آن الأوان لتقنين.. ثم تدريجياً إيقاف الاستقدام

27/04/2014 5
د. أنور أبو العلا

 المثال في زاوية الاحد الماضي لم يكن مكتملاً فنحن حسبنا التكاليف الكلية للمشروع وتنقصه مقدار المبيعات الكلية (اجمالي الايرادات) حتى نعرف مقدار صافي الربح. ومن ثمّ نستطيع ان نعرف كيف يتم توزيع فائض القيمة المضافة (اي الربح) وبالتالي التأثير على اجمالي الاقتصاد القومي.

نفترض ان محل الكوافيرة ينتج عشرة آلاف قصة شعر في السنة بمتوسط سعر القصة 160 ريالاً فيكون اجمالي الايرادات 1.6 مليون ريال في السنة.

وبذا يكون صافي الربح لربة العمل في حالة تشغيلها للعاملات الفلبينيات 1.02 مليون ريال. بينما في حالة تشغيلها لعاملات وطنيات سينخفض ربحها الى 0.580 مليون ريال.

بالتأكيد ان الغريزة البشرية لحب المال حباً جماً ستدفع ربة العمل ان تستغل جميع الثغرات المتاحة لها في النظام لاستقدام عاملاتها من الخارج، فعلى سبيل المثال من اجل ان ترضي شرط السعودة ستتفق مع ابنة جيرانها على ان تسجل اسمها لديها وهمياً بثلاثة آلاف ريال.

هذا المثال ينطبق على جميع رجال الأعمال فهم يقارنون بين أرباحهم من استخدام العمالة المستقدمة وبين أرباحهم من تشغيل العمالة الوطنية ثم يستغلون ضعف الانظمة وسوء تنفيذها.

الحقيقة ان اللوم لا يقع على رجال الاعمال وحدهم فهم بشر يقتدون ببعضهم بقدر ما يقع اللوم على المسؤولين عن التخطيط ووضع الانظمة وتطبيقها.

ولكن هل يوجد جهة معينة تتحمل وحدها كامل المسؤولية او ان المسؤولية موزعة بين مجلس الاقتصاد الأعلى ووزارة التخطيط ومن ثم الجهات التنفيذية كوزارات العمل والخدمة المدنية والداخلية وجميع الجهات الاخرى التي لها علاقة بالاستقدام.

والآن سنوضح كيف ان الاجر الذي يتقاضاه المواطن (12 الف ريال مثلا) حتى لو كان أضعاف أضعاف أجر العامل المستقدم (3 آلآف ريال مثلا) أجدى للاقتصاد الوطني.

لو رجعنا لمثال الكوافيرة نجد كيف انها استقدمت خمسة عاملات وتسببت في بطالة خمسة مواطنات إضافة الى انها وظّفت وهمياً مواطنة لا ترغب أساساً في العمل فضللت المسؤولين عن إصلاح سوق العمل بإعطائهم معلومات مغلوطة عن أعداد العاملين فزادت سوق العمل شرذمة على شرذمته.

السؤال هو ماذا ستعمل العاطلات الخمس اللاتي احتلت وظائفهن المستقدمات؟ بعضهن سيكتفين مستسلمات لفتات حافز وإخوانه من المسكنات المؤقتة، والبعض الله أعلم أين سينتهي بهن المطاف.

بالنسبة للتأثير على الاقتصاد ككل يمكن معرفة الفرق من المقارنة بين حالتين إحداهما كما يحدث في دول العالم والأخرى كما يحدث لدينا الآن.

الحالة الاولى كما يحدث في دول العالم حيث ان إجمالي ايرادات المشروع البالغة 1.6 مليون ريال قد يتم توزيعها كالتالي:

400 ألف ريال قيمة المواد وقسط استهلاك رأس المال

720 ألف ريال أجور للعمال المواطنين

72 ألف ضريبة للحكومة (15 % مثلا)

408 آلاف ربح صاف لصاحب العمل

الحالة الثانية كما يحدث لدينا في الوقت الحالي حيث ان اجمالي ايرادات المشروع البالغة 1.6 مليون ريال قد يتم توزيعها كالتالي:

400 الف ريال قيمة المواد وقسط استهلاك رأس المال الثابت

180 الف ريال اجور عمالة مستقدمة

1.02 مليون ريال ارباح لصاحب العمل.

واضح كل الوضوح من المقارنة بين الحالتين ان الحالة الاقتصادية لدينا غريبة ولا يمكن لها الاستدامة وانها معرضة للانهيار بمجرد عجز ميزانية الدولة عن دفع حافز وإخوانه وليس بإمكانها فجأة فرض ضرائب على القطاع الخاص الذي هو بدوره سينهار لانقطاع معونة الدولة.

نقلا عن جريدة الرياض