يؤدي ارتفاع أسعار أسهم الشركات المساهمة العامة المدرجة في الأسواق المالية فوق قيمها العادلة أو المنطقية إلى ارتفاع أخطارها نتيجة توقعات تعرضها إلى التصحيح أو التراجع في أي وقت.
وساهمت موجة التصحيح القوية التي تعرضت لها سوقا الإمارات قبل نحو شهرين في تراجع أخطارها، وأدى هذا التصحيح المهم والذي تأخر حدوثه، إلى تحسن مؤشرات جاذبية الأسعار السوقية لأسهم الشركات المدرجة.
وأصبح متوسط مضاعَف الأسعار لأسهم الشركات المدرجة في سوقي أبو ظبي ودبي، وهو من أهم المؤشرات بالنسبة إلى الاستثمار المؤسسي والاستثمار الطويل الأجل، الأرخص على مستوى أسواق الخليج النشطة، وفي مقدمها أسواق السعودية والكويت وقطر.
وعلى المستوى الفردي انخفض مضاعف أسعار أسهم بعض الشركات المهمة في سوقي الإمارات، ولذلك يمكن القول إن موجة التصحيح خلقت فرص استثمار مهمة للمحافظ الاستثمارية المحلية والأجنبية إضافة إلى فرص مهمة للمستثمرين في الأجل الطويل.
العامل المهم الآخر لانخفاض أخطار الاستثمار في سوقي المال الإماراتيتين متعلق بموضوع النمو في الأرباح الذي حققه معظم الشركات المساهمة العامة المدرجة في السوقين خلال النصف الأول من العام والذي يُعتبر أيضاً الأفضل على مستوى أسواق المنطقة في ظل تحسن أداء القطاعات الاقتصادية المختلفة وفي مقدمها قطاعات العقارات والخدمات والمصارف، مع الأخذ في الاعتبار أن النمو المتواصل في ربحية الشركات ينعكس على مؤشرات أدائها ويساهم في نمو قيمة توزيعاتها السنوية ونسبتها، إضافة إلى المساهمة في نمو حقوق مساهميها نتيجة تحويل الأرباح الفائضة عن التوزيع إلى احتياطات، ما يساهم في ارتفاع القيم الدفترية للشركات.
وحقق بعض الشركات القيادية التي تستحوذ على نسبة مهمة من التداولات نسبة نمو متميزة في صافي أرباحها خلال النصف الأول من العام، وفي مقدمها شركة «إعمار» العقارية حيث بلغت نسبة النمو 41 في المئة بينما بلغت النسبة لشركة «الاتحاد العقارية» 423 في المئة ولشركة «دبي للاستثمار» 118 في المئة ولـ «بنك دبي الإسلامي» 82 في المئة ولسوق دبي المالية 385 في المئة ولـ «ديار» العقارية 145 في المئة.
ويعكس هذا النمو المتميز النمو المتميز في الناتج المحلي الإجمالي للإمارات الذي يعززه الإنفاق الحكومي الضخم والنشاط الملحوظ للقطاع الخاص.
وفي الوقت ذاته ينعكس النمو المتميز لأرباح الشركات إيجاباً على مؤشرات جاذبية أسعارها فيُعاد احتساب هذه المؤشرات بعد كل إفصاح دوري (كل ثلاثة أشهر) استناداً إلى تطورات الأرباح.
ويرتبط العامل الثالث بثقة الاستثمار الأجنبي في الفرص الاستثمارية المتوافرة في الأسواق بعدما أصبح يؤدي دوراً مهماً في حركة مؤشرات الأسواق المالية الإماراتية، إذ يعتمد هذا الاستثمار في اختيار الفرص على التحليلات والدراسات والبحوث والإحصاءات الصادرة عن الأسواق المالية والشركات، خصوصاً تلك التي تشير إلى قوة هذا الاستثمار واحتفاظه بالأسهم لفترات ما بين متوسطة وطويلة.
وتشير الإحصاءات الأخيرة إلى أن الاستثمار الأجنبي غير العربي ما زال يحتفظ بصافي شراء يتجاوز ثلاثة بلايين درهم (816 مليون دولار) في سوقي الإمارات خلال الشهور السبعة الماضية.
وأشارت الإحصاءات الصادرة عن سوق أبو ظبي إلى نمو صافي شراء الاستثمار الأجنبي خلال الشهور السبعة الأولى من العام بنسبة 250 في المئة لتصل إلى 3.5 بليون درهم، وبلغت حصة المستثمرين الأجانب غير العرب من هذه المشتريات 77 في المئة أو ما يعادل 2.7 بليون درهم منها 1.5 بليون درهم للمستثمرين الأميركيين.
ولا شك في أن الإقبال الأجنبي على الاستثمار مؤشر مهم على تراجع أخطار الاستثمار في الأسواق المالية وثقة هذا الاستثمار بأداء الاقتصاد وأداء الشركات.
أما العامل الرابع فمرتبط بتحسن مستوى الإفصاح والشفافية الذي يساهم في مساعدة المستثمرين في احتساب الأسعار العادلة لأسهم الشركات ما يعزز كفاءة الأسواق ويساهم في خفض أخطارها بدلاً من الاعتماد على الإشاعات.
ولا شك في أن الاستثمار الأجنبي أدى دوراً مهماً في حض الشركات الإماراتية على جوده الإفصاح والالتزام بالمعايير الدولية في إعداد البيانات المالية.
وأخيراً فإن النمو الواضح في حجم القروض التي تقدمها المصارف الإماراتية للشركات والمستثمرين مؤشر مهم على تراجع أخطار الاستثمار في أسهم الشركات المدرجة.
وسابقاً أدى ارتفاع أخطار الاستثمار في الأسواق المالية والمرتبط بالتخوف من تعثر بعض الشركات نتيجة حال التباطؤ الاقتصادي، إلى تشدد المصارف في منح القروض التسهيلات.
كذلك تراجعت أخطار السوق بفضل مبادرة هيئة الأوراق المالية الإماراتية إلى وضع قيود وتعليمات مشددة بالتنسيق مع المصرف المركزي الإماراتي لضبط عمليات التداول بالهامش والشراء على المكشوف التي تقوم بها شركات الوساطة والتي جرت المبالغة بها خلال الأشهر الخمسة الأولى من هذا العام والتي ساهمت في عمليات بيع عشوائية من قبل المضاربين بما عمق خسائر الأسواق.
نقلا عن الحياة