اقتصاديات وزارة الصناعة

01/06/2014 1
د. أنور أبو العلا

وزارة الصناعة عمرها قصير لم يتجاوز السبعة وعشرين عاما فقد ولدت عام 1976 مع بداية خطة التنمية الثانية وتم إلغاؤها في عز شبابها عام 2003 في منتصف خطة التنمية السابعة ولكنها انجزت – رغم قصر عمرها – مالم تستطع ان تنجزه الصناعة طوال مدة بقائها مجرد وكالة فيما يسمى وزارة التجارة والصناعة حيث تضيع جهود الوزير في الاهتمام بالتجارة على حساب الصناعة التي يتعامل معها كأنها بنت الجارية (كما يقول المثل المكاوي) بينما التجارة بنت السيّدة المصونة أم العيال.

لقد تعاقب على وزارة الصناعة ثلاثة وزراء هم على التوالي: الدكتور غازي القصيبي من عام 1976 الى عام 1982، ثم تلاه المهندس عبدالعزيز الزامل من عام 1982 الى عام 1995، ثم الدكتور هاشم يماني من عام 1995 الى عام 2003.

لقد كان لكل واحد من هؤلاء الوزراء الثلاثة بصمة واضحة في رسم جزء من خريطة طريق المملكة الى عالم الصناعة.

ففي فترة القصيبي تم انشاء اكبر مدينتين صناعيتين (الجبيل وينبع) وكذلك تم تأسيس سابك (رائدة صناعة البتروكيماويات السعودية).

ثم في فترة الزامل سار على منهج سلفه القصيبي فتشجّع الصنّاع وتوسعت – وازداد عدد – المدن الصناعية. ثم جاءت فترة اليماني الذي يعتبر بحق واضع نواة الاستراتيجية الصناعية التي لم يكتب لها ان ترى النور خلال عمر وزارة الصناعة القصير فتمت ولادتها قيصريا من رحم امها بالتّبني في عصر وزارة التجارة.

"الصناعة خيارنا لتنويع مصادر الدخل" هذه العبارة قالها خادم الحرمين الشريفين - أطال الله عمره - ولقد نقلتها حرفيا من صفحة الغلاف للاستراتيجية الوطنية للصناعة حتى عام 1441 (2020 ميلادي) المنشورة على موقع MODON (الهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية).

السؤال الاستراتيجي هو: أين هي استراتيجيتنا الوطنية للصناعة الآن؟ فلقد مضى عليها حوالي خمس سنوات حيث صدرت الاستراتيجية اوائل عام 2009 بينما المفروض ان تحقق اهدافها بحلول عام 2020 (اي لم يتبق لها الا حوالي الخمس سنوات).

لقد تشابهت علينا الاستراتيجيات فبعد ان كانت وزارة التجارة تتحدث عن استراتيجية وطنية للصناعة تقودنا الى اقتصاد قائم على المعرفة أصبحت وزارة التخطيط تتحدث عن استراتيجية وطنية يقودها القطاع الخاص (المقاولون لمشاريع الحكومة) للتحول الى اقتصاد قائم على المعرفة.

اذن لدينا استراتيجيتان كلتاهما لا تزالان على الورق. الاستراتيجية الاولى (استراتيجية وزارة التجارة) تقول ان الصناعة هي التي ستقودنا الى اقتصاد المعرفة. بينما الاستراتيجية الثانية (استراتيجية وزارة التخطيط) تقول ان القطاع الخاص (قطاع كل فطير وطير) هو الذي سيقودنا الى اقتصاد المعرفة.

لقد مضى على استراتيجية وزارة التخطيط اكثر من سنتين وكل يوم نزداد اقتناعا بان القطاع الخاص لدينا بوضعه الحالي غير مؤهل لتحمل المسؤولية التي يقوم بها القطاع الخاص في الدول التي ألّف خبراؤها استراتجيتنا للتحول الى اقتصاد المعرفة وان أملنا الوحيد الآن هو احياء الاستراتيجية الوطنية للصناعة يقودها القطاع الحكومي بإنشاء المزيد والتوسع في الشركات الصناعية على غرار سابك وشركة الاستثمارات الصناعية الجديدة وإعداد الكوادر الوطنية المدربة منذ الآن لتتولى عملية الإنتاج من الألف الى الياء وليس وسيلة لإغراق البلد بمزيد من الاستقدام.

اننا الآن أحوج ما نكون بحاجة الى انشاء جهة متخصصة (لتكن وزارة للصناعة) لها شغل واحد وحيد لا غير هو تنفيذ مقولة ابي متعب: "الصناعة خيارنا الوحيد لتنويع مصادر الدخل".

نقلا عن الرياض