من حق المشتركين في الضمان الاجتماعي والمتقاعدين، إضافة إلى المحللين والمراقبين، الاطلاع دورياً على تفاصيل موجودات صناديق استثمار أموال الضمان وأدائها، مع الأخذ في الاعتبار توافر جهات استثمارية دولية محايدة تتولى تقويم أداء صناديق كهذه للتأكد من مهنية المشرفين على إدارتها وخبرتها واحترافيتها، ومقارنته بأداء صناديق مماثلة في العالم، إضافة إلى التأكد من جودة أصولها ومصداقية الجهات التي قومت أصولها، خصوصاً المنتجات العقارية وما تتضمن من أراض ومبان تجارية وسكنية وغيرها لجهة اعتمادها المعايير الدولية في هذا التقويم.
وتخضع إدارة استثمار صناديق التقاعد لمعايير وأسس متعارف عليها عالمياً تقوم على توزيع الاستثمارات وتنويعها على الأدوات الاستثمارية المختلفة مع تنويع الآجال بهدف تحقيق العائدات المستهدفة في المديين المتوسط والبعيد من ضمن سقوف مقبولة للأخطار.
وتساهم جودة إفصاحات إداراة هذه الصناديق وارتفاع مستوى شفافيتها في تعزيز الثقة في هذه الإدارات، بينما يؤدي غياب الإفصاح والشفافية أو انخفاض مستوييهما إلى خلق بيئة خصبة للإشاعات، خصوصاً أن الهدف من تأسيس صناديق التقاعد هو تحقيق الأمن الاجتماعي والاقتصادي للمشتركين لمجابهة تحديات الحياة ومتطلباتها المستقبلية ومنحهم الشعور بالأمن والاستقرار والطمأنينة.
وصندوق استثمار أموال الضمان في الأردن، مثلاً، هو أكبر صندوق سيادي في الأردن لكنه غير مملوك للحكومة فعلاً، على رغم إشرافها على إدارته وتعيين هذه الإدارة، بل هو ملك لمئات الآلاف من المشتركين من القطاعين العام والخاص. وتشكل قيمة موجوداته نسبة مهمة من الناتج المحلي الإجمالي إذ تقدر قيمة هذه الموجودات بنحو ستة بلايين دينار أردني (8.5 بليون دولار).
والمصدر الرئيس لإيرادات صناديق استثمار أموال الضمان الاجتماعي هو اشتراكات المؤمَّنين أو المنتسبين، تضاف إليها عائدات استثمار هذه الاشتراكات أو الإيرادات في أدوات وفرص استثمارية مختلفة.
ويُلاحظ اتفاق أطراف محايدة عدة على عدم استقلالية القرار الاستثماري لصناديق الاستثمار في معظم دول المنطقة وتدخل الحكومات لفرض مشاريع واستثمارات مختلفة بهدف تحقيق مكاسب اجتماعية وسياسية.
وثمة أهداف غير استثمارية من وراء تملك هذه الصناديق حصصاً كبيرة في رؤوس أموال بعض الشركات المساهمة العامة. هذا على رغم تأكيد مديري الصناديق على هذه الاستقلالية.
ويؤخذ على العديد من الحكومات عدم التزامها المعايير الدولية عند اختيارها ممثلي الصندوق في الشركات المساهمة العامة التي تملك حصصاً إستراتيجية ومؤثرة فيها، وفي مقدم هذه المعايير الخبرة والتخصص والمهنية وحسن الأداء، إضافة إلى التغيير المستمر والسريع في رؤساء الوحدة الاستثمارية.
والمعلومات التي توافرت عن أداء صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي في الأردن حتى بداية 2013، تشير إلى أن متوسط العائد الاستثماري بين 2003، وهو العام الذي تأسس فيه الصندوق الاستثماري، ونهاية 2012 بلغ 8.7 في المئة، وهو عائد جيد مقارنة بالعائدات التي حققتها الصناديق المماثلة في العديد من دول العالم. ويتجاوز معدل العائد الذي تحقق نمو مستوى التضخم في الأردن، ما يعني أن إدارة الصندوق تمكنت من الحفاظ على القوة الشرائية للأصول مع الأخذ في الاعتبار التأثيرات السلبية للأزمة المالية العالمية وما تبعها من أزمات في أداء صناديق الضمان في المنطقة في ظل التراجع الكبير في أسعار أسهم الشركات المساهمة العامة التي تملكها هذه الصناديق والتي تشكل حصة مهمة من موجوداتها.
ويستحوذ الاستثمار في أسهم 10 شركات أردنية إستراتيجية على نحو 90 في المئة من محفظة الأسهم التي يملكها صندوق الاستثمار، وهي أسهم في «البنك العربي» و»الاتصالات» و»بنك الإسكان» و»الفوسفات» و»البوتاس» و»البنك الأردني - الكويتي» و»الأسواق الحرة» و»شركة الكهرباء» و»المصفاة» و»الرأي».
وأدى هذا التراجع الكبير في الأسعار إلى انخفاض العائد الاستثماري إلى 2.4 في المئة عام 2010. وبلغ العائد 3.1 في المئة عام 2011 و2.7 في المئة عام 2012. وهذا الانخفاض الكبير في العائد أدى إلى انخفاض متوسط العائد المحقق منذ تأسيس الصندوق، خصوصاً إذا أخذنا في الاعتبار المكاسب الرأسمالية الكبيرة التي حققتها الصناديق خلال فترة طفرة أسواق المنطقة بين 2004 و2008، إضافة إلى التأثيرات الإيجابية لأداء هذه الصناديق من انتعاش قطاع العقارات.
يشار إلى أن موجودات الصندوق ارتفعت من 1.6 بليون دينار عام تأسيسه إلى ستة بلايين دينار اليوم، وتشير المعلومات إلى أن ما نسبته 85 في المئة من ارتفاع قيمة أصول الصندوق وموجوداته مصدرها أرباح الصندوق ونمو قيمة أصوله من استثماراته المختلفة، وفق معايير الإبلاغ المالي الدولية التي يتبعها الصندوق في إعداد بياناته المالية، بينما تشكل الأموال الواردة من مؤسسة الضمان، وهي قيمة الأقساط التي يدفعها المشتركون، ما نسبته 15 في المئة من نمو الموجودات.
نقلا عن الحياة