مستقبل أسعار الغاز الطبيعي المسال في ظل طفرة الإنتاج

05/03/2014 0
د. سليمان الخطاف

وصل الإنتاج العالمي للغاز الطبيعي في عام 2012م حوالي 3364 بليون متر مكعب.

ويزداد الطلب العالمي عليه بحوالي 100 بليون متر مكعب سنوياً. وكانت حصة التجارة العالمية بين الدول تشكل حوالي ثلث الكمية المنتجة.

أما طريقة التصدير فتتم إما عن طريق الانابيب، كأنابيب شركة غاز بروم الروسية المنتشرة في أوروبا أو أنابيب الغاز الجزائري الممتدة تحت البحر المتوسط إلى اوروبا أو أنابيب الدولفين من قطر إلى الامارات وعمان وغيرها كثير، أو عن طريق تسييل الغاز الطبيعي بالضغط والتبريد ومن ثم تصديره عن طريق الناقلات البحرية العملاقة، وهذه الطريقة تعتبر حديثة وناجعة خاصة في حالة تصدير الغاز الى بلدان بعيدة.

فبهذه الطريقة أصبح الغاز الطبيعي يشبه النفط في سهولة التصدير.

فلو أخذنا مثالاً تصدير الغاز القطري الى اليابان لكان من المستحيل تصديره لاستحالة مد انابيب من قطر الى اليابان عبر المحيطات والمساحات الشاسعة.

ولذلك نرى انه وبالرغم من حداثة عمر التسييل إلا أنه أصبح ينمو بدرجة كبيرة؛ لانه يتيح قدرا كبيرا من المرونة في التبادل التجاري بينما يعاب على الانابيب انها تربط المستورد والمصدر بعقود طويلة الأجل.

ولقد بلغت نسبة التجارة العالمية بالغاز الطبيعي عبر الانابيب حوالي 70% مقابل 30% عبر ناقلات الغاز الطبيعي المسال.

ويبدو واضحاً انه على الرغم من ارتفاع سعر الغاز الطبيعي المسال مقارنة بالغاز الطبيعي العادي الا انه بدأ يأخذ نصيباً كبيراً من حصة التجارة العالمية بالغاز الطبيعي، ويبدو أن هذه الحصة في نمو مستمر.

ولقد بلغت الكميات المباعة من الغاز الطبيعي المسال في العالم في عام 2012م حوالي 238 مليون طن.

وانتجت منها دول الشرق الأوسط حوالي 112.7 مليون طن، ودول آسيا المحيط الهادي حوالي 81 مليون طن. ويعرض جدول 1 أهم الدول المصدرة لهذه المادة الاستراتيجية.

وتتقدم قطر على جميع الدول بحصة تقارب ثلث الكميات المباعة في عام 2012م. وتملك قطر واندونيسيا وماليزيا واستراليا ونيجيريا حوالى 65% من الطاقة الانتاجية العالمية للغاز الطبيعي المسال.

أما الدول المستوردة فلا شك ان اليابان هي أهم الدول، إذ بلغت كمية ما استوردته في عام 2012م حوالي 87.3 مليون طن، بزيادة 8.5 عن عام 2011م بسبب اغلاق بعض المفاعلات النووية، ثم تتبعها كوريا الجنوبية بحوالي 36 مليون طن.

وتعتمد اليابان وكوريا الجنوبية بشكل شبه كامل على الغاز الطبيعي المسال في توليد الطاقة، لذلك فان استهلاكهما له يعادل أكثر من نصف اجمالي الاستهلاك العالمي.

أما الدول ذات النمو المتسارع في استهلاك واستيراد الغاز الطبيعي المسال فمن اهمها الصين، والهند، وتايوان، واسبانيا، حيث يصل استهلاك كل دولة حوالي 14 مليون طن سنوياً.

ولا شك أن دول الشرق الأوسط مرشحة وبقوة لتكون من الدول الواعدة في استهلاك الغاز الطبيعي المسال، فلقد استوردت الكويت حوالي 2.1 مليون طن في صيف عام 2012م؛ لتلبي الطلب المرتفع على الكهرباء في فصل الصيف. وبدأت الامارات ايضاً بالاستيراد، وقد تتبعها دول اخرى مثل مصر، والبحرين، والاردن في المستقبل القريب.

وترتبط أسعار الغاز الطبيعي المسال بشكل وثيق بأسعار النفط العالمية على أساس سعر المليون وحدة حرارية.

فكل برميل نفط يحوي حوالي 5.6 مليون وحدة حرارية، فاذا كان سعر برميل النفط 110 دولارات يصبح سعر المليون وحدة حرارية للنفط حوالي 19.6 دولار.

ولقد وصلت اسعار الغاز الطبيعي المسال في كل من كوريا الجنوبية واليابان حوالي 19-20 دولارا للمليون وحدة حرارية كما يعرض شكل 1.

وبهذا فان أسعار الغاز هنالك ملتصقة تماماً بأسعار النفط العالمية.

وأما أسعار الغاز الطبيعي في اوروبا فهي اقل عند حوالي 10-12 دولارا للمليون وحدة حرارية بسبب تعدد مصادر الغاز الطبيعي، فهنالك انابيب غازبروم الروسية، وانابيب الغاز الجزائرية (بنسبة بسيطة)، وهنالك مصادر الغاز الطبيعي المسال القادمة من البحار المفتوحة.

أما كوريا واليابان، فالمصدر الوحيد للغاز هنالك هو ناقلات الغاز الطبيعي المسال، لذلك كانت معادلة أسعار الغاز بأسعار النفط البديل الوحيد المتوفر عن الغاز المسال حتمياً ومنطقياً للمنتج والمستهلك.

وتبقى أسعار الولايات المتحدة الوحيدة في الدول الصناعية البعيدة تماماً عن أسعارالنفط؛ بسبب الوفرة في انتاج الغاز الصخري.

ولكن تشهد اسعاره الحالية ارتفاعاً مقارنة بأسعار العام الماضي بسبب ارتفاع الطلب المحلي، واقتراب تصدير الولايات المتحدة لغازها على شكل غاز مسال بعد سماح الادارة الامريكية لبعض الشركات بذلك.

ولاشك أن مد انابيب الغاز الطبيعي لآلاف الكيلو مترات عملية شاقة ومكلفة.

ولهذا السبب وبسبب ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي المسال مقارنة بأسعار الغاز الطبيعي المنقولة بواسطة الانابيب أصبحت صناعة الغاز المسال رائجة ومطلوبة.

فبدأنا نلاحظ انه كلما اكتشفت كميات غاز طبيعي في اي مكان في العالم أضحت مشاريع الغاز المسال اولوية للاستثمار في صناعة الغاز كما هو الحال في افريقيا واستراليا وشرق المتوسط والغاز الصخري الأمريكي.

واما بالنسبة للمشاريع المستقبلية للغاز المسال فهي كثيرة واعلاناتها باتت متتالية، ولكن تبقى المشاريع الاسترالية المعلنة هي الأعلى إلى الآن، حيث ستقفز الطاقة الانتاجية لاستراليا من 21 مليون طن في عام 2012م  الى حوالي 82 مليون طن بحلول عام 2017م، وبذلك ستتخطى قطر في انتاج الغاز الطبيعي المسال. ولكن تبقى كلفة انتاج الطن في قطر ارخص بكثير من مثيلاتها في استراليا.

ولقد أعلنت وزارة الطاقة الأمريكية موافقتها على تصدير حوالي 65 مليون طن سنوياً من الغاز الطبيعي المسال المنتج محلياً. وعلى الأغلب سيتم تصدير هذه الكميات ما بين 2016م-2020م.

والجدير بالذكر انه يجري العمل حالياً على توسيع قناة بنما؛ لتتسع لناقلات الغاز المسال الامريكية العملاقة والمتجهة الى اليابان وكوريا والصين. وبذلك فان عهداً جديداً للطاقة قد بدأ يلقي بظلاله على العالم.

ولكن يبقى السؤال الأهم وهو بعد حوالي 5 سنوات سيضيف العالم حوالي 60 مليون طن من الغاز المسال الاسترالي، وحوالي 65 مليون طن من الغاز الصخري المسال الامريكي، وحوالي 20 مليون طن من الدول الافريقية ودول شرق المتوسط وماليزيا ومشروع اكسون في غويانا الجديدة.

وبذلك قد تصل الكميات الجديدة من الغاز الطبيعي المسال الى حوالي 140 مليون طن سنوياً اذا تم الانتهاء من كل المشاريع المعلنة.

واذا ما تمت اضافة هذه الكمية، تصبح طاقة الانتاج العالمية في 2020م حوالي 380 مليون طن سنوياً، وهي زيادة عن الطاقة الحالية بحوالي 60%.

ولذلك وبسبب الزيادة الكبيرة بالمعروض من الغاز المسال قد نشهد انخفاضا قويا للاسعار بمجرد بدء انتاج هذه الكميات الكبيرة من الغاز المسال والتي بكل تأكيد ستغرق الأسواق.

ولا شك ان الغاز الصخري هو القادم الجديد الذي لم يكن على البال ولم يحسب له حساب.

الأكيد ان الانتاج الامريكي لن يسعد الشركات المساهمة بالمشاريع الاسترالية الجديدة أو كل من يخطط لاقامة مصانع غاز مسال جديدة.

نقلا عن جريدة اليوم