أخطار توقُف إمدادات النفط من الشرق الأوسط إلى آسيا

11/05/2014 0
وليد خدوري

تعتبر الدول الآسيوية أكثر عرضة من أوروبا أو الولايات المتحدة لأخطار انقطاع إمدادات النفط من الشرق الأوسط.

والسبب الرئيس لذلك هو أن الدول الآسيوية وأستراليا أقل استعداداً من الدول الصناعية الغربية للتعامل مع هذا السيناريو، وفق دراسة لخبير أمن الطاقة جون ميتشيل صدرت الأسبوع الماضي عن معهد «تشاتام هاوس» البريطاني لدراسات السياسات.

تكمن أهمية آسيا في أنها دينامو الاقتصاد العالمي خلال هذه المرحلة. فأي اختلال في الاقتصاد الآسيوي أو أي عرقلة في نموه سيعرض الاقتصاد العالمي لهزات كبيرة.

كما أن أي نقص في الإمدادات النفطية سيعرض العلاقات الاقتصادية الآسيوية - الإقليمية للخطر أيضاً. ويذكر أن الشرق الأوسط يزود الدول الآسيوية بحوالى نصف إمداداتها من النفط الخام.

لكن، على عكس الدول الصناعية الغربية التي تتبع إرشادات وكالة الطاقة الدولية، فإن الدول الآسيوية لا تملك مخزوناً استراتيجياً من النفط الخام، باستثناء اليابان وكوريا اللتين بادرتا إلى التخزين الاستراتيجي. وكما هو معروف هناك نوعان من المخزون النفطي، أولهما المخزون التجاري الذي تتحمل مسؤوليته شركات النفط، وتستعمله في سد حاجاتها اليومية أو الأسبوعية، وكمياته محدودة عادة.

وثانيهما المخزون الاستراتيجي الذي تتحمل الحكومات مسؤوليته وتكاليفه. ويستعمل هذا المخزون للحالات الاستثنائية مثل انقطاع في الإمدادات، وإن استعمل بعض الأحيان في الولايات المتحدة من أجل تزويد الأسواق بإمدادات إضافية لأجل زيادة العرض في السوق، ومن ثم خفض الأسعار.

ما هي أبعاد المشكلة الآسيوية؟

مع الارتفاع القياسي في النمو الاقتصادي الآسيوي، ازداد اعتماد الدول الآسيوية على استيراد النفط الخام واستهلاكه. وهذا الأمر أخذ يشكل تهديداً محتملاً لأمن أسواق النفط. وبلغت حصة الدول الآسيوية حوالى 40 في المئة من تجارة النفط العالمية.

كما تشتري هذه الدول حوالى 75 في المئة من النفوط المصدرة من الشرق الأوسط. ويزود الشرق الأوسط آسيا بنصف حاجاتها النفطية، مقارنة بحوالى 12 في المئة للولايات المتحدة و16 في المئة لأوروبا.

ويختلف حجم اعتماد الدول الآسيوية على نفوط الشرق الأوسط (يشكل 75 في المئة من النفط الذي تستهلكه كوريا، بينما يشكل 30 في المئة من النفط الذي تستهلكه الصين).

تلفت الدراسة إلى أن الإمدادات النفطية انقطعت خمس مرات من الشرق الأوسط خلال العقود الأربعة الماضية، لذا لا يمكن غض النظر عن هذا الخطر المحتمل. وتدعو إلى ضرورة تبني الدول الآسيوية السياسات الاحترازية اللازم اتخاذها أثناء حدوث انقطاعات في الإمدادات.

يطرح انقطاع الإمدادات بدائل مختلفة: يعتمد الأمر على الأولويات التي تتبناها الدول النفطية في تحديد اتجاهات الصادرات، فهل ستتجه غالبيتها إلى الولايات المتحدة أو أوروبا، أو إلى مصافي هذه الدول في أوروبا، أميركا أو آسيا.

ما هو تأثير انقطاع الإمدادات في مرونة الأسواق النفطية العالمية؟ وما هي قدرة هذه الأسواق على التأقلم مع أزمة عالمية، مثل إغلاق مضيق هرمز لشهور؟ إن الخيار الرئيسي أمام الدول الآسيوية هو استيراد كميات إضافية من الدول المنتجة في أفريقيا أو دول بحر قزوين ووسط آسيا أو روسيا أو أميركا الجنوبية، في حال توافر إمدادات إضافية لدى أي منها. ولا شك في أن عمليات شراء اضطرارية وكبيرة سترفع الأسعار بسرعة.

إن انقطاع الإمدادات له انعكاساته السلبية على الدول الآسيوية. يتشكل 30 في المئة من واردات النفط الآسيوية من مصافي الهند وسنغافورة وكوريا التي تستورد حوالى 50 في المئة من نفوطها الخام من الشرق الأوسط. أما الدول التي ستتضرر أكثر من انقطاع استيراد المنتجات البترولية هي أستراليا وتايلاند.

في حال اضطرار الدول الآسيوية لاستيراد النفط من خارج الشرق الأوسط، فستواجه مشكلة في توافر الناقلات، إذ إن الشرق الأوسط هو الأقرب إلى آسيا، مقارنة بأفريقيا وأميركا اللاتينية، أي أن فترة الشحن طويلة، ما سيقلل العدد المتوافر منها.

فحتى في حال تعاون أوروبي - أميركي لاستعمال المخزون الاستراتيجي المتوافر لديها في تزويد آسيا، فإن فترة الشحن ستكون أطول وتقلص عدد الناقلات.

وفي حال حدوث انقطاعات، فلا بد لحكومات الدول الآسيوية من التدخل في تجارة النفط. لكنها لا تملك الآلية اللازمة لهذا النوع من التدخل الحكومي في فترات الأزمات النفطية خارج إطار وكالة الطاقة الدولية. ففي حال غياب سياسات وأدوات واضحة، سيخلق التدخل الحكومي المفاجئ والمتعدد الطرف اضطراباً لكل من الحكومات والشركات، ناهيك عن الأسواق نفسها لما سيطرأ على موازين العرض والطلب.

حددت الدراسة خطراً رئيسياً يجب أن تأخذه الدول الآسيوية في الاعتبار وتخزن النفط على ضوئه، وهو نقص الإمدادات النفطية من الشرق الأوسط، أي احتمال فقدان 10 ملايين برميل يومياً من النفط الخام عبر مضيق هرمز لمدة ثلاثة أشهر.

وتفترض الدراسة أن كل الدول الآسيوية ستتخذ إجراءات معينة عند حدوث الانقطاعات. لكن، تحذر في الوقت ذاته، من أن في غياب سياسات متفق عليها مسبقاً، وإمدادات كافية من المخزون لكل الدول أو معظمها، فإن تفاوت ردود الفعل سيؤثر سلباً في الاقتصادات المحلية أثناء وقوع الأزمة ما سيشكل أضراراً كبيرة بهذه الاقتصادات.

تقترح الدراسة تبني سياسات محددة منها:

أولاً: تبني برنامج مشترك تتعاون فيه وكالة الطاقة والصين والهند لاتخاذ ردود فعل مقنعة ذات صدقية في حال أي انقطاع لنفوط الشرق الأوسط.

ثانياً: تطوير برامج إضافية، لما هو حاصل فعلاً في الوقت الحاضر، لشركات النفط الوطنية العربية لتخزين كميات كبيرة من النفوط في الدول الآسيوية ذاتها.

ثالثاً: تطوير الآليات والأدوات لتوفير الإمدادات بسرعة في أوقات الأزمات للشركات النفطية الآسيوية.

نقلا عن الحياة