يلزم الدولة إعادة النظر سريعاً في سياستها التنموية الشاملة، والإدارة الحكومية، والتخطيط الإقتصادي والإجتماعي.
كما يجب عليها التكيف بصورة أقوى مع الأوضاع المالية والإقتصادية الدولية الجديدة والمستقبلية عبر إعادة هيكلة وزارتا المالية والإقتصاد والتخطيط من (الرأس حتى أخمص القدمين).. حيث أن وزارة المالية بمثابة قلب الدولة النابض "لتروية التنمية"، ووزارة الإقتصاد والتخطيط هي "العقل المدبر".
إذاً نحتاج إلى إعداد جيش من خيرة المبدعين والعلماء المحليين والدوليين في الإقتصاد الكلي، والإقتصاد الدولي، وإقتصاديات التنمية والتخطيط، وإقتصاديات التصنيع، وإقتصاديات المعرفة، وإدارة الجودة الشاملة، والتخطيط والإدارة الإستراتيجية، وإدارة النقل والخدمات اللوجستية، وإدارة الأعمال والتجارة الدولية، وإدارة التنمية البشرية، والقانون التجاري الدولي..إلخ.
وذلك لغرض رسم ووضع (خطة تنموية إستراتيجية طموحة وجريئة وجديدة) للإقتصاد والمجتمع السعودي على المدى البعيد.
ولكن قبل ذلك يجب دمج الإقتصاد مع المالية في وزارة واحدة كما كان في "العهد السابق". ومن ثم إنشاء معهد حكومي مستقل للتخطيط التنموي الإستراتيجي على غرار (المعهد التنموي الكوري)، كمسؤول أعلى في المملكة على إعداد الخطط التنموية الإستراتيجية، والإشراف عليها، وكما ينبثق من المعهد مركز مسؤول عن التنمية الإدارية المحلية، ويستهدف تبني وتطبيق (إدارة الجودة الشاملة).
وبالإضافة إلى ذلك من المهم جداً تطوير السياسة المالية الحكومية عبر الإنتقال من موازنة البنود – نظام بيروقراطي وقديم جداً- إلى موازنة قاعدة الصفر – أحدث وأذكى نظام مالي على مستوى العالم- وذلك لربط الإنفاق الحكومي مباشرة "بالتخطيط التنموي الإستراتيجي" مما يساعد على رفع كفاءة وفاعلية الإنفاق العام، وبالتالي الحد من هدر أموال الدولة.
إن الإقتصاد المحلي يحتاج وبشدة إلى خصخصة الجمارك، والموانئ البحرية، والجوية، والبرية، والإسراع في بناء شبكة سكك حديد "متطورة جداً" (تربط جميع مناطق المملكة ببعضها وتمتد إلى دول أسيا وأوروبا وأفريقيا عبر مدها إلى العراق والأردن ومصر)، وذلك لإستغلال مزايا موقع المملكة الجغرافي.
والجدير بالذكر إن الإبتعاد عن نظام (الإقتصاد الرأسمالي) في غاية الأهمية، وذلك أنه غير عادل في توزيع الرفاهية الإجتماعية، ومن الممتاز جداً تبني بالكامل نظام (إقتصاد السوق الإجتماعي) حيث أنه يحث على الإهتمام العالي بالرعايا وعدالة الرفاهية الإجتماعية، ولكنه متمسك بمفهوم إقتصاد ذو قاعدة إنتاجيه عالية ومستدامة.
ويجب النظر إلى (إعداد نموذج إقتصادي محلي) يهدف إلى تخصيص ما لايقل عن 5٪ من إيرادات الدولة سنوياً لصالح الإستثمار في قطاع البحث والتطوير التطبيقي، وتأسيس وكالة للفضاء على غرار (وكالة ناسا)، وضخ المزيد من الإنفاق على التنمية البشرية، وتطوير العلوم والرياضيات والتعليم بشكل تنافسي ومستمر، والإهتمام والتركيز العالي على التعليم والتدريب التقني، وتقليل مخرجات التعليم النظري إلى نطاق ضيق جداً، ومنح الإستقلالية التامة لكافة الجامعات والكليات العامة، وأيضاً تعزيز حماية حقوق الملكية الفكرية، وترجمة الإبداع والإبتكار إلى شركات إنتاجية ناشئة. ومن ثم التركيز على إستراتيجية معينة تستهدف نقل التقنية والمعرفة المتطورة الى المملكه عبر "برنامج التوازن الإقتصادي" من خلال تحويل البرنامج إلى (هيئة عامة تمتلك شركة قابضة). ثم تطوير المعرفة والتقنية الأجنبية عبر الأبحاث التطبيقية المحلية، وذلك عبر إنشاء (هيئة عامة للتقنية والأبحاث العلمية) لغرض تصدير "الإبتكارات والإختراعات" على شكل سلع وخدمات جديدة ومتطورة للأسواق الإقليمية، والدولية عبر شركات ناشئة أو شركات محلية قائمة.
والنظر إلى "تبني إستراتيجية ذات هوية خاصة بالمملكة" تهدف إلى خلق فرص عمل عالية الأجور للمواطنين عبر (تنمية الصناعات ذات التقنية المتوسطة والعالية) وربطها مباشره بالأبحاث، وتوفير نقل وخدمات لوجستية، وصحية، وتعليمية ذات تنافسية عالية.
وإنه لمن المهم ربط إستدامة النمو والتنمية بمستوى إنفاق الدولة والقطاع الخاص المحلي سنوياً على الأبحاث والتطوير، وتبني وتطبيق الجودة الشاملة، ومدى قوة إهتمام الحكومة بخزانات التفكير، وريادة الأعمال، والعناقيد الصناعية، ورفع تنافسية البنية التحتية الأساسية والخدمات العامة، وتحسين البيئة الإستثمارية المحلية (للإستثمارات الأجنبية).
ويجب النظر إلى رفع عدد العلماء والباحثين الى ما لا يقل عن (200 ألف متفرغ بالكامل للأبحاث والتطوير في خلال عقد واحد). كما يجب وضع أولوية للإستثمار في مجال بحوث البترول، والغاز، والمعادن بالتعاون بين الحكومة وشركة أرامكو، وسابك، ومعادن.
وكما يجب على الدولة والقطاع الخاص تكثيف الإستثمار في مجال أبحاث النانو، والميكرو، والتقنيات الكيميائية، والحيوية، والطبية، وتقنيات المواد المتقدمة، والمياه، والبيئة، والطاقة المتجددة، والأمن والفضاء والطيران، والبحوث الإقتصادية التطبيقية، وبحوث نظم الجودة الشاملة.
وفي الختام يحتم على حكومة المملكة إجراء عملية تحول سريعة وجريئة، وإعادة هيكلة شاملة للسياسة المالية، والإقتصادية، والإجتماعية من خلال جهود حكومية منظمة وجبارة بدعم وإشراف مباشر من أعلى سلطة بالمملكة، وتحت أعين هيئة مكافحة الفساد.
ولكن قبل ذلك يجب أن لا نغفل عن مدى أهمية التحول من (إدارة وحكومة بيروقراطية) إلى (إدارة الجودة الشاملة وحكومة التكنوقراطية).
أتمنى أن تصل هذه المقالة إلى الديوان الملكي.. وتحياتي وتقديري العميق للأخوة القائمين في الفابيتا.
اهلاً عبدالله .. اتفق معك في كل ماذكرت وأشكرك على نضج قلمك .. لا أحد يفهم ويقيم اقتصاد البلد كأبناء البلد بوركت كل ماذكرتة يحتاج لقائد إداري ثم إصلاح إداري حتى تُحل بقية مشاكلنا الاقتصادية والأجتماعية. مقالك هو مشروع اسمه ’ اقتصاد مابعد النفط’ لابد أن نعمل عليه من الآن. استمر في الكتابة سأقرا لك دوماً.
أهلا صديقي سفر .. ممنون جدا أنا لك وشاكر ردك واطرائك حقاً أسعدتني وأتمنى أن شاء الله أن نتساعد سوياً في تطوير هذا الوطن .. وأخيراً شرف عظيم متابعتك لي.
لا حياة لمن تنادي اتفق مع المقال تمام واحب اضيف الاصلاح التعليمي و القضائي والمجتمعي والإجرائي
صباح الخير.. وأنا أتفق معك فيما ذكرت خصوصاً وزارة العدل والقضاء السعودي يحتاج إلى نفض وإعادة تأهيل شامل.. وكما منع الحصانة من القضاة وتعزيز الرقابة عليهم.. وتطوير الأليات..إلخ. وشكراً لمرورك وتفاعلك..
أكل العنب حبّة حبّة .. البداية في إنشاء بنية تحتية متطورة وقويّة ثمّ بعدهاتجعل جميع المناطق تشارك في الناتج المحلّي وليسَ أن تكون مدن ومناطق بأكملها عبء على الدولة ولا تساهم بشيء ..
للأسف بنيتنا التحتية غير جيدة.. وكما كذلك بنيتنا الفوقية.. وشكرا لك..