هل حقق «الإدراج المزدوج» هدفه في الخليج؟

07/09/2014 0
زياد الدباس

عندما تقرر شركة إدراج أسهمها في سوق أخرى خارج بلدها الأم، يُطلق على الخطوة اسم «الإدراج المزدوج»، ويُفترض بالأمر ان يحقق أهدافاً إيجابية للشركات والأسواق المضيفة ومساهمي الشركات. وسوقا الإمارات من الأسواق الخليجية السباقة في استقطاب العديد من الشركات الخليجية والعربية لإدراج أسهمها فيهما.

مثلاً، بلغ حجم التداولات منذ مطلع العام بأسهم «بيت التمويل الخليجي» البحريني المدرج في سوق دبي نحو 16.8 بليون درهم (4.6 بليون دولار) وبأسهم «مصرف السلام - البحرين» 15.11 بليون درهم، وهي تداولات قياسية بكل المعايير، بينما بلغت قيمة التداولات بـ «هيتس تيليكوم القابضة» الكويتية 888 مليون درهم، و»الاتصالات السودانية» 585 مليون درهم، و «المدينة للتمويل» الكويتية 592 مليون درهم.

وحقق معظم الشركات الخليجية والعربية التي أدرجت أسهمها في سوقي الإمارات، إضافة إلى إدراج بورصة بلدها الأم، غالبية أهداف هذا الإدراج، وفي مقدمها توسيع قاعدة مساهميها بشريحة جديدة من المستثمرين تتميز بارتفاع مداخيلها، فرفعت بالتالي سيولة أسهمها، فحجم التداول بأسهم «الاتصالات السودانية» في سوق أبو ظبي بلغ عام 2005 نحو أربعة بلايين درهم، ما تجاوز حجم التداول بأسهم الشركة ذاتها في بلدها الأم. ويساهم إدراج أسهم أي شركة في سوقين في رفع كفاءة تسعير أسهمها.

وبالنسبة إلى سوقي الإمارات أتاحت الشركات التي أدرِجت فيهما فرص استثمار جديدة للمستثمرين الإماراتيين والمستثمرين والعاملين المقيمين في الإمارات، ما ساهم في تنويع العائدات والأخطار، خصوصاً ان سوقي الإمارات تفضلان إدراج أسهم الشركات التي تتميز بمؤشرات متميزة للربحية والنمو وتعمل في قطاعات واعدة، كقطاع الاتصالات، مثلاً، إضافة إلى شركات تعمل في قطاعات غير متوافرة في السوق الإماراتية.

وساهم إدراج الشركات الأجنبية في سوقي الإمارات في زيادة عمقهما ورفع مستوى سيولتهما ومداخيلهما من رسوم الإدراج وعمولات البيع والشراء. وبالنسبة إلى الشركات الأجنبية لعب الإدراج في سوقي الإمارات دوراً في ترويج منتجاتها وخدماتها من خلال الإفصاح المستمر عن أسعارها اليومية وبياناتها المالية وأي تطورات في مشاريعها وفق متطلبات الإدراج.

وحقق مضاربون أرباحاً سريعة من خلال عمليات تحكيم تنشأ عن وجود فوارق في أسعار الشركات بين الأسواق. وتمكنت شركات أجنبية مدرجة في سوقي الإمارات من زيادة رؤوس أموالها أو حتى مضاعفتها من خلال إصدار خاص للمساهمين وإصدار عام لغير المساهمين.

وأدى المستثمرون الإماراتيون دوراً بارزاً في تغطية جزء من رؤوس الأموال المطروحة للاكتتاب، فيما شجع التقارب الجغرافي بين دول الخليج والتطابق الكبير بين اقتصاداتها، الشركات الخليجية وفي مقدمها شركات الكويت التي تحتل المرتبة الأولى بين دول الخليج في عدد الشركات المدرجة أسهمها في أسواق خارجها، على إدراج أسهمها في أسواق الخليج وفي مقدمها سوقا الإمارات حيث يسهل على مواطني هذه الدول متابعة أسعارها اليومية وإفصاحاتها عن نتائج أعمالها وبالتالي اتخاذ قرارات الاستثمار سواء بالبيع أو الشراء بسهولة وسرعة.

ولا بد من ان ارتفاع عدد الشركات الخليجية التي تدرج أسهمها في أسواق خليجية أخرى سيسهل ما تصبو إليه هذه الدول من قيام بورصة خليجية موحدة، علماً أن الإدراج المزدوج يساهم في تحقيق الشفافية والتركيز على جودة المعلومات والمستوى العالي من الإفصاح والالتزام بتطبيق المعايير الدولية في البيانات المالية والحوكمة، وبالتالي تفضل الشركات عادة الإدراج في الأسواق التي تتوافر فيها درجة عالية من الشفافية، ويتمتع المستثمرون فيها بالرشد الاقتصادي، وتضم مراكز علمية بحثية متخصصة لتحليل المعلومات المالية ما يسهل عملية احتساب الأسعار العادلة.

معلوم ان بورصتي لندن ونيويورك من أشهر البورصات على مستوى العالم في جذب الشركات الأجنبية، لكن سوقي الإمارات، في ظل الارتفاع الكبير في قيمها، والنمو الكبير في تداولاتها، والإصلاحات البارزة في بيئتها القانونية والتشريعية والمؤسسية، وتطوير بناها التحتية وأنظمتها المتعلقة بالتداول، وتحسين أداء الخدمات السوقية وعمل الوسطاء، تسعيان إلى استقطاب مزيد من الشركات الخليجية والعربية الواعدة بعد تباطؤ هذا الإدراج خلال السنوات الماضية نتيجة التأثيرات السلبية للازمة المالية العالمية.

ويساهم إدراج سوقي الإمارات في مؤشرات عالمية في تحسن سمعتهما وصدقيتهما على المستوى الإقليمي والعالمي نتيجة التزامهما تطبيق الشروط والمعايير التي وضعتها إدارة هذه المؤشرات. يشار إلى ان الإدراج المزدوج من القضايا العصرية والحديثة التي اهتمت بها أسواق المنطقة.

وبادر عدد محدود جداً من الشركات في المنطقة وبهدف النفاذ إلى السوق العالمية والتعامل مع شبكة واسعة من المستثمرين والمستهلكين إلى إدراج أسهمها في بورصات عالمية وفي مقدمها بورصة لندن حيث تحظى أسهم أي شركة بسمعة طيبة فور الموافقة على إدراج أسهمها في البورصة لأن الخطوة تعني التزامها بشروط هذا الإدراج الذي يساهم في زيادة الشفافية والصدقية.

وتفضل الشركات الكبيرة أيضاً إدراج أسهمها في البورصات العالمية، إضافة إلى بلدها الأم للانتقال من بيئة تنقصها جودة التشريعات والقوانين إلى بيئة قانونية تتوافر فيها الجودة في تنفيذ القوانين وجودة في الإفصاح وإجراءات مقاضاة عادلة.

نقلا عن الحياة