تنوع مصادر الطاقة في الصين

10/06/2014 1
د. سليمان الخطاف

تعتبر الصين والولايات المتحدة اكبر مستهلكي للطاقة في العالم. وتكاد تتساوى كميات الطاقة المستهلكة في كلا البلدين على الرغم من اختلاف عدد السكان، ولكن تختلف مصادر الطاقة. فبحسب وكالة معلومات الطاقة الامريكية فان مصادر الطاقة في الصين في عام 2012م تشمل 70% فحم حجري و19% نفط و4% غاز طبيعي و1% طاقة نووية. 

واما الولايات المتحدة فكانت 37% نفط و18% فحم حجري و29% غاز طبيعي و9% طاقة نووية. ويبدو واضحاً ان الصين تحرق وحدها حوالي نصف الاستهلاك العالمي للفحم الحجري مما ادى الى تلويث الاجواء وإلحاق الضرر بالصحة العامة.

وتحاول الصين جاهدة تقليل الاعتماد على الفحم الحجرى، ويمكنها عمل ذلك بزيادة الاعتماد اما على الطاقة النووية او على الغاز الطبيعى.

ويبدو ان الصين تمضي قدماً بزيادة الاعتماد على الخيارين معاً لانهما يشكلان خليطاً رائعاً لحل مشاكل نمو الطلب على الطاقة. ولقد شكل الغاز الطبيعي حوالي 24% من مصادر الطاقة بالعالم بينما شكل الفحم حوالي 29% منها. 

وتجمع المصادر المختصة على ان الغاز الطبيعي سيتخطى الفحم الحجري كأهم مصدر لتوليد الطاقة الكهربائية بحلول 2030م.

اذاً لحل مشكلة الطاقة في الصين، سيتم التركيز على انتاج المزيد من الطاقة النووية لتقليل حرق الفحم الحجرى.

وغالباً ما كان الخيار النووي احد اهم المصادر الصينية للتوسع في انتاج الطاقة. وتنتج الصين حالياً حوالي 2% من طاقتها بواسطة 20 محطة نووية منتشرة بالبلاد وتبنى حالياً حوالي 28 محطة اخرى.

وتملك الصين خططاً طموحا لانتاج المزيد من الطاقة النووية، فلقد اعلنت انها بصدد رفع قدرتها لتوليد الطاقة النووية الى 60 جيجاوات بحلول 2020م، ومن ثم الى 150 جيجاوات بحلول 2030م في اصرار عجيب على رفع حصة الطاقة النووية في خليط الطاقة الصيني. 

ورغم تخوف العالم منه وخاصة بعد فوكوشيما اليابانية، فلقد اقرت الحكومة الصينية في عام 2013م انشاء محطتين نوويتين لتوليد 2.1 جيجاوات وفي العام الحالي اعطت السلطات الصينية الضوء الاخضر لتوليد حوالي 9 جيجاوات من المحطات النووية.

اذاً تعي الصين جيداً اهمية المصدر النووي وتحاول استغلاله ما استطاعت ولذلك تبقى الصين اكبر بلد في العالم ينشئ مفاعلات نووية جديدة. 

والجدير بالذكر ان الصين انتجت حوالي 3% من اجمالي الطاقة النووية في العالم في عام 2008م، وتتوقع وكالة الطاقة الذرية ان تستحوذ الصين على 19% من اجمالي الطاقة النووية المنتجة عالمياً في عام 2035م. والحقيقة ان الخيار النووي رغم خطورته الا انه يبقى افضل بمراحل من الفحم الحجري الذي حول لون سماء الصين الى اسود داكن.

واما بالنسبة للغاز الطبيعي فتقوم سياسة الصين على استيراد الغاز الطبيعي المسال من الاسواق العالمية، وعلى استيراده بواسطة انابيب من آسيا الوسطى (تركمانستان وكازاخستان) وحالياً سيتم تشييد خطوط انابيب جديدة من روسيا.

 وتستورد الصين حالياً حوالي 40 بليون متر مكعب سنوياً من الغاز الطبيعي من الخارج، وسوف ترفع كمية هذا الاستيراد الى الضعف، حيث وقعت قبل اسابيع صفقة مع موسكو لتوريد حوالي 40 بليون متر مكعب سنوياً بعد خمس سنوات حين يتم تشييد خطوط الانابيب بين روسيا والصين. 

الاكيد ان اتفاقية الغاز الجديدة بين روسيا والصين ستدعم روسيا في رفع طاقتها الانتاجية وزيادة الاستثمار في التنقيب عن الغاز الطبيعى.

ادركت الصين خطورة استبدال الفحم الحجري بالغاز الطبيعى، حيث بلغت حصة الغاز الطبيعي حوالى1% من حصة الطاقة في الصين مقابل حوالي 24% عالمياً. ولذلك من المؤكد ان الصين ستضاعف استهلاكها الغاز الطبيعي بحلول 2018م وتبنى خططاً طويلة الامد لزيادة اعتمادها على الغاز الطبيعى.

وتعد الصين حالياً سادس اكبر منتج للغاز الطبيعي في العالم ورابع اكبر مستهلك له. وكما تعتبر الصين ثالث اكبر مستورد للغاز الطبيعي المسال، والذي تصل اسعاره في فصل الشتاء قرابة 18-20 دولار للمليون وحدة حرارية وفي فصل الصيف تقترب اسعاره من 16-14 دولارا. وتعتمد الصين بكثرة على الغاز المسال من قطر واستراليا والجزائر. 

ويوجد عقد طويل الامد بين قطر والصين لتزويدها بخمسة ملايين طن سنوياً من الغاز المسال، وتتفاوض حالياً لاضافة 7 ملايين طن سنوياً في عقد جديد من قطر.

وتبيع روسيا الغاز لاوروبا بحوالي 12 دولارا للمليون وحدة حرارية، اي اقل من اسعار الغاز المسال بحوالي 30%.

ولا شك ان خط الانابيب الروسي الصيني المزمع انشاؤه سيدفع باسعار الغاز المسال الى الانخفاض وذلك لتقلص الطلب في شرق اسيا. ويبدو ان الصين قد نجحت بان تفوز بعرض روسي مغرٍ جداً ولا يقاوم، حيث ترجح المصادر ان الصين قد تدفع لروسيا حوالي 9-10 دولارات للمليون وحدة حرارية، وهذا سيشكل ضغطاً على اسعار الغاز المسال في شرق اسيا والتي تتراوح ما بين 14-20 دولارا للمليون وحدة حرارية حسب فصول السنة.

وفي الختام تملك الصين احتياطيات هائلة من الغاز الصخري اذ بلغت قيمة الاحتياطيات حوالي 1300 تريليون قدم مكعبة. وتفوق هذه الكمية الاحتياطيات الامريكية بحوالي 50%. وتساوي مجموع احتياطيات كندا والولايات المتحدة. 

ولذلك فانه من المستغرب ان تستثمر الصين في تشييد خطوط نقل الغاز الطبيعي من روسيا ومن اسيا الوسطى اليها وبتكاليف خيالية، وان تستثمر في انشاء المحطات النووية ذات التكاليف الباهظة، وان تزيد الاعتماد على الغاز المسال الباهظ الثمن، ولا تستثمر في استغلال هذه الكميات الكبيرة من الغاز الصخري الصيني.

ورغم ان الصين قد استحوذت على كثير من الشركات الامريكية والكندية التي تمتلك تقنيات وخبرات كبيرة في استخراج الغاز الصخري، الا ان المتابع للاحداث لا يزال مندهشاً من عدم تقليد التجربة الامريكية في انتاج الغاز الصخري بكميات كبيرة.

وهذا يقود لسؤال مهم، هل من الممكن انتاج الغاز الصخري وبكميات تجارية خارج امريكا الشمالية حيث التضاريس والجيولوجيا مختلفة تماماً؟. حتى الآن الجواب بالنفي.

نقلا عن اليوم