تواجه الشركات النفطية المنتجة والمستثمرة في النفط الصخري الأميركي تحدياً يتمثّل في إمكانية تصدير هذا النفط في صيغته الخام إلى خارج الولايات المتحدة سعياً وراء أسعار منافسة وزيادة في العائدات من استثماراتها.
وعلى النقيض من الشركات، ترفض مصافٍ محلية فكرة بيع النفط الخام الأميركي في الخارج، إذ تريد إبقاء الأمر على ما هو عليه منذ 1975 عند إصدار قانون بوقف تصدير النفط الخام.
هذا القانون يصب في مصلحة المصافي التي تشتري النفط المحلي بأقل الأسعار مقارنة بالأسعار الدولية إذ تدفع 10 دولارات تقريباً أقل من السعر العالمي لمزيج "برنت" القياسي فتحقق أرباحاً قياسية مقارنة بالمصافي المحلية الأخرى التي تعتمد على النفط المستورد من الخارج.
ولا تمانع المصافي الأولى وجود تخمة في الأسواق الأميركية المحلية من النفط المحلي. ولم لا فكلما ازدادت الفوائض النفطية رخص سعر النفط المحلي وصب الأمر في مصلحتها.
لكل من الطرفين وجهات نظر جديرة بالاعتبار. لكن همّ المستهلك الأميركي النهائي يتلخص في ألا يتعرض إلى زيادة في سعر البنزين الذي يُعتبر المحرك الأهم لحياته اليومية.
وعدا عن ذلك هو يرى في الخلاف مجرد تضارب مصالح. وتحركت لوبيات للتأثير في الكونغرس لإصدار قرار يتمسك بقانون 1975 أو يلغيه.
ويرى المستثمرون في هذا القطاع ان الوقت مناسب للسماح بتصدير نفط الخام الأميركي إلى الخارج طالما تملك الولايات المتحدة طاقة إنتاجية فائضة والمصافي الحالية المعتمدة على النفط الخفيف لا تستطيع ان تستهلك كميات أكثر، فيما المصافي الأخرى تستورد النفط الثقيل من الخارج.
وإذ تكاد أميركا ان تكون مكتفية ذاتياً بالنفط الخفيف، فلا خيار سوى التصدير الخارجي في حال زاد الإنتاج كما هو متوقع.
القوانين الحالية لا تسمح بتصدير النفط إلى الخارج عدا إلى كندا، أما المشتقات والمنتجات النفطية الأميركية فلا تواجه مشكلة إذ بدأت تصدَّر كميات أكثر وأكثر منها.
ويتوقَّع ان تزيد أميركا إنتاجها من النفط الصخري ما بين مليون ومليوني برميل يومياً بحلول 2016، وإنتاجها من هذا النفط في تزايد من المعدل الحالي البالغ ثمانية ملايين برميل يومياً ويُتوقَّع ان يصل إلى 12 مليوناً في 2020.
والسماح بتصدير النفط الأميركي إلى الخارج سيساعد قطعاً في زيادة الاستثمارات في هذا المجال وسيساعد في خلق وظائف إضافية قد تفوق مليون وظيفة مع كل زيادة سنوية بمعدل مليون برميل يومياً.
وان زادت أسعار النفط بالنسبة إلى المصافي المحلية فهذا لن يؤثر في أسعار المشتقات النفطية محلياً لأنها أكثر مرتبطة بالأسعار العالمية ولأن معدل الضريبة على بنزين السيارات هو الأدنى في الدول الصناعية الكبرى.
وبعض الشركات الأميركية التي تملك بعض الحقول النفطية التقليدية بدأت ببيع حقولها لتستثمر المبالغ المالية ذاتها في حقول النفط الصخري.
وأفضل مثال شركة "ماراثون" الأميركية التي باعت حصتها في بحر الشمال لتتجه محلياً إلى النفط الصخري.
وهو أمر يجب النظر فيه حول التوجه الحقيقي إلى هذا القطاع الجديد بكثير من الاستفهامات والتساؤلات. فهل سينافس النفط الصخري فعلاً النفط التقليدي؟
الآن أميركا منقسمة حول الخيارات والبدائل، وهي تعلم ان معظم مصافيها مبنية على استيراد النفط الرخيص الثقيل من الدول النفطية لكنها كانت تستثمر في قطاع التكرير لتصنع المنتجات والمشتقات بمواصفات موحدة، وكانت تستفيد دائماً بسبب فرق الأسعار بين النفط الخفيف والثقيل.
من هنا يبدأ دور اللوبيات الأميركية في الكونغرس، فلكل فريق مناصروه، خصوصاً المصافي المحلية التي تدعي ان السماح بتصدير النفط إلى الخارج سيعني زيادة سعر البنزين للمستهلك المحلي، وتتهم المصافي الشركات النفطية المحلية بالرغبة في تحقيق أرباح خيالية على حساب المستهلك الأميركي، الأمر الذي لو تكونت قناعة به سيقتل اقتراح تصدير النفط الصخري في الحال.
من الصعب جداً الرد على هذه التساؤلات بكل ثبات وإيجابية مطلقة. ويبقى في النهاية الخيار أميركياً وهو يعتمد على اللوبيات التي ستثبت أنها الأقوى.
نقلا عن الحياة