على مستوى المملكة، فإن نسبة الغذاء الذي تستورده من الخارج تقدّر بحوالي 100 مليار ريال، وهذا يعني أن 95% منه يستورد من دول أوروبا وأمريكا، ويمثل ما تستورده من الدول الإسلامية 5%، حيث تحتل الأغذية المرتبة الثالثة بين واردات البلاد، بل يلاحظ أنه حتى البلاد العربية والإسلامية التي تتمتع بموارد مائية وأراض خصبة للزراعة تعاني بين الفينة والأخرى من فجوة غذائية.
وهنا تبرز حاجة ملحّة لتنمية مقومات البلاد الإسلامية والعربية الزراعية والغذائية، ومن ثم تنشيط التجارة البينية بينها في المنتجات الغذائية بشكل خاص، من خلال تحفيز الشركات والمستثمرين والهيئات والمنظمات في الدول الإسلامية للعمل من أجل مصلحة تنمية التجارة ورفع حجمها من خلال إزالة المعوقات والتحديات، وبالتالي أجد أن مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز -حفظه الله ورعاه-، لهي خارطة الطريق الجدية لخلق استراتيجية صناعية غذائية على مستوى الأمتين العربية والإسلامية في أفريقيا وآسيا.
وبالتالي أعتقد أن هذه الدول مجتمعة (الدول العربية والإسلامية) في حاجة ماسة للاستفادة من مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز -حفظه الله ورعاه- للاستثمار الزراعي في الخارج، والتي نبعت من إيمانه وإحساسه بحاجة الأمتين العربية والإسلامية لبعضها البعض، ومثل العمل لخلق نوع من التعاون بينها، وبالتالي فإن في هذه المبادرة خلق بنية تحتية قوية لإطلاق مشاريع وصناعات غذائية جديرة بأن تكفي كل المنطقة ما تحتاج من الغذاء وتكفيها مشكلات استيراده من دول أخرى لا تشبهنا في شيء.
ولو أنه بالفعل كان هناك استثمار حقيقي لمبادرة خادم الحرمين الشريفين للاستثمار الزراعي، لحلت ليس فقط مسألة استيراد المواد الغذائية للمملكة ولكن لساهمت في تأمين غذاء تلك الدول التي تستفيد من هذه المبادرة، ولكفتنا جميعا الواردات الأجنبية، التي تحتاج إلى الكثير من الإجراءات والمتابعة لتهيئتها لمبادئ الشريعة الإسلامية مثل الذبح الحلال وغيرها من إضافة المواد التي تحرمها الشريعة الإسلامية.
ويقيني أنه لو استثمرت هذه المبادرة بشكل جدي، ستشهد الدول العربية والإسلامية حراكا اقتصاديا من شأنه ان يحفز تجارتها البينية ويحسن بيئتها الاستثمارية، من خلال حفز القيادات الاقتصادية والمنظمات المتخصصة والجهات المعنية بالتجارة في الدول الأعضاء، على تطوير وتنمية العلاقات ورفع العوائق التي حالت دون الوصول إلى تبادل تجاري ناجح يساهم في سد حاجة الدول فيما بينها والاستغناء عن الاستيراد من الدول الأجنبية في مجال الغذاء من جهة، ولفتحت الأبواب واسعة أمام تنويع الاقتصاد فيها من جهة أخرى.
نقلا عن اليوم