سجلت أسعار النفط ثاني زيادة شهرية على التوالي بعد فترة من الخسائر في العام الماضي، مدعومة بتقارير تفيد بأن "أوبك+" ستمدد تخفيضات الإنتاج الطوعية إلى الربع الثاني أو حتى نهاية العام. بالفعل، استقرت أسعار خام برنت معظم شهر فبراير فوق 80 دولارا للبرميل، مع وجود دلائل على تشدد السوق الفعلية واستمرار إعادة توجيه الشحنات بعيدا عن قناة السويس عبر رأس الرجاء الصالح، مع تأخر وصول الشحنات من الشرق الأوسط لمدة أسبوعين على الأقل، تبحث شركات التكرير الأوروبية عن شحنات من حوض الأطلسي. ونتيجة لذلك، ارتفعت أسعار خامات بحر الشمال وغرب إفريقيا في فبراير، ما دعم أسعار خام برنت فوق 80 دولارا للبرميل وعمق حالة التراجع (Backwardation) في منحنى العقود الآجلة، تحدث حالة التراجع عادة في أوقات تشدد السوق، وفيها تكون أسعار عقود الأشهر الأولى أعلى من العقود الآجلة. منحنى التراجع الأعمق يشير إلى أن السوق تتشدد، حيث إن الإمدادات قد تكون أقل مما توحي به معنويات السوق وحركة الأسعار. كما أن تخفيضات "أوبك+" الطوعية تدعم أيضا أسعار النفط في الأشهر التي يكون فيها الاستهلاك العالمي للنفط عادة أقل، إضافة إلى ذلك، لعبت اضطرابات حركة المرور في البحر الأحمر دورا رئيسا في ارتفاع أسعار خامات حوض الأطلسي وارتفاع هوامش التكرير حتى الآن هذا العام، حيث قفز متوسط هوامش تكرير الديزل والبنزين في أوروبا إلى أعلى مستوياته في يناير إلى 34.3 و11.6 دولار للبرميل على التوالي وفقا لتقديرات رويترز.
على الرغم من أن مخزونات النفط العالمية ترتفع موسميا في فبراير ومارس، إلا أن مستويات تحويل الشحن عبر رأس الرجاء الصالح تبقي السوق متوازنة، حيث يتم تحميل مزيد من النفط على السفن، ما يترك كمية أقل متاحة في الخزانات الأرضية. بالفعل، ارتفعت وتيرة إعادة توجيه شحنات النفط الخام حول رأس الرجاء الصالح، ووصلت إلى ذروة جديدة قدرها 1.6 مليون برميل يوميا في الأسبوع الأول من فبراير، وفقا لمصادر الشحن. على سبيل المثال، من بين ثماني شحنات من الخام العراقي المتجهة إلى أوروبا التي تم تحميلها في الأيام العشرة الأولى من شهر فبراير، تم تحويل ست منها بعيدا عن قناة السويس. من ناحية أخرى، بلغت واردات الهند من الخام العراقي ما يقدر بـ1.15 مليون برميل يوميا في يناير، وهو أعلى مستوى تم تسجيله منذ أبريل 2022، وفقا لبيانات فورتيكسا. وهذا يتماشى أيضا مع رغبة الهند في استبدال النفط الروسي المفقود بسبب مشكلات الدفع.
في الوقت نفسه، تتلقى أسعار النفط القياسية الأمريكية دعما من ارتفاع الطلب على الخام الأمريكي في أوروبا بسبب انقطاع التدفقات عبر قناة السويس. على سبيل المثال، في أواخر يناير وأوائل فبراير كانت المراجحة بالنسبة للخام الأمريكي المتجه إلى أوروبا كبيرة، حيث الفارق بين سعر برنت وسعر النفط في محطة ماجلان شرق هيوستن كان واسعا. ولكن مع ارتفاع الشراء الأوروبي للخام الأمريكي، بدأ الفرق يتقلص في الأيام الأخيرة، ما يشير إلى أن القوة الحالية في هيكل العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط قد تكون قصيرة الأجل، بالنظر إلى الأمام، تظل أسعار الفائدة في الولايات المتحدة وتوقعات الاستهلاك في الصين من أهم العوامل التي يجب مراقبتها عندما يتعلق الأمر باتجاهات الطلب، في حين أن "أوبك+" وإنتاج النفط الصخري الأمريكي هما محور التركيز عندما يتعلق الأمر بالعرض.
نقلا عن الاقتصادية