نظرة مستقبلية لصناعة الغاز الأمريكي

01/07/2014 0
د. سليمان الخطاف

أحدثت أمريكا طفرة عالمية بتحويل الصخور الزيتية الى غازات وسوائل بترولية وسوف يستمر النمو في انتاج الغاز الصخري ليصل الى 53% من اجمالي الغاز الطبيعي المنتج في عام 2040م بحسب ادارة معلومات الطاقة الامريكية.

وبالطبع فان هذه الوفرة بانتاج الغاز الطبيعي ادت الى زيادة كبيرة بالعرض وبالتالي الى انخفاض اسعار الغاز الطبيعي بامريكا.

وبحسب تقرير بريتش بتروليوم الاحصائي لعام 2013م فان الولايات المتحدة تعد اكبر منتج للغاز الطبيعي بالعالم حيث انتجت في عام 2013م حوالي 688 بليون متر مكعب من الغاز الطبيعي وتأتي بعدها روسيا التي انتجت في نفس العام 605 بلايين متر مكعب.

اي ان امريكا وروسيا قد انتجتا حوالي 40% من اجمالي الانتاج العالمي من الغاز الطبيعي والذي وصل الى حوالي 3370 بليون متر مكعب في عام 2013م.

ومن يتابع تغير انتاج امريكا للغاز الطبيعي يلاحظ تزايد الانتاج منذ عام 2007م حيث ارتفع سنوياً بحوالي 20 بليون متر مكعب سنوياً او بحوالي 3-4% وحتي عام 2010م.

ولكن حدثت الطفرة في عام 2011م حيث ارتفع الانتاج بحوالي 45 بليون متر مكعب او بحوالي 7.5% ويبدو ان هذه الفترة الذهبية لانتاج الغاز الصخري في امريكا. واما في عام 2012م فلقد ارتفع الانتاج ايضاً بحوالي 32 بليون متر مكعب او بحوالي 5%.

ولكن في عام 2013م ارتفاع الانتاج الامريكي من الغاز الطبيعي بحوالي 6 بلايين متر مكعب فقط او 1.3 %. وهذه الزيادة لا تعكس اطلاقاً الطفرة الكبيرة التي تعيشها الولايات المتحدة بانتاج الغاز الطبيعي واحتمال تصديره الى اسيا واوروبا.

وفي هذا الاطار يتوقع ان يرتفع الانتاج الامريكي من الغاز الطبيعي الى حوالي 750 بليون متر مكعب بحلول عام 2020م اي بعد ست سنوات من الان ومعظم هذه الزيادة ستكون من الغاز الصخري كما يشرح الشكل المرفق.

ولقد استهلكت امريكا في عام 2013م حوالي 737 بليون متر مكعب ويبدو اضحاً تنامي استهلاكها للغاز الطبيعي مقابل انخفاض استهلاك الفحم الحجري الملوث للبيئة. وبهذا فان امريكا تستهلك لوحدها حوالي 22% من الانتاج العالمي للغاز الطبيعى.

وتأتي روسيا بعدها حيث استهلكت في العام الماضي حوالي 414 بليون متر مكعب. ولاشك ان شهية امريكا لاستهلاك المزيد من الغاز المولد المثالي للطاقة في تزايد خاصة مع انخفاض الاسعار لحدود 3-5 دولار للمليون وحدة حرارية.

وتشير كثير من التقارير المختصة الى وجود اتجاه واضح لاستبدال محطات الفحم الحجري التي تولد الكهرباء بمحطات تعمل على وقود الغاز الطبيعى.

كما يوجد دلائل كثيرة الى تزايد استخدام الغاز الطبيعي في امريكا كوقود للسيارات نظراً لرخص قيمته مقارنة بوقود الجازولين او الديزل.

ولقد سمحت الحكومة الامريكية الى الان لسبعة مشاريع بتصدير الغاز المسال الى اوروبا وشرق اسيا وغالباً ما سيبدأ التصدير في عام 2015م. وتصل قيمة الكمية المسموح بتصديرها الى الان للمشاريع السبعة حوالي 57 بليون متر مكعب سنوياً أو 42 مليون طن متري سنوياً.

ومن المتوقع ان تنتج امريكا في عام 2016م حوالي 725 بليون متر مكعب من الغاز الطبيعي فيصبح نسبة تصدير الكميات المسموح بها الى الكميات المنتجة حوالي 8%.

وتتوقع وكالة معلومات الطاقة الامريكية ان يرتفع سعر الغاز الامريكي الى 7.7 دولار للمليون وحدة حرارية وهو سعر لا يزال اقل بكثير من اسعار الغاز المسال اي ان هذا الارتفاع بحدود المقبول والمعقول.

ارتفعت الاحتياطيات الامريكية المثبتة من الغاز الطبيعي ما بين  2012م و2013م بحوالي 7 % فقط وهذه الارقام لا تشجع على تصدير كميات كبيرة من الغاز الطبيعي خاصة مع تزايد الاستهلاك الامريكي للغاز.

والجدير بالذكر ان احتياطيات تركمانستان المؤكدة تبلغ ضعف الاحتياطيات الامريكية. ولذلك فقد اصبح الارتفاع بالانتاج امراً محتملاً ولكن غير مؤكد.

ومما يعزز هذا الشعور اشتراط وزارة الطاقة الامريكية في موافقتها على تصدير الغاز الطبيعي للخارج بان يكون لها الحق في وقف التصدير اذا اقتضت المصلحة القومية ذلك. وهذه اشارة واضحة الى امكانية تنافس الطلب الداخلي المتزايد مع تصدير الغاز.

وتتوقع وكالة معلومات الطاقة في تقريرها الاخير الذي اصدر في شهر مايو المنصرم ان يرتفع الاستهلاك الامريكي للغاز الطبيعي بشكل مستمر ليصل الي حوالي 0.9 تريليون متر مكعب بحلول 2040م مدعوما بتنامي استهلاك الغاز لتوليد الطاقة بحوالي 57 بليون متر.

وسيزيد استهلاكه صناعياً بحوالي 70 بليون متر مكعب وسيزيد استخدامه كوقود لوسائل النقل بحوالي 25 بليون متر مكعب في عام 2040م. وهذا يؤدي الى وجود 100 بليون متر مكعب كفرق بين الانتاج والاستهلاك في عام 2040م وهو ما يمكن تصديره من ناحية نظرية.

وفي الختام تبقى اسعار النفط والفارق بينها وبين اسعار الغاز الطبيعي في امريكا العامل الاهم الذي يحدد نمو انتاج واستهلاك وتصدير الغاز الطبيعي الامريكى.

فلو ارتفعت اسعار النفط وارتفع الفارق بينهما الى اكثر من 20 دولار للمليون وحدة حرارية فمن الطبيعي ان يزيد استهلاك الغاز الطبيعي في توليد الكهرباء واستخدامه كوقود لوسائل النقل وايضاً تسييله لتصديره كغاز مسال.

واما اذا انخفضت اسعار النفط وانخفض الفارق بينها وبين اسعار الغاز الطبيعي الى حوالي 10 دولارات للمليون وحدة حرارية فسيقل استهلاك الغاز كوقود لوسائل النقل وسوف ينخفض تحويل الغاز الى سائل للتصدير لانه غير مجد اقتصادياً.

حالياً تعيش اسعار النفط افضل اوقاتها حيث يبلغ الفرق بين اسعار النفط في امريكا (107 دولارات للبرميل = 19 دولارا للمليون وحدة حرارية) واسعار الغاز الطبيعي (4.5 دولار للمليون وحدة) حوالي 14 دولارا وهذا يعني ان الفارق لا يزال في صالح استهلاك وتصدير الغاز الطبيعي الامريكى.

ولكن انخفاض معدل زيادة انتاج الغاز السنوي في الولايات المتحدة يبقى مؤشرا غير جيد لصناعة الغاز الامريكية.

نقلا عن اليوم