بحسب صحيفة «المدينة» طرح صندوق تنمية الموارد البشرية (هدف) 2.6 مليون سيرة ذاتية لعاطلين عن العمل، وهو رقم زاد بنسبة 8 في المئة بين شهري تموز (يوليو) وآذار (مارس) 2014. وعلى العكس انخفضت الوظائف التي يوفرها القطاع الخاص من 29 ألف وظيفة في مارس إلى 27 ألف وظيفة في يوليو بنسبة بلغت 7 في المئة.
بالتأكيد رقم البطالة ما زال كبيراً ومخيفاً، ويزيده سوءاً معرفة أن عدد العاطلين عن العمل من حملة البكالوريوس وما فوقها بلغ 541 ألف عاطل، أي ما نسبته 20 في المئة من عدد العاطلين الإجمالي (حوالى 7 آلاف من حملة الماجستير والدكتوراه).
هذه الأرقام تؤكد عدم جدوى ما تقوم به وزارة العمل وبرنامجها المسمى «نطاقات» من جهود لتوطين الوظائف وسعودة القطاعات. فالبرنامج أفرز سعودة صورية أكثر من كونها سعودة حقيقية، وكانت الوظائف أقرب لزواج المسيار، الذي سرعان ما تحدد نهايته قبل أن يبدأ.
ولا أود أن أحمّل وزارة العمل كل اللوم على ما يحصل في سوق العمل المشوّهة حقيقة لا مجازاً، ولكنها تبقى المسؤول الأول عن السعودة والتوظيف، ولا يجوز أن تضيّع وقتها كثيراً على السعودة الوهمية التي نراها حالياً.
ولذا أرى أن تركز الوزارة حالياً على تفتيش دفاتر الشركات الكبيرة مثل «أرامكو» و«سابك»، و«موبايلي» و«الاتصالات» و«زين» وغيرها، فما نراه أن هذه الشركات وغيرها ما زالت توظف الكثير من الأجانب، وهو ما لا يصح ولا يقبل في ظل وجود سعوديين من حملة الشهادات الجامعية والعليا في مقاعد البطالة، وهذا أولاً.
ثانياً: أن تمنع الوزارة الشركات الكبيرة في البلد من استخدام شركات ومؤسسات صغيرة لتقوم بدلاً منها بالعمل من طريق العقود الخارجية، أو ما يسمى بـ Contract out، فهذه العقود وزعت دم السعودة بين القبائل، وقللت ما تستوعبه الشركات الكبيرة والمرغوبة من وظائف، وأخرجت للسوق شركات ومؤسسات صغيرة لا توظف ولا يرغبها المواطن، ولا تدفع راتباً ولا تبني الوظيفة فيها مستقبلاً.
ثالثاً: تحتاج الوزارة إلى إعادة النظر في دعم وتنمية الأعمال والمنشآت الصغيرة، وتدعم الشباب الراغبين في بداية مشاريعهم الصغيرة بطريقة أفضل مما يتم حالياً من طريق «هدف»، و«ريادة»، و«المئوية»، و«باب جميل» وغيرها.
فالوضع الحالي يقتصر تقريباً على القرض المالي، وهو غير كافٍ ويجب أن يتوازى مع دعم استشاري، وتوجيهي، وإعفاء من بعض القروض والأقساط في حال نجح المشروع ووظّف نسبة معينة من السعوديين.
رابعاً: يجب التركيز أكثر على ما يسمى بـ «بزنس العائلة» Family Business، ودعمه، وتنميته، والسماح لأفراد العائلة الواحدة بالتشارك في المشروع، ودعمهم مالياً ومعنوياً واستشارياً. وإن كان المشروع الصغير يخرج واحداً من البطالة، فمشروع بزنس العائلة يغني ويدعم عائلة بأكملها ويخرجها من العوز والبطالة إلى الغنى والكفاية بمشيئة الله.
وبحسب علمي فإن إيطاليا هي البلد الأكثر شهرة ونجاحاً في ما يتعلق بـ «بزنس العائلة»، ويمكن للوزارة درس تجربتها والاستفادة منها، وتطبيقها في المملكة.
ختاماً، سوق العمل لدينا مشوهة، ويصعب علاج مشكلة البطالة ببرنامج نطاقات وحده، فنتائجه إلى اليوم سيئة للغاية، وغير مفيدة، بدليل ثبات وتزايد أرقام البطالة.
وإذا ما أخذنا وضع توظيف المرأة في الحسبان، وهي المصدر الأكبر للبطالة، ودخول ما يصل إلى 300 ألف سعودي إلى سوق العمل سنوياً، فسنعلم كبر حجم التحديات في هذه السوق.
ولذا يجب على وزارة العمل التحرك على أكثر من جهة، والتفكير خارج الصندوق لحل معضلة البطالة في المملكة.
نقلا عن الحياة