النفط غير التقليدي والدور الإيجابي في استقرار الأسعار

24/06/2014 0
د. سليمان الخطاف

ارتفع الاستهلاك العالمي للسوائل البترولية في عام 2013م بحوالي 1.4 مليون برميل باليوم مقارنة بالعام 2012م.

وتصدرت الولايات المتحدة والصين دول العالم في تنامي الاستهلاك، حيث ارتفع استهلاك كل دولة بحوالي 400 الف برميل يومي عن مستويات استهلاك عام 2012م، وهذا بحسب تقرير شركة بريتش بتروليوم الاحصائي للطاقة لعام 2013م. 

ولكن كان من اللافت للنظر في عام 2013م زيادة انتاج الولايات المتحدة من هذه السوائل، اذ ارتفع انتاجها بحوالي 1.1 مليون برميل باليوم عن مستويات 2012م لتكون بذلك اكبر زيادة لانتاج السوائل البترولية في تاريخ الولايات المتحدة.

ولقد وصل معدل انتاجها الى اكثر من 10 ملايين برميل باليوم بعد ان كان 8.9 مليون برميل باليوم في العام 2012م.

ولكن من المهم الانتباه الى توالي الارتفاعات في انتاج الزيت الامريكي حيث ارتفع في مدة خمس سنوات من 6.7 مليون برميل باليوم الى اكثر من 10 ملايين برميل باليوم، وهي ظاهرة تحتاج بحق الى توقف ودراسة وتحليل.

لانه اذا استمر الانتاج الامريكي بالارتفاع بنفس الوتيرة او استطاعت دول اخرى تقليد الامريكيين بانتاج السوائل غير التقليدية فسيكون اثرها على اسعار النفط ملموساً وظاهراً.

ولقد ارتفع الانتاج الامريكي بأكثر من 3.3 مليون برميل باليوم في غضون خمس سنوات ولقد حصلت الزيادة الكبيرة في الانتاج بين عامي 2012م و2013م اذ ارتفع الانتاج بحوالي 14%.

ولقد ارتفع ايضاً الانتاج الكندي لنفط الرمال بحوالي 700 الف برميل في السنوات الخمس الاخيرة. وبذلك يكون ارتفاع انتاج امريكا وكندا قد تعدى 4 ملايين برميل في مدة خمس سنوات وهي كميات مؤثرة وقد تغير الكثير في عالم النفط المتقلب.

والجدير بالذكر ان انتاج دول خارج الاوبك قد ارتفع بحوالي 1.2 مليون برميل باليوم في عام 2013م بينما ارتفع الانتاج الكلي للعالم بحوالي 1.4 مليون برميل باليوم وهذا يدل على ان الزيادة في الانتاج الامريكي للنفط شكلت حوالي 90% من زيادة دول خارج الاوبك وحوالي 80% من الزيادة العالمية لانتاج النفط في عام 2013م.

ولقد ارتفع انتاج كندا ايضاً بحوالي 210 الاف برميل يومياً في عام 2013م. ولابد من ذكر ان معظم الزيادة الكندية تعود الى ارتفاع انتاج نفط الرمال الكندي وبهذا تكون السوائل غير التقليدية من النفط الصخري او الرملي مسؤولة تقريباً عن كل الزيادة بالانتاج العالمى للسوائل النفطية في عام 2013م.

ويعود الفضل في حدوث طفرة انتاج النفط غير التقليدي هذه فى امريكا الشمالية وربما في العالم لاحقاً الى ارتفاع اسعار النفط فوق 100 دولار للبرميل، الامر الذى جعل انتاج هذه السوائل مجديا اقتصادياً.

وفي المقابل فلقد خفضت اوبك من انتاجها فى عام 2013م وبحسب تقرير بريتش بتروليوم الاخير بحوالي 600 الف برميل باليوم حيث انخفض انتاج ليبيا بحوالي 520 الف برميل باليوم وايران 190 الف برميل والسعودية 110 الاف برميل ونيجيريا 100 الف برميل، ولكن الغريب كان ارتفاع انتاج الامارات بحوالى 250 الف برميل باليوم.

والملفت للانتباه ان انخفاض الانتاج الليبي والايراني كان بسبب ظروف خارجة عن الارادة وهي الاضطرابات الداخلية في الحالة الليبية والحظر في الحالة الايرانية. ويبقى تخفيض الانتاج السعودي الوحيد الذى كان بغرض حماية الاسعار. 

ويخطر على البال سؤال بسيط وهو: ماذا لو هدأت الاضطرابات في الشرق الاوسط ورجعت المنطقة الى سابق عهدها؟، فهذا بلا شك سيؤدي الى زيادة انتاج ليبيا بحوالي 520 الف برميل وحوالي 200 الف برميل من ايران و150 الف برميل من سوريا و100 الف برميل من نيجيريا.

وبذلك تصبح الزيادة الاجمالية لانتاج النفط حوالي مليون برميل يومياً من غير ان نحسب العراق غير المستقر او زيادة الانتاج في دول الخليج العربية.

وماذا لو استمر الانتاج الامريكي والكندي من النفط غير التقليدي فى الارتفاع في الاعوام المقبلة وبنفس الوتيرة رغم ان هنالك تقارير كثيرة تشكك في قدرة الولايات المتحدة على الاستمرار بنفس الارتفاعات بالانتاج لصعوبات تقنية واخرى لها علاقة بالمخزون الصخري اصلاً.

ويجب ان نتذكر ان استهلاك دول (OCED) للنفط في انخفاض مستمر وللاعوام السبعة الماضية. كل هذه العوامل من شأنها ان تجعل المضي قدماً في انتاج النفط غير التقليدي عاملا مهما ومؤثرا على خريطة الطاقة العالمية.

وتشكل الان هذه السوائل حوالي 4-5% من الانتاج الكلي العالمي، ولذلك ما زال اثرها المباشر غير ملموس ولكن يبقى الاثر غير المباشر وهو تقليص اعتماد الولايات المتحدة اكبر مستهلك للنفط في العالم على نفط الاوبك.

 

وفى الختام ارتفع انتاج امريكا الشمالية من النفط غير التقليدي بحوالي 4 ملايين برميل باليوم في ظرف خمس سنوات (حوالي 13.4% من انتاج الاوبك) وما زالت الاسعار فوق حاجز 100 دولار.

وهذا يقودنا الى استنتاج ان الاسعار كانت ستحلق عالياً في حالة عدم وجود النفط غير التقليدي خاصة مع مشاكل الشرق الاوسط وافريقيا والنزاع مع روسيا بشأن اوكرانيا.

لذلك وبناء على الاسعار الحالية للنفط وتماسكها العجيب فان وجود النفط غير التقليدي قد ساهم في حماية الاسعار من الارتفاعات الكبيرة التى بلا شك كانت ستضر الاقتصاد العالمي.

ومن هنا كان دور النفط غير التقليدي الى الان ايجابيا في استقرار الاسعار العالمية للنفط.

نقلا عن اليوم