بوابة إسكان: هل فتحت الآمال أم أغلقتها؟

17/03/2014 4
د.عبد الوهاب أبو داهش

انفتحت بوابة إسكان وفتحت معها آمال الكثيرين بقرب تحقيق الحلم، ساعدهم في ذلك قرب وعود مسؤولي الإسكان بتسليم منتجات الإسكان في خلال أشهر.

وهذا بطبيعة الحال يزيد من أعداد المتقدمين على بوابة إسكان، ففي الأيام الأولى شهدت بوابة إسكان إقبالاً منقطع النظير رغم عدم إفصاح وزارة الإسكان عن تلك الأعداد.

وقد تحتاج الوزارة الى وقت طويل لفرز تلك الأعداد الكبيرة ومن ثم تصنيفها للوصول الى العدد الحقيقي المستحق للدعم السكني.

وعلى أية حال، فإن الوزارة بهذه الخطوة تكون قد رمت آخر أوراقها في استراتيجتها لتملك السكن. فلم يعد أمامها الكثير لفعله بعد أن حصلت على أكثر من 200 مليون متر مربع من الأراضي، وبدأت في أعمال البنية التحتية لمعظمها، ووقعت مع بعض البنوك برنامج القرض الإضافي، ولديها أموال بنحو 80 ملياراً في الصندوق العقاري، و250 ملياراً في حسابات وزارة الإسكان لدى مؤسسة النقد.

ومع كل ذلك مازال البعض مشككاً في قدرة وزارة الإسكان على حل مشكلة الإسكان. والسؤال لماذا؟ والإجابة في بقية هذا المقال.

يبدو أن وزارة الإسكان أرسلت رسالة للجمهور مفادها أنها أتت لحل أزمة الإسكان والعقار معاً وفي وقت وجيز، فكل خطوة تخطوها تقترب من الإعلام كثيراً وترسل رسالة بقرب توزيع وحدات سكنية أو أرض أو قرض أو كليهما معاً، وتحدد وقتا زمنياً لتحقيق ذلك.

لكن الجمهور ينتظر هذا الفرج، وتنتهي الفترة الزمنية وتتبخر الوعود على أرض الواقع. فطال انتظار الكثير في عدم التحرك باستقلالية بعيداً عن برامج وزارة الإسكان للبيع والشراء مما سبب ركوداً حقيقياً في القطاع العقاري.

إن هدف وزارة الإسكان - ليس في المملكة فحسب بل وفي معظم الدول - هو المشاركة في حل أزمة السكن (وليس العقار ككل) وخصوصاً للفئات الأكثر احتياجاً مثل العاجزين والمتقاعدين والأرامل وأصحاب الدخول المنخفظة. لذا فهدف وزارات الاسكان بالدرجة الأولى تأمين السكن لغير القادرين، وبهذا هي تسهم بشكل كبير في توفير المساكن للأكثر احتياجاً للسكن ما يجعلها مسؤولة عن حل جزء من مشكلة الإسكان.

فهي لوحدها ليست معنية بحل مشاكل الإسكان لكل المواطنين والمقيمين بل بفئة معينة من المجتمع ما يجعلها بالفعل قادرة على تحقيق أهدافها بسهولة.

لقد فهم الغالبية العظمى من المواطنين أن وزارة الاسكان جاءت لتمنحهم مسكناً أو أرضاً أو قرضاً وبالتالي علق معظمهم الأمال عليها ما يجعل هناك صعوبة في حل هذه المشكلة، واذا ترسخ هذا المفهوم مع الزمن فإن مشكلة الإسكان ستصبح مشكلة أزلية يصعب على وزارة الإسكان حلها.

إن توفير المساكن وغلق الفجوة بين العرض والطلب هي مشكلة عامة تحتاج الى أنظمة وتشريعات تخص وزارت كثيرة بدءاً من وزارة الشؤون البلدية ومروراً بوزارة العدل، والتجارة، والمالية، والقطاع الخاص العقاري، والقطاع الخاص التمويلي.

إن في اعتقادي أن حل أزمة الإسكان ينطلق ابتداء من أنظمة الرهن العقاري وقدرة الحكومة على تفعيلها خصوصا في جانبها التمويلي والتطويري. فإذا كان الجانب التمويلي يشهد الآن الترخيص للعديد من الشركات التمويلية، فإن الجانب التطويري يحتاج الى عناية خاصة من الدولة.

فالمطورون العقاريون يعدون على الأيادي وأمامهم عوائق كبيرة إجرائية بدءاً من الحصول على أراض مناسبة وصعوبة استخراج التراخيص التي قد تأخذ شهوراً طويلة، ومروراً بصعوبة الحصول على التمويل الكافي، مع افتقادها للتحالفات الأجنبية في تطوير قطاع الإسكان. إن التركيز على قطاع التمويل والتطوير العقاري من خلال القطاع الخاص هو في نظري أهم من تعليق الآمال على وزارة الإسكان، التي مهما فعلت فإنها ستجد صعوبة كبيرة في غلق فجوة العرض والطلب. فماذا يفيد تقديم 17 ألف وحدة سكنية كما وعدت بعد ثلاث سنوات من إنشائها والقطاع يحتاج الى أكثر من 150 ألف وحدة سكنية سنوياً.

بهذا أرجو أن تعيد وزارة الإسكان صياغة رسالتها الإعلامية في التركيز على أصحاب الدخول المنخفضة والاقتراب منهم وتفهم احتياجاتهم لتلبيتها بطريقة أفضل، فمخاطبة الجميع (القطاع العقاري ككل) سيرهق الوزارة وسيتفاجأ الكثير من المتعاملين في السوق العقارية ومنهم من يبحثون عن مسكن أن العمر مضى وهو لم يستطع تحقيق حلمه بسبب مفهموم خاطئ لرسائل خاطئة.

نقلا عن جريدة الرياض