عندما نقارن «متوسط استهلاك الكهرباء للفرد» (صناعي وتجاري وحكومي وسكني) بين الفرد البريطاني والفرد الفرنسي، نجد أن الفرد الفرنسي يستهلك كهرباء بزيادة 39 في المئة عن مثيله البريطاني; أما الفرد الكوري فيستهلك كهرباء 82 في المئة أكثر من البريطاني، أيّ أن الفرد الكوري يستهلك تقريبًا ضعف استهلاك الفرد البريطاني.
ولكن هذه المقارنة خاطئة ومليئة بالعناصر المخالفة للمقارنة السليمة.
«متوسط استهلاك الكهرباء للفرد» مؤشر ليس للمقارنة بين الدول والأفراد، فقط يعطي دلالة عن الاستهلاك في المواصلات والكهرباء والصناعة في القطاع الحكومي والصناعي والتجاري والسكني، فمن الخطأ أن نقارن بلد مليئة بالمعامل النفطية والبتروكيماوية أو الصناعيَّة ببلد ليس بها نفط ولا صناعات بالحجم نفسه، وهناك عدَّة عوامل أخرى.
هذا المقال لا يدعو إلى إهمال الدور التوعوي لترشيد الاستهلاك، إنما فقط لتوضيح بعض الملابسات في مفاهيم المقارنة والتهويل.
«استهلاك الكهرباء في القطاع السكني» وغيره يعتمد على عدَّة عوامل مؤثِّرة، فبعض الدول تميل للأجواء الحارة ستة أشهر في السنة، وبعضها ثمانية أشهر وبعضها أكثر وبحاجة لأجهزة التكييف بكثرة ; وهناك دول قارصة البرودة ثلاثة أشهر في السنة وبعضها قد يصل إلى ستة أشهر أو أكثر وبحاجة إلى أجهزة التدفئة. وأيْضًا هذا الكلام ينطبق على مناطق ومدن مختلفة من الدولة نفسها.
وكذلك استهلاك وقود السيارات يعتمد على عدَّة عوامل مؤثِّرة، فبعض الدول أو المدن تجدها مهيأة بالبنية التحتية للمواصلات فتجد قطارات داخل وبين المدن، والحافلات المناسبة والمطارات والطائرات والشوارع الواسعة، وفي المقابل يوجد دول ومدن على العكس تمامًا تنقصها تلك الخدمات فتجد استهلاك الوقود بها مرتفعا. في المجمل لا تستطيع المقارنة بين دولة وأخرى أو مدينة وأخرى، ولكن هناك بعض المؤشرات التي تساعد على معرفة إن كانت الدَّولة أو المدينة عالية الاستهلاك ولديها هدر في الوقود أو الكهرباء أم لا.
استهلاك وقود البنزين في المملكة لا يمكن مقارنته بدولة أخرى ما لم تجد بلد مماثلة وبها التركيبة السكانية والاجتماعيَّة والتنموية نفسها، فحسب التقارير الرسمية (منها تقرير الدول المصّدرة للنفط «أوبك»)، الاستهلاك في المملكة 480 ألف برميل يوميًا، أيّ 76 مليون لتر يوميًا; وإذا قسمنا هذا الاستهلاك على عدد السيارات (10 ملايين سيارة)، سنجد أن متوسط استهلاك السيارة الواحدة 7.6 لتر، أيّ أن متوسط تعبئة خزان وقود السيارة الواحدة للبنزين بسعر 4 ريالات فقط في اليوم الواحد.
أجزم أن تعبئة بنزين بـ 4 ريالات في اليوم لا يكفي للمشاوير الضرورية، ونظرًا لغياب معايير المقارنة الحقيقية، سأترك الحكم للقارئ إن كان تعبئة خزان سيارته بـ 28 ريالاً أسبوعيًا تكفي للمشاوير الضرورية أم أن هناك هدرًا وزوائد! أما بالنسبة لاستهلاك الكهرباء فالمقارنة لاستهلاك السكان أسهل بكثير، وبما تكون المقارنة قريبة وإن لم تكن دقيقة.
فأفضل مؤشر لاستهلاك الكهرباء لتحديد هدر المواطن والمقيم هو «متوسط استهلاك الفرد للكهرباء في القطاع السكني»، فتجده الأعلى في العالم في دولة النرويج بمتوسط 7900 (ك. و. س.)، تليها الولايات المتحدة بـ4650، وكلٍ من السعوديَّة وفنلندا بـ 4400، والسويد وكندا بـ 4300، وجميع هذه الأرقام بوحدة (ك. و. س.) أو (كيلو وات - ساعة).
وعندما نقارن استهلاك الفرد في النرويج بجارتيها فنلندا والسويد تجده الضعف مع أنهَّم يتشاركون في برودة الأجواء والبنية التحتية متشابهة ومستوى الوعي وثقافة الهدر لديهم عالية جدًا، ولكن عندما تعلم أن النرويج تستخدم الكهرباء للتدفئة بينما فنلندا والسويد لا تستخدمان الكهرباء للتدفئة، تعلم أن المقارنة ليست عادلة.
عمومًا، النرويج اختارت الكهرباء كوقود للتدفئة لأن 90 في المئة من معامل الكهرباء تستخدم الشلالات كوقود للمعامل، وليس نفطًا أو غازًا أو غيره.
ومن جهة أخرى، وبمقارنة أكثر واقعية وحقيقية، متوسط استهلاك الفرد الأمريكي للكهرباء 4650 (ك. و. س.)، أيّ أن هناك ولايات تكون حارة في الصيف (الولايات الجنوبية) وتستهلك كهرباء أكثر من متوسط بقية الولايات، فمثلاً متوسط استهلاك الفرد للكهرباء في ولاية لويزيانا 6960 (ك. و. س.)، وولاية ألباما 6900، وفلوريدا 6000، وجورجيا 5800، وتكساس 5600، وجميعها بالـ (ك. و. س.).
جميع هذه الولايات حارة صيفًا وقريبة جدًا من مناخ جدة والرياض والدمام في الصيف والشِّتاء، ولكن متوسط استهلاك الفرد للكهرباء في القطاع السكني بهذه الولايات أكثر من متوسط استهلاك الفرد في القطاع السكني بالسعوديَّة والزيادة بين 27 في المئة و58 في المئة، هذه هي المقارنة العادلة مع أن أسعار الكهرباء أغلى بكثير من السعوديَّة، والمواطن الأمريكي حريص ويتلقى الكثير من الإرشادات في الاستهلاك.
لا شكَّ أن هناك ارتفاعًا في استهلاك الكهرباء والوقود في المملكة، ولكن يجب عدم توجيه أصابع الاتهام للمواطن مباشرة، فهناك خفايا كثيرة للموضوع، فالمعلومات والبيانات معروفة لدى المختص بهذا الشأن.
المركز السعودي لكفاءة الطاقة «كفاءة» حريص على تحديد مكامن الخلل في هدر الاستهلاك، ولديه برامج مُتعدِّدة لمعالجة النواقص، ويجب على كلّ من أؤتمن على قلمه أن يتحرى الحقائق قبل الكتابة بمعلومات غير دقيقة.
نقلا عن الجزيرة
ابق على اطلاع بآخر المستجدات.. تابعنا على تويتر
تابِع
عزيزي الكاتب لو ألقيت نظرة من برجك العاجي على أنواع وأحجام المركبات التي تسير في الشوارع وقارنتها بالدول الأخرى لعرفت ما هو سبب الهدر . هل سبق أن رأيت مركبات بسعة ثمان اسطوانات في أوروبا بالكثرة التي تجدها عندنا؟
لطالما اتهم المواطن لدينا بالاسراف في استخدام الكهرباء والمياه وتم التلويح له بعصا زيادة التعرفة أكثر من مرة الشكر لك يا مهندس برجس على التوضيح وجلب المقارانات العادلة.
حقيقة معلومة صادمة لي، لأني حسبما سمعت من الكتاب والمحللين إننا أعلى استهلاك للكهرباء للفرد الواحد ربما في العالم!! وأستغرب أن استهلاك الفرد في أمريكا بالكيلو وات/ساعة أعلى من السعودية!!! حبذا مصدر المعلومة. بكل تأكيد التكلفة على الفرد في أمريكا أعلى ولكن كمية الاستهلاك أعلى في أمريكا؟؟ فيه خلل ما! هل كمية الاستهلاك مقسومة على عدد السكان أم على عدد الأسر؟
المواطن ضحية المقارنات الخاطئة في اغلب الأحيان و الكاتب قدم لنا مقارنات منطقية
للأسف بعض الناس صارت تنام في السيارة والمكيف شغال.
أحسن عزيزي الكاتب .. فللأسف المواطن اليوم هو المُتهم الأول في الهدر و الفساد من مسؤولين باعُوا ذممهم و أمانتهم و أصبح الكذب و التدليس منهجا لتمرير ما يخططون له من مشاريع لا تخدم الوطن بقدر ما تمول جيوبهم الفاسدة.
ردا على الشخص صاحب التعليق الأول .. أنت أولا بطلبك من الكاتب و لو نزلت من بُرجك لوجدت الحقيقة فيما كتبه الكاتب. و أما قصة أوروبا و السيارات بثمانية أسطوانات فمن محاسن الصدف أن أوروبا التي ضربت لنا بها مثلاً .. معظم سياراتهم المُصنعتُ في بلدانهم ذات ثمانيةٍ أسطوانات!!
هل تعلم ان اكثر المهربين من الديزل والبنزين من اصحاب زيوت المحروقه اسال عن من يملك هذا الحرفه
ﺑﻌﺾ الكتاب عندما تقرأ له تشعر انك ﺍﻣﺎﻡ مﻭﺳﻮﻋﻪ ماشاء الله تبارك الله
اشكر صاحب المقال على طريقة تفكيره وتحليله للمساله ،، مع اني ما زلت لا اصدق ان استهلاك الفرد الامريكي في الولايتين التي ذكرتهم اعلى من السعودية .. بدليل كيف عرفت معدل استهلاك المواطن السعودي بال (ك.و.س) مع انك ذكرت اننا بالسعودية لا نستخدم هذا المعيار ؟؟
الأهم ان لا يذهب الدعم للأغنياء ، فدعم البنزين والكهرباء والماء يستفيد منه الغني اكثر لانه يملك فيلا وسيارات واستراحت وحديقه ، اما المسكين فيسكن بيت اصغر وسياره ولا يملك حديقه او استراحه ، لو أعطينا كل مواطن بدل مالي ورفعنا التعرفه لوفر المسكين واخرج الغني جيبه ثمن إسرافه ول سدنا الاستهلاك بطرق عمليه وليس بالكلام
ذكرتها مررا وتكرارا ان هذه المقارنات ظالمه للمواطن ولا تعبر عن حقيقه الاستهلاك سواء ماء كهرباء او وقود كل التقارير المقارنيه غير صحيحه وبإعتقادي ان هذه التقارير يراد بها مأرب اخرى الله اعلم بها.
مقال ممتاز ومنطقي لكن ألا تلاحظ كاتبي العزيز أن لوم المواطن ورقة يتم الضغط بها لزيادة الأسعار ولتغطية العجز الحاصل في الخدمات ؟!! شكرا لك مرة أخرى فعلا مقال يستحق النشر
أقول ..... على شحم بس!
كفى جلدا بالمواطن المظلوم ... يقال فى الاعلام الآن ان الف فرد فى السعودية يستهلكون 110 براميل باليوم وامريكا 66 برميل والصين 6 براميل ...خافوا الله واعقلوا فى المعلومات ...ارقام مزيفة لاتصدق ( نحن قليلي العدد والمملكة شاسعة وجوها صعب ) ..اذا قلنا 4 ملايين برميل باليوم واغلبها للكهرباء والنقل والصناعة ( وليس لدينا محطات طاقة مائية ونووية )... وش دخل الفرد السعودى يها ..بعيدة كل البعد عن الواقع ... كفى تشويه للسعودى .. ارفعوا البنزين وسووا وسائل نقل جماعية ( قطارات وحافلات منتظمة داخل وخارج المدن) وراح يقل الى أكثر من 70% من الرقم المذكور .زى ماهو موجود لدى الآخرين فى المقارنة غيرالعادلة .
تابع .... شفتوا فائدة البنى التحتية عندما تسوى قى وقنها ولو جت فى وقتها ما شفنا هالارقام الغريبة للفرد السعودى ... مو تؤخر الين تحصل المعاناة...
http://www.almadrassa.net/vb/showthread.php?p=16778