الأختان.. ونحن

09/03/2014 0
د. إحسان بوحليقة

رددنا كثيراً أن الصناعة هي خيارنا الاستراتيجي، ولم تكن المقولة فارغة، بل قطع الاقتصاد السعودي أشواطاً لزيادة مساهمة الصناعة في الناتج المحلي الإجمالي، وبوسع كل من ساهم في بناء هذه التجربة، التي استمرت لأكثر من جيل، أن يعطيك ملاحظة أو اثنتين، تنطوي على دروس مستفادة من التجربة السابقة، وما يمكن عمله لجعل أداء الصناعة التحويلية أفضل مستقبلاً، على مستوى الاقتصادي الكلي وبالنسبة للمستويات الأكثر تفصيلاً.

وليس لنا من خيار إلا أن نمحص تجربتنا ونتمعن فيها ونستخلص منها العبر، وأن نفعل ذلك سوياً (أي جميع الأطراف ذات الصلة) حتى يكون جهدنا منسقاً بما ينعكس على هدفنا الأهم وهو الارتقاء بتنافسية الصناعة التحويلية والدفع بها لتنمو بوتائر عالية.

وما يمكن ملاحظته، هذه الأيام، الحماس الكبير والمبادرات المتتابعة من قبل شركة أرامكو السعودية للمشاركة في الصناعة التحويلية، عبر شراكاتها العملاقة في غرب وجنوب وشمال وشرق المملكة.

وبالقطع، فإن توجه أرامكو لزيادة تأثيرها في الاقتصاد الوطني أمر لا غبار عليه، لكن السؤال الذي لا يبارحني كلما تمعنت في هذه المبادرات: هل هناك تنسيق بين ما تسعى أرامكو لتحقيقه في مجال البتروكيماويات وبين من سبقها في هذا المجال؟ والسؤال ليس استنكارياً بل شديد البراءة، ولذا أتمنى أن يؤخذ على ظاهره.

ومبررات طرح السؤال متعددة، ولعل أبرزها: أن شركة سابك كانت مبادرة حكومية في الأساس، ولا يزال صندوق الاستثمارات العامة يملك 70 بالمائة منها، والثقل في مجلس إدارة سابك هو لممثلي الحكومة.

ومن جانب آخر، فإن أرامكو السعودية مملوكة بالكامل لحكومة المملكة، فكيف نتأكد أن استثمارات وجهود ومنتجات وتقنيات وأهداف ورؤى الطرفين (سابك وأرامكو) ستتكاملان لخدمة اقتصادنا الوطني؟ بل ما الذي يمنع عدم تعارض أو تنافس جهود الشركتين؟ وليس المطلوب تقيدات لجهود أي جهة، هل هناك لجنة أو مجلس تنسيقي بين أرامكو وسابك فيما يخص الصناعة التحويلية، لا سيما خطوط التقاطع والتماس؟ حسب ما أعرف أنه لا يوجد، لكن كلي آذان صاغية.

وإذا انتقلنا لنقطة أوسع، فكذلك ليس واضحاً التوجه الاستراتيجي للصناعة التحويلية مستقبلاً، لعل هناك من يقول «العلم في الراس وليس في القرطاس»، لكن انفقنا الكثير من الوقت والمال لتطوير الاستراتيجية الصناعية للمملكة، لكن ليس واضحاً ما وضعها، هل ستطبق أم لا؟ وهل هي استرشادية أم أنها عملت لمجرد إضافة مجلدات لرفوف المكتبات؟! وليست النقطة هنا، تناول الاستراتيجية بقدر هل لدينا توجه استراتيجي معلن وواضح نعمل من خلاله وتلتزم به كل الجهات المؤثرة في التنمية الصناعية في البلاد؟ والقضية هنا ليست تدخلاً حكومياً وتخطيطا مركزيا بقدر أن لها علاقة بالموارد الطبيعية المتاحة، وخيارات استغلالها بما يعود بأفضل عائد على الاقتصاد السعودي ويحقق أولوياته فيما يتعلق باستقطاب القطاع الخاص من الداخل والخارج للاستثمار، وتوليد فرص العمل القيمة لشبابنا.

كل هذه النقاط تتطلب النظر في سياساتنا الصناعية القائمة، فقد كانت صالحة لحقبة انقضت، وعلينا الاطمئنان أنها فعالة للوقت الراهن وللحقبة القادمة.

نقلا عن جريدة اليوم