أعلن محافظ هيئة الاستثمار المهندس عبداللطيف العثمان بأن جهات عليا كالوزارات ستشترك مع الهيئة لاعداد خطة استثمارية ترفع للمجلس الاقتصادي بناء على توجيه من المقام السامي لهذه الجهات وبذلك يمكن القول ان الهيئة بدأت باستكمال خطوات اصلاحية جذرية في طريقة تعاطيها مع ملف الاستثمار الاجنبي.
فهذا الملف لطالما اخذ حقه بالنقد في الاعلام المحلي بكافة انواعه ورغم حجم الارقام الكبير الذي اعلن مرارا عن الاستثمار الاجنبي بالمملكة الا ان ذلك لم ينعكس بشكل لافت على الاقتصاد المحلي من كافة الجوانب التي يفترض ان يعكسها وبمعنى ادق لم يحقق الا جزءًا بسيطاً من اهداف فتح الاستثمار الاجنبي ولعل ذلك بسبب اخطاء كانت واضحة في طريقة استقطاب المستثمر الاجنبي حيث غاب مفهوم الفائدة المرجوة للاقتصاد انتاجا وتوظيفا وأي القطاعات يجب ان يتم التركيز عليها بخلاف ما ظهر من مساوئ كالتستر وبيع التأشيرات وغيره من المخالفات التي تم اكتشافها بالسنوات القليلة الماضية ونتج عنها ليس فقط الغاؤها أو معاقبة المخالف وفق اللوائح النظامية بل الاتجاه لغربلة التراخيص ومعرفة واقعها لكي يتسنى التعامل الصحيح مع مفهوم الاستثمار الاجنبي.
ويمكن القول بأن الادارة الحالية لهيئة الاستثمار واجهت هذا الملف الشائك بشفافية ووضوح وبدأت تتعامل معه بواقعية ادت الى اتخاذ قرارات هيكلية بالانظمة ستعيد صياغة الاحتياجات الفعلية للاقتصاد المحلي من الاستثمار الاجنبي فاصدار اطلس يوضح الفرص الاستثمارية بالمملكة مع إعادة النظر بالتراخيص غير الفاعلة او غير المفيدة مع التذكير بان الهيئة اعترفت قبل اشهر بان الاستثمار الحالي جزء منه لا يخدم الاقتصاد وكانت رسالة واضحة بان هناك تغييرات جوهرية قادمة لسوق الاستثمار الاجنبي الذي لم يضف حقيقة الا لجيوب المستثمرين الاجانب ارباحاً كبيرة تصدر للخارج دون فائدة بل تسبب بضغط على الخدمات واستفاد من عوامل التحفيز كرخص الطاقة بخلاف التراخيص الصغيرة كالمقاولات التي نافست المقاول السعودي الصغير واخرجت جزءاً كبيراً منهم من السوق.
إن توجه الهيئة نحو تعديلات كبرى بمجال التراخيص للاستثمار الاجنبي لا يعني بالضرورة انها ستنخفض او تقنن بل سنرى زيادة كبيرة فيها خصوصا اذا ما تركزت بالجوانب التي يحتاجها الاقتصاد مع مزايا مرنة للمستثمر الاجنبي بحسب حجم الاستثمار ونوعيته فلا بد من وضع حقائب خاصة لكل فئة من المستثمرين تميزهم عن غيرهم وترتبط بحجم ونوع النشاط وكذلك نسب التوطين للوظائف ومكان الاستثمار فكلما كان في مواقع خارج المدن الكبرى يفترض ان يحظى بمزايا اكبر الا ان الاهم يبقى هو التركيز على ما ينقص المملكة من سلع وخدمات وان يتم وضع حدود لبعض الاستثمارات فقطاع المقاولات كمثال لا يجب ان يرخص فيه الا لشركات عملاقة او متخصصة بجوانب هندسية معقدة اما ما عدا ذلك فالسوق متشبع منها وسببت اشكاليات عديدة تضرر منها الاقتصاد بكافة جوانبه.
خطوات مهمة تقوم بها هيئة الاستثمار ولا بد من النظر لها بايجابية كونها لا تعالج اخطاء سابقة فقط بل تتجه نحو مفهوم مختلف وقائم على ما يحتاجه الاقتصاد المحلي والحكم على كل تلك الخطوات سيبقى للنتائج العملية على ارض الواقع ولا يمكننا حاليا الا ان ندعم هذه التوجهات الجيدة في ظاهرها الى ان تظهر نتائجها وآثارها الحقيقة والتي ستقاس ايجابياتها وسلبياتها من عدة معايير ومؤشرات ولكن سيبقى لجانب توظيف الشباب السعودي المؤشر الاكثر تحديدا لمقياس نجاح استقطاب الاستثمار الاجنبي للمملكة.
نقلا عن الجزيرة
ابق على اطلاع بآخر المستجدات.. تابعنا على تويتر
تابِع