ظهر الرئيس المصري قبل انتخابه بأسبوعين في حوار مع الدكتور عادل الطريفي في صحيفة الشرق الأوسط، حيث قدم فيه رؤيته بشكل عام، اقتصادية وسياسية، ولفت نظري فيما قال نوع من الحيرة لمستقبل التنمية في مصر خصوصاً عندما تحدث عن التجربة البرازيلية، وقال هناك اختلافات وبرغم أن التحدي الأساسي هو اقتصادي فهو لم يقدم رؤية واضحة لخطواته.
من جهة أخرى كتب الأستاذ أيمن الحماد قبل أيام في مقاله بأن السيسي قد يكون قائد تنمية التحول في مصر كما فعل "الجنرال هيه" في كوريا الجنوبية من تحولات إصلاحية في مطلع السبعينيات الميلادية.
والصحفي الثالث هو الأستاذ عبدالرحمن الراشد الذي تساءل عن مستقبل التنمية في مصر وأنه التحدي الأساسي للسيسي.
للإجابة عن مستقبل التنمية في مصر: يدور الآن سؤالان عن السيسي، الأول: ما هو دور السيسي لمصر؟ فهل قائد تنمية نمو وتحول للأمام، أم هو مجرد رجل مرحلة انتقالية حتى تتشكل أحزاب سياسية أكثر نضجاً وتستطيع مستقبلاً تولي السلطة والنهوض بالتنمية بالإضافة لدوره في ضبط الأمن خصوصاً من مخاوف تسلل الأسلحة إلى مصر عبر جميع الحدود وخصوصاً مع ليبيا؟
السؤال الثاني: ما هي صعوبات مصر الاقتصادية من فساد ودعم للغذاء والطاقة مرهق لميزانها التجاري وموازنتها العامة والكثير من أرقام البطالة الشابة والتآكل في المؤسسات التعليمية ومخرجاتها لأسواق العمل؟
في رأيي المتواضع بأن لا مجال للسيسي إلا أن يكون رجل تنمية اقتصادية قبل أي شيء، والأسباب عديدة؛ أولاً التنمية هي المطلب الشعبي الأساسي.. وثانياً الفقر والقهر هما وقود التيارات السياسية المتعصبة وعلى رأسها الإخوان الذين عززوا بقاءهم عبر الفشل الاقتصادي للأنظمة التي أطاحت بهم.. وثالثاً تثبت التجارب السياسية أن الوعي الاجتماعي المعتدل للمجتمع يتشكل في فترات النمو الاقتصادي وعند وصول الفرد لمستويات استهلاكية تتجاوز السلة الأساسية لاحتياجته، ومصر لم تصل لهذه المرحلة فبالتالي يكون واجبه الأساسي العمل على التنمية ليستطيع المجتمع مع تحسن مستويات دخله وفرص عمله أن يفرز تيارات سياسية معتدلة تستطيع تبني الوضع الديمقراطي مستقبلاً وإلا أصبحت فترة السيسي ضياعاً للوقت واحتراق ورقة الجيش التي هي آخر المؤسسات المتماسكة لمصر.
وجواب السؤال الثاني حول فرص التنمية لمصر فأنا أستغرب تخوف الكثيرين لأني أرى مصر من أكثر الدول الفقيرة القادرة على تحقيق نمو متزايد، ولكن التشكيك في ذلك يعود أنك لو حصرت بصرك في حارة بائسة في قلب القاهرة يعلوها التراب وتحاصرها صناديق القمامة المهملة والأطفال المتسولين وصوت الباعة البائس والسلع الرخيصة في الشارع فإنك تيأس؛ لكن إذا مددت بفكرك لكل مصر فإن لديها فرص تنمية تفوق جميع الدول العربية، فيما عدا النفطية، لبلاد تطل على بحرين باقتصاديات مختلفة وحجم آثار يقدر بثلثي الحجم العالمي وقدرات زراعية كامنة في ظل وجود أطول الأنهار وموارد خام من غاز ومن ومعادن ولكن في نظري ستكون البقرة الحلوب لمصر السياحة.
نعم السياحة التي يقلل منها الكثيرون بسبب نسبة السياحة المنخفضة للناتج المحلي الفرنسي كأكبر بلد سياحي، وهذا سوء فهم، والسبب أن السائح لفرنسا كمتوسط قدرات استهلاكه لا تتجاوز الفرنسي بعكس مصر التي يتجاوز متوسط استهلاك الفرد السائح حوالي ستة مصريين ويخلق فرصة عمل لاثنين، بالإضافة إلى وجود مؤسسات صناعية ضخمة في فرنسا لها وزن أكبر في الاقتصاد الفرنسي بعكس مصر، والمهم بأن البنية التحتية لهذا النشاط موجودة آثار، فنادق، اتصالات، مواصلات، وبذلك يكون هو القطاع القيادي وتلحقه البقية مثل البناء عبر بناء الفنادق والاتصالات لربط المناطق السياحة، وبالتالي ظهور صناعات دعم عديدة، مع العلم من وجود قطاعات أخرى لكن أقل بنية وجاهزية مثل الزراعة والتي إن كانت قد تغيرت كصناعة كما كانت في السابق ولكنها تبقى لمصر من الفرص الكامنة.
ما أريد قوله أن بنية التنمية جاهزة في مصر ولكنها تصطدم بالقوانين، في بحث أعده اقتصادي من "البيرو" حول مصر ذكر بأن نشاطاً بسيطاً مثل المخبز يتطلب مطابقة 200 مادة قانونية ومراجعة 21 دائرة حكومية فتكون الرشوة هي البديل، لا أحد يذكر ذلك في مصر وهذا أول ما يجب أن يعدل لرفع كفاءة السوق ومكافحة الفساد.
أخيراً أشكر الوجه المشرق في كتابة الأساتذة الراشد والطريفي والحماد، والسبب أننا لو نظرنا إلى حارة فقيرة فهذا خطأ لتقييم فرص التنمية، والصواب هو النظرة الشمولية للموارد.
نقلا عن الرياض