رغم جاذبية القطاع الخاص والعمل الحر ونمو اعمال الشركات والمؤسسات العاملة في هذا القطاع محلياً ودوليا، يظل هاجس الربحية الموضوع الأهم الذي يحفظ لهذه المؤسسة ديمومتها وقدرتها على الاستمرار والمنافسة وسط الأسواق، ومن الطبيعي جداً ان نشاهد تذبذبا في مستويات الربحية لأي منشأة من سنة الى أخرى،
أو اختلاف في معدلات الربحية بين المنشآت في نفس القطاع، ولكن اللافت للنظر أنه ورغم أهمية وحساسية هذا الموضوع إلا أن كثيرا من الشركات والمؤسسات يكون في اقل معدلات الربحية وقريبا جداً عند نقطة التعادل، وأحيانا يكون في هامش الخسارة ولسنوات عديدة دون ان يحرك ساكنا، مكتفيا بتغيير وتبديل بعض البنود التي تؤثر فقط على القوة النقدية متجاهلا بذلك البنود الأهم والتي تؤثر على ربحية المنشأة.
كثيراً ما يلفت انتباهي صمت الكثير من المنشآت عن هذه القضية والمبادرة بمعالجة هذا الوضع، والعمل بجد من أجل تغيير حالة المنشأة من الربحية القليلة او المعدومة الى مستوى الربحية المعقولة والمرضية لملاك هذه المنشأة والعاملين فيها، وقد يكون لخبرة ودراية إدارة المنشأة دور كبير في ذلك، حيث اختلاف الإدراك في مستوى الربط بين العمل الإداري والرؤية لربحية هذا العمل حيث الارتباط الوثيق بين كلا الطرفين، وكثيراً ما يؤثر أحد هذه العناصر على الآخر في مستوى الأداء والنتائج، واللافت للنظر هو عدم وضع هذه القضية كأولوية لبقاء المنشأة واستمرارها على العطاء، وحال الأغلبية يقول إن القادم أفضل دون أن يكون هناك دراية مهنية واضحة للقادم من الأيام.
كثيراً ما يكون هناك نقاش حول العوائق والصعوبات التي تواجه شركات ومؤسسات القطاع الخاص على كافة المستويات، وخلال العقد الأخير برز دور مفهوم الحوكمة والذي طبقته هيئة السوق المالية بكل صرامة ومشكورة على ذلك، كما أنه خلال العقد الأخير برز دور الحوكمة في الكثير من الشركات، وخاصة الشركات العائلية وكان أحد أهم إفرازاتها تحويل بعض مؤسسات الطرف الواحد الى أحد انواع الشركات لضمان الاستمرارية والبقاء، والحقيقة ان الكثير من المبادرات برزت على الساحة في هذا المجال، ولكن ومع تعدد المبادرات لم يلق موضوع ضعف ربحية الكثير من المنشآت الى التفاتة كاملة للمعالجة الصحيحة المنتظرة، كما علينا أن نتساءل عن عدد وحجم المنشآت التي غادرت السوق نتيجة تراكم الخسائر، بنفس الحماس الذي نقوم فيه بإحصائية عن المنشآت الجديدة والقادمة للسوق.
لا أستطيع القول: إن دواعي هذه الأسطر هو التشاؤم، ولكن المطلوب بالفعل هو إيجاد القنوات التي تقوم بتوفير الدعم والمساندة لحال الكثير من المنشآت التي تعاني من أوضاع مادية غير جيدة وتحتاج الى توعية ومساعدة لتحويلها الى نقاط انتاج وليس العكس، كلي أمل أن يلقى هذا الموضوع اهتمام الكثيرين من المهتمين والمختصين في نفس الوقت لبناء الدعامات والجسور لعبور هذه المنشآت من أي منزلقات قد تسقطهم من حيث لا يعلمون، فتحسين مستوى الربحية بكل تأكيد لن يأتي بضربة حظ أو بالصدفة، ولكن يحتاج الى عمل دقيق ومتقن يدركه من يعلم أهميته وقيمته وسط بوصلة متوازنة لكافة أوجه ومناطق العمل في المنشأة، ولن يفيد الصمت.
نقلا عن اليوم