تاريخياً ارتبط ارتفاع أسعار النفط بانخفاض الطلب عليه بصورة كانت تلحق بالغ الضرر بإيرادات الدول المنتجة، كما حدث في ثمانينيات القرن الماضي نتيجة الارتفاع الكبير في أسعار النفط الخام في أواخر السبعينيات.
إلا أن الارتفاع الكبير في أسعار النفط خلال العقد الماضي لم يُحدث التأثير نفسه، وبقيت معدلات الطلب العالمي عند مستويات عالية اضطرت معها الدول المنتجة للإنتاج عند طاقتها القصوى، بحيث لا يوجد الآن أي طاقة إنتاجية فائضة ذات أهمية إلا في المملكة فقط.
هذا التغير الهيكلي في السوق النفطية يعود بشكل أساس إلى ارتفاع كفاءة استخدام الطاقة الذي حد من أهمية تأثير ارتفاع تكلفة الطاقة على تكاليف الإنتاج ومن ثم على مجمل الأداء الاقتصادي في الدول المستهلكة، كما يعود أيضا إلى أن معظم النمو في الطلب يأتي من خارج منطقة الطلب التقليدية المتمثلة بالدول المتقدمة، حيث يتركز النمو حاليا في الصين وغيرها من الدول الناشئة التي تحقق نموا اقتصادياً عالياً يزيد من طلبها على النفط حتى في ظل ارتفاع أسعاره.
من ثم ففي حال عدم تطوير مصادر غير تقليدية للنفط فسيزداد الطلب العالمي على النفط بما يفوق قدرة الدول المنتجة على تلبيته وستتعرض هذه البلدان لضغوط كبيرة لزيادة إنتاجها بمعدلات تفوق كثيراً حاجتها المالية كما يتسبب في تقصير عمر احتياطياتها النفطية بشكل كبير.
فقبل التوسع في إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة كانت سيناريوهات السوق النفطية التي تضعها هيئة الطاقة الدولية IEA تؤكد الحاجة إلى قيام المملكة بزيادة إنتاجها النفطي بحلول عام 2015 إلى 15 مليون برميل يوميا وصولاً إلى 18 مليون برميل يومياً بحلول عام 2020، تفادياً لحدوث نقص في امدادات النفط يؤثر سلباً على الاقتصاد العالمي.
هذا السيناريو الكارثة لم يعد الآن مطلوباً ولا متوقعاً بفضل تزايد إنتاج النفط الصخري، الذي أدى إلى ارتفاع إنتاج الولايات المتحدة من النفط الخام ليصل الآن إلى حوالي 7.4 مليون برميل يوميا بعد إن كان قد تراجع في عام 2005 إلى حوالي 5 ملايين برميل يوميا.
وتتوقع إدارة معلومات الطاقة الأمريكية EIA أن يصل إنتاج الولايات المتحدة إلى 9.7 مليون برميل بحلول عام 2019، إلا أنه سيبدأ بعد ذلك بالانخفاض تدريجيا ليصل إلى 7.5 مليون برميل يوميا بحلول عام 2040.
أيضا يتوقع حدوث توسع عالمي في إنتاج النفط الصخري في العقود القادمة في حال محافظة أسعار النفط الخام الحقيقية على مستويات تقرب من 150 دولار للبرميل.
من ثم فهذا النمو في إنتاج النفط الصخري أنهى كل ضغط علينا لزيادة إنتاجنا بصورة لا تخدم مصلحتنا الوطنية، بل وسيمكننا من تخفيض إنتاجنا إلى ما دون مستوياته الحالية للحفاظ على توازن السوق النفطية وهو ما يتفق مع مصلحتنا الوطنية على المدى الطويل.
فهذا التخفيض في إنتاجنا النفطي سيمكننا من إطالة عمر احتياطياتنا النفطية، ويقلل من اعتمادنا على النفط ما يزيد من فرص نجاح جهود تنويع مصادر الدخل، وسيفرض إدارة أكثر كفاءة للموارد المالية يقل معها الهدر وتصبح عملية مكافحة الفساد أكثر مصداقية، وسيكون من نتيجة كل ذلك أن نصبح أكثر استعداداً لمرحلة ما بعد النفط التي قد لا تكون بالبعد الذي يتصوره البعض.
وعلاوة على كل ذلك، فإنه لا يمكن أن يتسبب إنتاج النفط الصخري في حدوث تراجع كبير في أسعار النفط العالمية، فأي تراجع من هذا النوع سيفقد النفط الصخري جدوى إنتاجه، ما يدفع أسعار النفط الخام إلى الارتفاع من جديد بشكل كبير، من ثم فهو عنصر توازن مطلوب جدا في السوق النفطية خلال العقود القادمة يخدم مصلحة المنتجين والمستهلكين على حد سواء.
وعليه، فليس هناك ما يقلقنا من تزايد إنتاج النفط الصخري، بل نحن من بين أكبر المستفيدين من ذلك، ما يجعله في حقيقة الأمر نعمة وليس نقمة كما يتوهم البعض.
وللحديث بقية...
نقلا عن الجزيرة
ابق على اطلاع بآخر المستجدات.. تابعنا على تويتر
تابِع
أعتبر هذا المقال سطحي جداً لو صدر من كاتب غير متخصص فكيف يصدر من دكتور ومتخصص إقتصادي مثل الدكتور عبدالرحمن السلطان. كيف يعتبر أن هناك إيجابية في تزايد انتاج النفط الصخري فقط لأنه يرفع الضغط عن الاستهالك المتزايد من احتياطات المملكة . هذه جزئية ضيقة لا تعتبر شيء في الموضوع ماذا لو أدت زايدة النفط الصخري الى زيادة كمية المعروض وبالتالي انخفاض أسعار النفط - أنخفاض أسعار النفط أقل من 70 دولار تعتبر كارثة على السعودية وجود روسيا خارج منظمة الأوبك مصدر قلق دائم فما بالك إذا ما أصبحت أمريكا لاعبا رئيسيا في السوق النفطي فالتحكم في كمية الانتاج والأسعارلن تكون سهلة لمنظمة أوبك أخذ الأمور بهذه السهولة لن يجدي شيئاً وعلى المملكة أن تخفف الاعتماد على النفط الى أقل من 50 % وإلا أصبح وضعنا مظلما في المستقبل
وهو ما يتفق مع مصلحتنا الوطنية على المدى الطويل. ..........الحديث عن المصلحه الوطنيه على المدى الطويل
اما انك لم تقرأ المقال او انك لم تفهمه.
في حال وصل سعر النفط ٧٠ دولار سيكون هامش الربح من النفط الصخري ضئيل ربما ينعدم حتى!
أظنك فعلا اما متسرع او تهوي النقد لحاجة في نفس يعقوب ؟؟؟ وهذه مع الأسف ملاحظة تتكرر في السنوات الاخيرة !!!
في ماذا أخي الكريم؟
وما المشكلة في النقد؟ نحن نناقش مسألة وطنية وليست أشخاص
الكاتب الكريم يرى ان انتاج النفط الصخري سيشكل حد ادنى لاسعار النفط لا يمكن اختراقه وهذا يعود بالنفع على عوائد المملكة بمعنى ان اسعار النفط لن تهبط دون ٨٠ دولار بالاضافة ان الكميات المنتجة منه ستخفض من استنزاف مكامن النفط في المملكة لعدم حاجة السوق العالمي لزيادة الانتاج السعودي . ولكن لكي يكون افتراض الكاتب صحيح لابد ان تكون كميات النفط الصخري المنتجة كبيرة وبنسبة مؤثرة في السوق من مجمل الانتاج العالمي اذا كانت ستكون عامل سعري مؤثر وهذا غير واقع فحاليا انتاج النغط الضخري لا يشكل ٠.٠٠٠١٪ من انتاج النفط في العالم وهو مصدر انتاج غير مستدام بالتقنيات الحالية. والكثير يخلط بين ثورة الغاز الصخري وانتاج النفط الصخري والفرق بينهما شاسع فانتاج النفط الصخري اصعب واكثر تعقيدا واقل استدامة.
طالما ان العالم يستهلك البترول فلا خوف على انتاجنا منه وذالك لعدة عوامل اهمها التكلفة المنخفضة للانتاج في السعودية بالاضافة ان ارامكو تملك العديد من المصافي في الصين وكوريا واليابان و امريكا واوروبا اما ملكية كامله او شراكة وهذه المصافي تشتري نسبة لاباس بها من انتاج المملكه. العامل الخطير والمهمل والذي لا ياخذ حيز من النقاش هو ماذا سنفعل اذا وجود بديل للبترول كمصدر للطاقه وللمعلوميه ٧٠٪ من انتاج البترول يستخدم في النقل (سيارات، طائرات، سفن) وعندما نرى ما تقوم به شركه مثل Tesla والتي اليوم حققت ثورة في صناعة السيارات الكهربائيه بالاضافة الى البنيه التحتيه من محطات يطلقون عليها Supercharger والتي تطمح Tesla بان تغطي كافة الخطوط السريعة في امريكا بحلول ٢٠١٥. علما ان Tesla تمكنت من تخفيض تكلفة انتاج سيارتها بنسبه مخيفه ١٠٠٪ علما ان البطاريات تشكل ٥٠٪ من تكلفه الانتاج وتنوي الشركه استثمار مايقارب ٤ مليار دولار لانتاج بطاريات اللثيوم بكميات كبيره لتخفيض تكفلتها علما ان سعر السياره حاليا يقارب ٦٠ الف دولار وسرعتها ٢٢٠ كم/ساعه بطاريتها تستمر ل٢٠٠ ميل. هذا هو المخيف
في ظل تزايد الطلب على الطاقة بكافة انواعها لا اظن ان هناك اي خوف من تطور تكنولوجيا الطاقة البديلة .... بل بالعكس يجب ان نكون نحن السباقين الى تطوير هذه التكنولوجيا لانها مكلفة في البداية و نحن بامكاناتانا المالية الاجدر للاستثمار فيها لانها تخفف من استهلاكلنا المحلي للنفط الذي يباع حاليا في المملكة بالمجان و يعطي فرصة اكبر للتصدير و عوائد مالية اكبر
كلام سليم يا أخ mulhaa0t أسجل إعجابي
شكراً دكتور سلطان على مقال مفيد ومفرح
طرح جيد ومفيد لم يهتم بمستقبل الاقتصاد فى المملكة