اطلعت على تصريح سعادة السفير الصيني لدى السعودية السيد لي تشنغ ون، الأسبوع الماضي في إحدى الصحف، وقال: إن بلاده تعمل مع المملكة العربية السعودية؛ لزيادة العلاقات التجارية والتبادل التجاري بين جمهورية الصين والعالم العربي من ٢٤٠ مليارا إلى ٦٠٠ مليار دولار، خلال السنوات العشر القادمة، وأن يتم ذلك من خلال بوابة السعودية، إضافة إلى حزم أخرى من تنشيط وتوثيق العلاقات التجارية بين البلدين وبين الصين والدول العربية بشكل عام. وفي الحقيقة، هذا ليس بمستغرب في ظل أن السعودية أكبر مورد للنفط الخام لجمهورية الصين، وأكبر شريك تجاري لها في غرب آسيا، وفي الوقت الذي كلا البلدين يسعيان لاستقرار نمو اقتصادي، يمكنهما من المساهمة التنموية على المستويين المحلي والعالمي.
في واقع الأمر، إن هذه خطوة متوقعة، وتصب في مصلحة اقتصاد كلا البلدين من باب القوة الاستراتيجية الاقتصادية لكل منهما، والمملكة تحديدا نجحت منذ تأسيسها في بناء الشراكات الاستراتيجية مع الدول الأكثر قوة ونفوذا اقتصاديا، وعلى رأسها الولايات المتحدة واليابان وبريطانيا وألمانيا، وتتمتع هذه العلاقات باستقرار وتعاون كبير بين المملكة وهذه الدول إلى هذه اللحظة، وعند انضمام الصين وهي أكبر ثاني قوة اقتصادية عالمية إلى هذه المجموعة، فإنه وبلا شك سيعود بشكل كبير على مصلحة البلدين على المدى القصير والطويل.
وفي هذه العلاقة، على المسئولين السعوديين أن يعملوا على تطوير نموذج مختلف من العلاقات الاقتصادية بين البلدين، تتعدى حدود التبادل التجاري الى التعاون الصناعي، حيث جمهورية الصين حاليا من أكبر الدول الصناعية والمنتجة في العالم، ونجحت في ذلك في وقت قصير جداً، واستطاعت ان تحول مفهوم الثورة البشرية إلى ثروة بشرية في زمن قياسي يعتمد على الإنتاج، وليس أي شيء آخر، ونحن علينا ان نستثمر هذا الجانب منذ البداية، وان نعمل على أن يكون محور العلاقة هو دعم التصنيع والإنتاج المحلي، مدعوماً بنقل المعرفة والتقنية من الصين.
إن قوة المملكة الإقليمية والدولية اقتصاديا وثقافيا، يمثل نقطة جذب لدى العديد من دول العالم، لذا علينا استثمار هذا التميز وتحويله الى استثمارات طويلة الأجل لخدمة الأجيال القادمة، والانتقال الى مرحلة اخرى اكثر استقرارا وتفوقا عبر تعدد وتنوع مصادر الدخل، وتقليل الاعتمادية على مصادر دخل النفط ومشتقاته عبر خطة طويلة الأجل، وقد يكون الانفتاح الى الاسواق الدولية والاستثمار البشري في المواطنين السعوديين، وتوطين التقنية وتطويرها محليا، وبمساعدة من الدول المتقدمة صناعيا، خطوة مطلوبة في هذه المرحلة؛ لبناء مستقبل اكثر استقرارا وأكثر إشراقا.
وفي الختام، أتمنى لبلدي كل التوفيق في مساعيها، وأن يوفقها ومسئوليها في جميع أعمالهم القادمة، وكل عام وأنتم بخير ومليكنا ووطننا في أحسن حال بإذن الله.
نقلا عن اليوم