هل سيضع الرئيس الأميركي باراك أوباما كل خياراته في سلة واحدة هي سلة إنتاج الغاز الصخري الذي بدأ يمثل العجلة والمحرك والمغير الوحيد للاقتصاد الأميركي، ويتوقف هو وإدارته عن النظر في بدائل أخرى؟ وهل بدأت هذه السياسة تضر بالصناعات والبدائل الأخرى للطاقة مثل الفحم والشمس والرياح؟ وهل أزفت نهاية الطاقة الخضراء؟ وهل هي نعمة للدول الأوروبية المعتمدة على الغاز الروسي وبداية لنهاية النفوذ والاحتكار الروسيين في مجال تصدير الغاز إلى أوروبا وتهديداتها السنوية بزيادة الأسعار؟
يدعو كثيرون في الولايات المتحدة الإدارة الأميركية إلى ألا تعتمد حصرياً على هذا البديل الوحيد لأن ثروة الغاز الصخري الرخيص قد تنتهي نهاية 2030 إذ ستكون الولايات المتحدة استنفذت كل مصادرها الحالية الموجودة من مستودعات وتوسعات في التصدير الخارجي، وبعدما تكون الاستثمارات تركزت في الغاز الصخري بسبب مرحلة الغاز الرخيص، ستُستنفَد الموجودات. ولذلك تركز المطالبات على التوسع في مصادر الطاقة والبدائل الأخرى وعدم وضع البيض في سلة واحدة.
في هذه الأثناء، تعتزم الإدارة الأميركية التقدم إلى الكونغرس ببعض مشاريع القوانين البيئية التي تحد من استخدام الفحم في توليد الكهرباء، علماً بأن الفحم كان المصدر الأول لتوليد الكهرباء في الولايات المتحدة قبل أن يحل محله الغاز، المتوقع أن يواصل احتلال موقعه الجديد لفترة طويلة. وفي الوقت ذاته، تواصل الولايات المتحدة أيضاً الابتعاد عن الطاقة النووية الذي بدأته منذ 1978 بعد حادث ثري مايل آيلاند ولم تبنِ أي مفاعل لتوليد الطاقة النووية. ولذلك يُخشى من أن إدارة أوباما تريد أن تستبعد البدائل الأخرى لصالح الغاز الصخري.
ومن هنا يأتي الحذر من الاعتماد على مصدر وحيد في سلة واحدة. لا شك في أن الصناعات بدأت تزدهر وذلك بسبب رخص سعر الغاز فنجد مثلاً ما بين 30 و40 في المئة من المشاريع الاستثمارية المتعلقة بصناعة البتروكيماويات في الولايات المتحدة، لأن أسعار الغاز أرخص بمقدار الثلثين مقارنة ببقية دول العالم، ناهيك عن اعتماد مستهلك الكهرباء الأميركي على الغاز. لكن ماذا لو بدأت أسعار الغاز في الارتفاع؟ هل من بديل؟ وما مصير الشركات التي استثمرت في الغاز كلقيم رخيص؟ وهل من بديل؟ وهناك تخوف أيضاً من عدم سماح كل الولايات بالاستثمار في الغاز الطبيعي لأسباب بيئية أو بسبب نقص في كميات المياه، خصوصاً أن التنقيب يعتمد أساساً على الماء لتكسير الصخور.
لكن في الوقت الحالي الجميع مشغولون ومغلقون آذانهم عن البدائل طالما أن الولايات المتحدة وجدت البديل الناجح، ولا مبرر للبدائل المكلفة الأخرى، خصوصاً وأن عجلة الاقتصاد تتحرك بسرعة وأن أميركا لديها البديل الأرخص عالمياً والجميع يريدون أن يستوردوا جزءاً من هذا البديل الرخيص ومن مصدر آمن.
في المدى المتوسط وخلال السنوات الـ15 المقبلة، لا ترى الإدارة أي تهديد أو أخطار في الاعتماد على الغاز الصخري لحماية الولايات المتحدة من اضطرابات أسعار الطاقة، وترى إقبالاً متزايداً على غازها أولاً، لأن الاقتصاد بدأ يزدهر، ولأن أصدقاءها وحلفاءها يطرقون الأبواب بسرعة، مطالبين بإنجاز البنية التحتية للتصدير الخارجي ليتحقق لديهم بديل من غاز البعبع الروسي. وهذا سبب آخر للإدارة الأميركية يجعلها تجمد مشاريع البدائل طالما أن الغاز الصخري موجود.
نقلا عن الحياة