسهم المحلية، والذي اعلنت هيئة سوق المال مؤخراً مشروع القواعد المنظمة له، يخدم السوق والمستثمرين الأفراد بالذات من ناحيتين:
الأولى: زيادة عدد المؤسسات الاستثمارية القوية في السوق والتي تقوم استثماراتها على أسس وقواعد استثمارية سليمة.
وزيادة هذا النوع من المستثمرين يقوم بتقليل قدرة الاستقطاب لدى اللاعبين الرئيسيين في السوق. وهذا بدورة يجعل من حركة السوق أكثر عقلانية واقرب للعمل وفق معايير استثماريه صحيحه.
الثاني: وهو في رأيي أهم من السيولة التي ستضخها هذه المؤسسات في السوق، ألا وهو الخبرة الاستثمارية التي ستجلبها هذه المؤسسات معها، وأثرها في مستوى شفافية وأداء الشركات المساهمة.
فهذه المؤسسات لن ترضى ببعض البيانات والإعلانات الناقصة والعقيمة لبعض الشركات، مثل عبارة (يصعب الأثر قياس المالي) والتي كتب عنها الأستاذ/محمد العمران، بل ستطالب بمزيد من الوضوح والشفافية.
كما سيكون لها أثر فاعل في الجمعيات العمومية ومناقشة أداء الشركات ومحاسبة أعضائها التنفيذيين وتطوير القدرات الإدارية والاستثمارية للشركات من خلال قدرتها على النفاذ لمجالس الإدارات.
هذه هي الإضافة الحقيقة التي نرجوها من دخول المؤسسات المالية الأجنبية إلى سوق الأسهم المحلية، والتي أرجو أن لا توضع امامها العراقيل بحجة حماية السوق من الأموال الساخنة أو سيطرة الأجانب على السوق.