زارت مجموعة من أعضاء ملتقى الطاقة العربي بعيد انتهاء اجتماعهم نصف السنوي في العاصمة الأردنية عمّان، المختبر الجيوكيماوي للشركة الأردنية للصخر الزيتي (جوسكو)، وهي شركة مملوكة لشركة «رويال داتش شل» التي تهدف للتنقيب عن الصخر الزيتي (النفط الصخري) في الأردن وتقويم الإمكانات التجارية لاستخراجه من الطبقات العميقة في الصحراء. كما زار الفريق المنطقة الصحراوية التي يتم فيها الاستكشاف والحفر.
تعمل في الأردن شركتان نفطيتان لاكتشاف النفط الصخري واستخراجه، إحداهما «شل» والثانية كونسورتيوم ماليزي-استوني بقيادة شركة النفط الإستونية «استي انرجي».
إذ طورت إستونيا بحوثها في مجال انتاج النفط الصخري، بحيث انه أصبح يستعمل الآن كوقود في معظم محطات الكهرباء في البلد. ويذكر أن كلاً من الشركة الإستونية و«شل» يستعملان تقنيات مختلفة في استخراج النفط الصخري.
لفت نظر مجموعة ملتقى الطاقة العربي استعمال «جوسكو» تقنية التحويل الحراري الوضعي في استخراج البترول.
هذا يعني تعدين النفط واستخراجه من الصخور في باطن الأرض وعلى أعماق كبيرة بواسطة الحرارة والضغط من خلال استعمال طاقة كهربائية عالية، يتم الحصول عليها باستعمال مولدات كهربائية مجهزة خصيصاً للمشروع.
وتختلف هذه التقنية عن تلك المستعملة في الولايات المتحدة التي تعتمد على ضخ المياه والطين والكيماويات. وهذا الأمر مهم جداً لبلد مثل الأردن الذي يعاني من شح المياه.
ولوحظ أيضاً في المختبر الجيوكيماوي، تقنية تسمح بإنتاج الماء من الحجر الصخري، وإن كانت بكميات قليلة جداً وبنسبة أقل كثيراً من كمية النفط المنتج من الصخور ذاتها.
وبحسب ما أخبرنا به المسؤول المرافق من الشركة، فان المخطط هو إنتاج كمية كافية من المياه تضاهي ما ستستعمله الشركة في عملياتها.
ودخلت شركة «جوسكو» في مرحلة درس مناطق الامتياز لجمع معلومات وبيانات إضافية من أجل تقويم جدوى المشروع، ما يتطلب حفر مزيد من الآبار الاستكشافية وعمليات السبر الحسي والفحوصات الهيدرولوجية والتحاليل الجيموكيماوية لمواد العينات المستخرجة من أعمال الحفر.
والتزمت الشركة استثمار نحو 430 مليون دولار على مراحل التنقيب والتقويم، صرف نحو 200 مليون دولار منها حتى الآن.
ولفت نظر أعضاء الملتقى أيضاً العدد الكبير للكادر البشري من شباب وشابات أردنيين ذوي الاختصاصات العلمية الذين يعملون في المختبر الجيوكيماوي، وهو الأمر الأساس في بدء نقل التقنية.
وقعت «جوسكو» امتيازاً مع الحكومة الأردنية عام 2009، يشمل 22 ألف كيلومتر مربع أو تقريباً ربع مساحة الأردن، من أجل استغلال النفط الصخري.
وبدأت فعلاً تنفيذ أولى مراحل مسيرتها بالتنقيب في منطقة الامتياز في أيار (مايو) 2010. وتتوقع الشركة الانتهاء من كل مراحل التقويم لتبدأ العمل بالمشروع والإنتاج في أواخر عام 2020.
تختلف التقديرات الأولية لاحتياط النفط الصخري في الأردن. فقد أفاد تقرير لمجلس الطاقة العالمي صدر عام 2010، بأن احتياطات البلاد من النفط الصخري قد تبلغ نحو 34 بليون طن. كما أعلنت الحكومة الأردنية عام 2013، أن تقديرات احتياط النفط الصخري في البلد تبلغ 31 بليون طن.
وتشير معلومات جيولوجية لخبراء مستقلين أن نحو 60 في المئة من أراضي الأردن تحتوي على احتياط للنفط الصخري. وهي طبعاً أرقام أولية وفرضيات لا يمكن التأكد منها قبل الانتهاء من أعمال الحفر والتقويم.
تدل المعلومات أن نوعية النفط الصخري الأردني هي من النوع الخفيف، لكن يبلغ الكبريت فيه نسباً عالية تقدر بين 8 و10 في المئة. وتشكل هذه النسبة صعوبات في مصافي التكرير، ما يتطلب تحديثها، كما أنها غير ملائمة للبيئة.
من جهة أخرى، يرجح أن توقع الحكومة الأردنية في القريب العاجل، بعد موافقة مجلس الوزراء، اتفاقاً مع كونسورتيوم ماليزي-إستوني يدعى «اينيفت» لتشييد أول محطة كهرباء في البلاد تستعمل مباشرة النفط الصخري وقوداً لها.
وتبلغ طاقة المحطة نحو 470 ميغاوات وكلفة المشروع نحو 2.1 بليون دولار. وستشتري الحكومة الكهرباء من المحطة الجديدة بنحو 78-99 فلساً لكل كيلوات/ساعة. وتمتد فترة العقد نحو 30 سنة، قابلة للتمديد 40 سنة أخرى. ويتوقع أن يبدأ تشغيل المحطة في نهاية عام 2017.
ويذكر أن شركة «اينيفت» مملوكة من قبل شركة «ايستي انرجي» الإستونية وشركة «واي تي أل باور انترناشنول» وشركة «بيرهاد والشرق الأوسط الاستثمارية».
كما تم الاتفاق بين «اينيفت» و «بنك الصين الصناعي والتجاري» بدعم من مؤسسة الصين للصادرات لتوفير قرض بقيمة 1.4 بليون دولار لتمويل المشروع.
يعمل الأردن على تحقيق هدفين من إنتاجه للنفط الصخري، إضافة إلى استعمال مصادر بديلة أخرى كالشمس والرياح، والتخطيط للحصول على الطاقة النووية.
فالهدف الأول هو توفير مصادر محلية للطاقة وعدم الاعتماد كلياً على مصادر أجنبية يتوجب استيرادها. فالأردن عانى من الاعتماد الكلي على مصادر أجنبية بسبب انقطاع بعض هذه المصادر، منها الغاز المصري، الذي ألحق أضراراً كبيرة بالصناعة المحلية.
والهدف الثاني هو تقليص نفقات استيراد الطاقة التي تكلف البلاد بلايين الدولارات سنوياً. إن مشاريع الطاقة المتجددة والمستدامة تتطلب فترة طويلة لدرستها وتنفيذها وبدء الإنتاج منها.
لكن، في دولة مثل الأردن لم يتوافر لها احتياط هيدروكربوني، باستثناء حقل الريشة الغازي المحدود الإنتاج، يصبح الاعتماد على مصادر الطاقة الجديدة أمراً ضرورياً وملحاً، لا يمكن إهماله.
نقلا عن الحياة